موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (215)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (215)]

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ ‏ ‏أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ‏ ‏أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ ‏ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏ ‏يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏فَإِذَا خَرَجَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ثَعْلَبَةُ ‏ ‏جَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ ‏ ‏وَقَامَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏يَخْطُبُ أَنْصَتْنَا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنَّا أَحَدٌ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ابْنُ شِهَابٍ ‏ ‏فَخُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ ‏


( ش ) قَوْلُهُ كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَعْنِي الْمُهَجِّرِينَ إِلَى الْجُمُعَةِ يُصَلُّونَ فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقْتَضِي اسْتِقْرَاءَهُ لِلْعَمَلِ وَتَتَبُّعَهُ الْأَخْبَارَ عِنْدَ اتِّصَالِ خُرُوجِهِ عَلَى النَّاسِ بِارْتِقَائِهِ الْمِنْبَرَ وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِرُكُوعٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَرْقَى الْمِنْبَرَ بِإِثْرِ دُخُولِهِ وَلَا يَرْكَعُ لِأَنَّ دُخُولَهُ الْمَسْجِدَ يَمْنَعُ صَلَاةَ النَّافِلَةِ وَيَقْتَضِي الْأَخْذَ فِي الْغَرَضِ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا يَرْكَعُ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ وَأَمَّا مَتَى شَرَعَ فِي الْغَرَضِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ رُكُوعٌ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) قَوْلُهُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ حُكْمُ الْإِمَامِ إِذَا صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنْ يَجْلِسَ وَلَا يُسَلِّمَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شِهَابٍ مَنْ فِعْلِ عُمَرَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ مِمَّنْ إِذَا دَخَلَ رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَوَقَفَ إِلَى جَنْبِهِ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّاسِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعَ النَّاسِ رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ إِذَا جَلَسَ لِلْخُطْبَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسَلِّمُ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يَفْصِلْ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُتَّصِلُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَبَرُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَوْضِعُ شُغُلٍ بِافْتِتَاحِ عِبَادَةٍ فَلَمْ يُشْرَعْ فِيهِ السَّلَامُ عَلَى النَّاسِ كَافْتِتَاحِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِالسَّلَامِ فَيُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ سَمِعَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ حُكْمِ الْمُسَلِّمِ أَنْ يُسْمِعَ الْمُسَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضَهُمْ وَيَلْزَمُ الرَّدُّ عَلَيْهِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا خِلَافَ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا فِي سَائِرِ الْخُطَبِ فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَجْلِسُ لِأَنَّ ارْتِقَاءَ الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ الْجُلُوسُ كَالِارْتِقَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجْلِسُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ إنَّمَا شُرِعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ انْتِظَارًا لِفَرَاغِ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْ الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَا أَذَانَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ فَلَا مَعْنَى لِلْجُلُوسِ فِي أَوَّلِهَا. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَجَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِبَاحَةَ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى صَلَاةٍ حَتَّى إِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ وَهَذَا أَبْيَنُ فِي تَرْكِهِمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَانْتِقَالِهِمْ إِلَى حَالٍ أُخْرَى غَيْرِهَا وَهُوَ الْحَدِيثُ وَأَمَّا الْإِنْصَاتُ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجِبُ الْإِنْصَاتُ إِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْخُطْبَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْصَاتَ إنَّمَا هُوَ لِلْإِصْغَاءِ إِلَى الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْإِمَامُ بِالْخُطْبَةِ لَمْ يُوجَدْ مَا يُصْغَى لَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ بَعْدَ حُكْمِ الْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْإِنْصَاتِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِنْصَاتِ قَدْ لَزِمَ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ عِنْدَ جُلُوسِ عُمَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهِيَ السُّنَّةُ فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُونَ وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ أَنْصَتْنَا يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْخُطْبَةِ الْقِيَامَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ كَمَا تَفْعَلُونَ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ أَنْصَتْنَا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنَّا أَحَدٌ بَيَّنَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْإِنْصَاتِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَلَامَهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ تَفْسِيرٌ لِحَدِيثِ ثَعْلَبَةَ وَتَقْرِيرٌ لِمَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَنَفِّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَخْلُو أَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ قَدْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ الشُّرُوعُ فِيهَا وَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا وَإِنْ دَخَلَ الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقْعُدُ وَلَا يُحْرِمُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ الصَّلَاةُ جَائِزَةٌ إِلَى أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ دُخُولِ الْإِمَامِ وَقَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ لِقُرْبِ ذَلِكَ مِنْ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّنُونَ يُؤَذِّنُونَ فَلَا يُصَلِّي وَإِنْ أَحْرَمَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَلْيُتِمَّهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ وَلَزِمَهُ حُكْمُهَا فَكَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يَرْكَعُ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرْكَعُ مَنْ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ وَالْمُصَلِّي لَا يُمْكِنُهُ الْإِنْصَاتُ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!