موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (211)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (211)]

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ‏ ‏وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏ ‏يَخْطُبُ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنْ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ فَقَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ ‏


( ش ) : قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ إشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ لَيْسَتْ مِنْ سَاعَاتِ الرَّوَاحِ إِلَى الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ طُوِيَتْ فِيهِ الصُّحُفُ وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ فِي خُطْبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَا يَكُونُ لَاغِيًا وَإِنَّ لِمَنْ خَاطَبَهُ الْإِمَامُ أَنْ يُجَاوِبَهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ لَاغِيًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ كَلَّمَهُ الْإِمَامُ فَرَدَّ عَلَيْهِ لَمْ أَرَهُ لَاغِيًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْصَاتَ إنَّمَا هُوَ لِلْإِمَامِ وَالْإِصْغَاءَ إِلَيْهِ وَإِلَى كَلَامِهِ فَإِذَا سَأَلَهُ عَنْ أَمْرٍ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ فَلَيْسَ بِمُفْتَاتٍ عَلَيْهِ وَلَا مُعْرِضٍ عَنْهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا أَنْ يَتَكَلَّمَ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مَا يَأْمُرُ الْإِمَامُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ وَيَسْأَلُ بِسَبَبِهِ وَيُجَابُ عَنْهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْخُطْبَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَبْلِيغُهُ إِلَى الْجَمَاعَةِ وَإِعْلَامُهُمْ بِهِ فَلَا يَجُوزُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ بِالتَّكَلُّمِ كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْخُطْبَةِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الْمُخَاطِبُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَعَا بِذَلِكَ انْقَلَبْتُ مِنْ السُّوقِ فَسَمِعْت النِّدَاءَ إظْهَارٌ مِنْهُ لِعُذْرِهِ الْمُبَاحِ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِيمُ لِعَقْدِ بَيْعٍ أَوْ شُغُلٍ إِلَى وَقْتِ النِّدَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى حِينِ وَقْتِ النِّدَاءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ تَرْكُهُ وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى وَقْتِ الْأَذَانِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَكْرَهُونَ تَرْكَ الْعَمَلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى نَحْوِ تَعْظِيمِ الْيَهُودِ لِلسَّبْتِ وَالنَّصَارَى لِلْأَحَدِ. ‏ ‏( فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ فَمَا زِدْت عَلَى أَنْ تَوَضَّأْت اعْتِذَارٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِ الْفَرْضِ مُبَادَرَةً إِلَى سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَالذِّكْرِ وَقَوْلُ عُمَرَ الْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْت أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ مَعْنَاهُ أَنَّك مَعَ مَا فَاتَكَ مِنْ التَّهْجِيرِ فَاتَتْك فَضِيلَةُ الْغُسْلِ الَّذِي قَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِهِ تَذْكِيرًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَضًّا لَهُ عَلَى أَنْ لَا يَفُوتَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ مِنْ فَضِيلَةِ مَا فَاتَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا أَنَّ عُمَرَ رَأَى اشْتِغَالَهُ بَعْدُ بِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ أَوْلَى مِنْ خُرُوجِهِ إِلَى فَضِيلَةِ الْغُسْلِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْهُ وَلَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ قُعُودَهُ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ مَا مَضَى مِنْ تَرْكِهِ الْغُسْلَ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لَهُ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ وَيَقْتَضِي ذَلِكَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وُجُوبًا يَعْصِي تَارِكُهُ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ عَلَى مَعْنَى التَّأْكِيدِ لِحُكْمِهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ لَسَارَعَ إِلَى الْإِنْكَارِ عَلَى عُثْمَانَ وَالْأَمْرِ بِالْقِيَامِ إِلَى الِاغْتِسَالِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرِ دَاوُدَ فَإِنَّهُ يَقُولُ إِنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ خَبَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمَذْكُورُ فَهُوَ إجْمَاعٌ يَجِبُ الْتِزَامُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!