المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (212)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (212)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ
( ش ) مَعْنَى الْوُجُوبِ تَأَكُّدُ لُزُومِهِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى مَعْنَى تَأْكِيدِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَيُقَالُ يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَيُكْثِرَ النَّوَافِلَ الْمُوَصِّلَةَ لَهُ إِلَى رِضَاهُ وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ سُلَيْمٍ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طَيِّبًا إِنْ وَجَدَ قَالَ عُمَرُ فَأَمَّا الْغُسْلُ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَأَمَّا الِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَوَاجِبٌ هُوَ أَمْ لَا وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وُجُوبُ الِاسْتِنَانِ وَالطِّيبِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَأَكُّدُ حُكْمِهِ دُونَ إيجَابِهِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ بِمَعْنَى مَنْ يَلْزَمُهُ لِحَقِّهِ فَيُقَالُ يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَنْظُرَ لِنَفْسِهِ وَأَنْ يَتَرَفَّقَ طَرِيقَهُ وَلَا يَصْحَبَ إِلَّا مَنْ يَأْمَنُهُ وَهَذَا اللَّفْظُ فِي الْحَدِيثِ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَعْمَلَ مَعَ الْوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى مَعْنَى تَأْكِيدِ النَّدْبِ إِلَيْهِ وَالثَّانِي وُجُوبُهُ لِمَا يَخُصُّ الْإِنْسَانَ وَيَلْزَمُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ مِنْ التَّجَمُّلِ بَيْنَ أَتْرَابِهِ وَجِيرَانِهِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ تَجَمُّلِهِمْ وَأَخْذِهِ بِالْحَظِّ مِنْ الزِّينَةِ الْمُبَاحَةِ وَلَا يُضَيِّعُ حَظَّهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْوُجُوبِ يَقْتَضِي اللُّزُومَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَلَوْ كَانَ الْوُجُوبُ بِمَعْنَى الْفَرْضِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ لَخُصَّ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَعُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى الْجُنُبِ الرَّائِحِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى وُجُوبِهِ وَأَنَّهُ أَيُّ وَقْتٍ اغْتَسَلَ مِنْ الْيَوْمِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ الْمُتَقَدِّمُ وَمَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ قَالَ ثَعْلَبٌ يُقَالُ إِنْ فَعَلْت كَذَا فَبِهَا وَنِعْمَتْ بِالتَّاءِ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ فَبِهَا ونعمه وَتَقِفُ بِالْهَاءِ وَقَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ ثَعْلَبٍ هُوَ الصَّوَابُ وَأَنْ تَكُونَ التَّاءُ خَطَأً لِأَنَّ الْكُوفِيِّينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ نِعْمَ وَبِئْسَ اسْمَانِ وَالْأَسْمَاءُ يَدْخُلُ فِيهَا الْهَاءُ بَدَلَ تَاءِ التَّأْنِيثِ وَالْبَصْرِيُّونَ يَقُولُونَ هُمَا فِعْلَانِ مَاضِيَانِ وَالْأَفْعَالُ تَلِيهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ وَلَا يَلْحَقُهَا الْهَاءُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ لَا يَنْقُضُهَا الْحَدَثُ فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً كَالطَّهَارَةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّدِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِالِاحْتِلَامِ دُونَ الْإِنْبَاتِ وَهِيَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِالرِّجَالِ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ تَذْكِيرٍ مَعَ أَنَّ الِاحْتِلَامَ مُعْتَبَرٌ فِيهِمْ وَعَامٌّ لَهُمْ وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فِي النِّسَاءِ فَنَادِرٌ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ فِيهِنَّ بِالْحَيْضِ



