المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (21)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (21)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَلَمْ يَقْضِ الصَّلَاةَ قَالَ مَالِك وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ ذَهَبَ فَأَمَّا مَنْ أَفَاقَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي
( ش ) :هَذَا الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ حَتَّى انْقَضَى وَقْتُ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُغْمَ عَلَيْهِ إِلَّا عَنْ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ مِنْ آخِرِ وَقْتِهَا وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَضَى الصَّلَاةَ وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْضِ مِنْ الصَّلَاةِ مَا أُخِّرَ وَقْتُهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يُسْقِطُ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَثِيرُهُ فَوَجَبَ أَنْ يُسْقِطَ فَرْضَهَا قَلِيلُهُ كَالْحَيْضِ وَسَوَاءٌ اقْتَرَنَ بِذَلِكَ مَرَضٌ أَوْ عَرَا عَنْهُ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَمَّا مَنْ أَفَاقَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْوَقْتِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الَّتِي أَفَاقَ فِي وَقْتِهَا لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَهَذَا قَدْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُدْرِكًا لِجَمِيعِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْوَقْتُ الَّذِي يُدْرِكُ الصَّلَاةَ بِهِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالْحَائِضُ تَطْهُرُ وَالصَّبِيُّ يَحْتَلِمُ وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَذَلِكَ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِقْدَارَ خَمْسِ رَكَعَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَهَذَا لِلْمُقِيمِ وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الصَّلَاتَيْنِ بِمِقْدَارِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إِلَّا مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَفَاتَتْهُ الظُّهْرُ وَهَذَا حُكْمُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَأَمَّا الْمُقِيمُ فَإِنْ أَدْرَكَ مِقْدَارَ خَمْسِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاتَيْنِ وَإِنْ أَدْرَكَ مِقْدَارَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِأَنَّهُ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعِشَاءِ وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ دُونَ الْمَغْرِبِ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ قَدْ خَرَجَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَصْلَيْنِ إِلَيْهِمَا تَعَدَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَعَلَيْهِمَا تَرَتَّبَتْ وَرُبَّمَا قِيلَ أَحَدُهُمَا أَصْلٌ لِلْآخَرِ فَأَمَّا الْأَصْلُ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ إِنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ بِمِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ وَأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِلْمُقِيمِ يَخْتَصُّ بِالْعَصْرِ لَا مُشَارَكَةَ فِيهِ لِلظُّهْرِ وَإِنَّمَا يَشْتَرِكَانِ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ جَمِيعَ الْوَقْتِ مِنْ الزَّوَالِ وَالْعَصْرِ بِمَا قَبْلَ الْغُرُوبِ لِلتَّرْتِيبِ فَإِذَا سَقَطَ فَرْضُ الْعَصْرِ بِوَجْهٍ مَا وَبَقِيَ فَرْضُ الظُّهْرِ جَازَ أَنْ يُؤَدَّى قَبْلَ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ وَيَكُونُ الْمُصَلِّي لَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِمِقْدَارِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ يَخْتَصُّ بِالْمَغْرِبِ وَمَا قَبْلَ الْفَجْرِ بِمِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ وَأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِلْمُقِيمِ يَخْتَصُّ بِالْعِشَاءِ وَوَقْتِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الِاشْتِرَاكُ مِنْ وَقْتِ الْغُرُوبِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَقْتٌ يَخْتَصُّ بِهَا كَالصُّبْحِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُمَا أَنَّ الْأُولَى تَسْقُطُ فَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مُدْرِكًا لَهُمَا وَأَنْ تَسْقُطَ الْآخِرَةُ لِتَقَدُّمِ الْأُولَى فِي الرُّتْبَةِ فَلَمَّا سَقَطَتْ الْأُولَى مَعَ تَقَدُّمِهَا وَثَبَتَتْ الثَّانِيَةُ مَعَ تَأَخُّرِهَا ثَبَتَ أَنَّ الْوَقْتَ لِلثَّانِيَةِ خَاصَّةً دُونَ الْأُولَى يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا إِذَا اجْتَمَعَتَا قُدِّمَتْ الْأُولَى عَلَى كُلِّ حَالٍ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا وَقْتُ الْعَصْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَقْتًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الظُّهْرِ أَصْلُهُ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ السَّفَرَ لَا يَنْقُلُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُلَ الظُّهْرَ إِلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا الْفَجْرَ إِلَى مَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ بِمِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ فِي الْحَضَرِ لَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ وَقْتًا لَهُمَا فِي السَّفَرِ وَالْأَصْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إِذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاتَيْنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إدْرَاكُ وَقْتِهَا بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا أَوَّلًا أَوْ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْآخِرَةِ أَوَّلًا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْأُولَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَعْتَبِرُ أَوَّلًا بِإِدْرَاكِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يُفِيقَ مُغْمًى عَلَيْهِ لِمِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْأُولَى فَإِنَّهُ مُدْرِكٌ لِوَقْتِ الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لِلْمَغْرِبِ ثُمَّ رَكْعَةً مِنْ الْعِشَاءِ وَإِنْ قُلْنَا يَبْدَأُ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ مُدْرِكٌ لِوَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ النَّظَرَ فِي وَقْتِ الصَّلَاتَيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَسَبِ أَدَائِهَا مِنْ التَّرْتِيبِ فَيَكُونَ أَوَّلًا فِي الْمَغْرِبِ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَتَنَاوَلُهَا قَبْلَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْعِشَاءَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ آخِرَ الصَّلَاتَيْنِ أَحَقُّ بِآخِرِ الْوَقْتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُمَا تَسْقُطُ الْأُولَى فَكَانَ الِاعْتِبَارُ فِي الْوَقْتِ بِالثَّانِيَةِ مِنْهُمَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهَا مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ كَانَ لِلْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ سَقَطَتْ الْأُولَى ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي تُحَصِّلُ بِهِ الْحَائِضُ مُدْرَكَةً لِلْوَقْتِ أَنْ تَكْمُلَ طَهَارَتُهَا وَتَتَمَكَّنَ مِنْ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْهُ مِقْدَارُ خَمْسِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِنْ كَانَتْ مُقِيمَةً أَوْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ إِنْ كَانَتْ مُسَافِرَةً وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ بِوَقْتِ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ كَمَالِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ يَبْلُغُ فَأَمَّا الْكَافِرُ يُسْلِمُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ يُرَاعِي وَقْتَ إسْلَامِهِ دُونَ فَرَاغِهِ مِنْ طَهُورِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِضِ أَنَّهُ عَاصٍ بِتَرْكِ الطَّهُورِ وَالصَّلَاةِ وَلَا تَعْصِي بِذَلِكَ الْحَائِضُ وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَأَجْرَاهُ مَالِكٌ مَجْرَى الْحَائِضِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ غَيْرُ مَلُومٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ كَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ قَالَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حِينَ يُفِيقُ مِنْ الصَّلَاةِ كَالْكَافِرِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْمُحْدِثِ وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْتَسِلَ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَلِمُنَازِعِهِ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ حَدَثَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَاَلَّتِي انْقَطَعَ عَنْهَا دَمُهَا وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ يُسْلِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ كَالْحَائِضِ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ غُسْلِهَا وَكَذَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ عَنْ أَصْبَغَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ الْإِسْلَامِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ إسْلَامِهِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ أَنَّ مُغْمًى عَلَيْهِ أَفَاقَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا قَبْلَ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ الَّتِي نَسِيَ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقْتٌ لِلصَّلَاتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَقْتَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ الْوَقْتِ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُصَلِّي ظُهْرًا وَلَا عَصْرًا وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى يُصَلِّي مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ وَرَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ثَلَاثُ صَلَوَاتٍ اسْتَوْعَبَ الصَّلَاةَ الْأُولَى لِلْوَقْتِ وَسَقَطَ فَرْضُ مَا بَعْدَهَا لَمَّا كَانَتْ أَحَقَّ مِنْهَا بِالْوَقْتِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مُغْمًى عَلَيْهِ أَدْرَكَ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَلَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهِمَا الْفَائِتَةُ لِلتَّرْتِيبِ لَا لِأَنَّ الْوَقْتَ مُخْتَصٌّ بِهَا وَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ فَرْضَ الظُّهْرِ وَهَذَا حُكْمُ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَطُهْرِ الْحَائِضِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَأَمَّا مَا يَطْرَأُ مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالْحَيْضِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ فَرْضَ الصَّلَاةِ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا مِقْدَارَ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ فَقَدْ طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُقِيمٌ لِمِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لِمِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمِقْدَارِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ فِي الْمُقِيمِ أَوْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فِي الْمُسَافِرِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِمِقْدَارِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ لِلْمُقِيمِ قَبْلَ الْفَجْرِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ كَانَ لِمِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَسْقُطُ فَرْضُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يَسْقُطُ فَرْضُ الْعِشَاءِ وَيَقْضِي الْمَغْرِبَ وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَطَرَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِمِقْدَارِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي إسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدٍ يَسْقُطُ فَرْضُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ جَمِيعَ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَمِقْدَارَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمَغْرِبِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَسْقُطُ فَرْضُ الْعِشَاءِ وَيَقْضِي الْمَغْرِبَ ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ طَرَأَ ذَلِكَ عَلَى مُقِيمٍ لِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَهُوَ نَاسٍ لِلْعَصْرِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُهَا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا الظُّهْرَ مُصَلِّيًا لِلْعَصْرِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَقْضِي الظُّهْرَ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا وَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْضِي الظُّهْرَ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ وَقْتُهَا قَبْلَ الْإِغْمَاءِ فَرِوَايَةُ عِيسَى وَسَحْنُونٍ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ وَرِوَايَةُ يَحْيَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ يَخْتَصُّ بِالْعَصْرِ وَأَخَذَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالِاحْتِيَاطِ فَإِذَا كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي رِوَايَةِ عِيسَى وَسَحْنُونٍ أَخَذَ بِهَا وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَإِذَا كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى أَخَذَ بِهَا وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَلَوْ صَلَّتْ امْرَأَةٌ الظُّهْرَ بِثَوْبٍ نَجِسٍ وَالْعَصْرَ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ ثُمَّ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ مِنْ النَّهَارِ لَمْ تَقْضِ الظُّهْرَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَضَتْهَا فِي قَوْلِ الْآخَرِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ