المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (260)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (260)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ عَنْ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ
( ش ) : قَوْلُهُ كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ عَنْ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْأَذَانَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَذَلِكَ الْأَذَانُ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِعْدَادِ لِلصَّلَاةِ وَلِيَرْجِعَ الْقَائِمُ وَيَسْتَيْقِظَ النَّائِمُ وَإِنَّمَا كَانَ يُؤَخَّرُ إِلَى فَرَاغِ الْأَذَانِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّهُ كَانَ يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَيَدْعُو عِنْدَ آخِرِهِ فَإِذَا أَكْمَلَ ذَلِكَ عِنْدَ سُكُوتِ الْمُؤَذِّنِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهِيَ صَلَاةٌ يَخْتَصُّ بِهَا ذَلِكَ الْوَقْتُ دُونَ سَائِرِ النَّوَافِلِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ ( فَرْعٌ ) وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَالَ أَصَبْغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هُمَا مِنْ الرَّغَائِبِ وَلَيْسَتَا مِنْ السُّنَنِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ هُمَا مِنْ السُّنَنِ فَمَعْنَى السُّنَّةِ مَا رُسِمَ لِيُحْتَذَى وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ نَدْبًا وَمَعْنَى الرَّغَائِبِ مَا رُغِّبَ فِيهِ وَقَدْ يُرَغَّبُ فِي فِعْلِ الْوَاجِبِ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ مِنْ أَصْحَابِنَا قَدْ أَوْقَعُوا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَلَى مَا تَأَكَّدَ مِنْ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَسْتَحِقُّ بِهِ النَّوَافِلُ الْوَصْفَ بِالسُّنَنِ فَعِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّ السُّنَنَ مِنْهَا كُلُّ مَا تَقَرَّرَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُكَلَّفِ الزِّيَادَةُ فِيهِ بِحُكْمِ التَّسْمِيَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ كَالْوِتْرِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ مِنْ السُّنَنِ وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ السُّنَنَ مِنْ النَّافِلَةِ مَا تَكَرَّرَ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَمَاعَةِ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ فَقَصَرَ عَنْ رُتْبَةِ السُّنَنِ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مِنْ الرَّغَائِبِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ لَيْسَتْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بِسُنَّةٍ وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَقَالَ أَصَبْغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَهِيَ مِنْ الرَّغَائِبِ وَهَذِهِ كُلُّهَا عِبَارَاتُ اصْطِلَاحٍ بَيْنَ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ وَلَا خِلَافَ فِي تَأَكُّدِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَمِنْ شُرُوطِهَا التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَوَاتِ لَهُ وَقْتٌ مَعِينٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيَّنَ بِالنِّيَّةِ كَرَكْعَتَيْ الْعِيدِ



