المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (207)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (207)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطٍ لَهُ بِالْقُفِّ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ الثَّمَرِ وَالنَّخْلُ قَدْ ذُلِّلَتْ فَهِيَ مُطَوَّقَةٌ بِثَمَرِهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ ثَمَرِهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَلَاتِهِ فَإِذَا هُوَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَقَالَ لَقَدْ أَصَابَتْنِي فِي مَالِي هَذَا فِتْنَةٌ فَجَاءَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ هُوَ صَدَقَةٌ فَاجْعَلْهُ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ فَبَاعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِخَمْسِينَ أَلْفًا فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَالُ الْخَمْسِينَ
( ش ) : قَوْلُهُ بِالْقُفِّ الْقُفُّ مَا صَلُبَ مِنْ الْأَرْضِ وَاجْتَمَعَ وَأَصْلُ الْقُفُوفِ الِاجْتِمَاعُ وَمِنْهُ قَفَا شَعْرِك أَيْ اجْتَمَعَ وَتَقَبَّضَ وَقَوْلُهُ قَدْ ذُلِّلَتْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى مَعْنَى ذُلِّلَتْ مَالَتْ الثَّمَرَةُ بِعَرَاجِينِهَا فَبَرَزَتْ وَصَارَتْ كَالطَّوْقِ لِلنَّخْلَةِ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّخْلَ تُجْمَعُ عَرَاجِينُهَا بِحَبْلٍ أَوْ شَيْءٍ فَتَبْرُزُ الثَّمَرَةُ فَتَبِينُ لِلْخَرْصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ تُفْتَلُ عَرَاجِينُهَا لِتُثْمِرَ وَرَوَى عِيسَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِيَتَمَكَّنَ الْخِرْصُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ الثَّمَرَةَ إِذَا عَظُمَتْ وَبَلَغَتْ حَدَّ النُّضْجِ ثَقُلَتْ فَمَالَتْ بِعَرَاجِينِهَا فَهُوَ مَعْنَى تَذْلِيلِهَا وَهُوَ فِيمَا يَقَعُ فِي نَفْسِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ هُوَ صَدَقَةٌ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِانْفِرَادِهَا تَقْتَضِي الْبِرَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ صَدَقَةً لِلَّهِ وَلِذَلِكَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ اعْتِصَارُ صَدَقَتِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّ لَهُ اعْتِصَارَهَا حَتَّى يَقُولَ هِبَةٌ لِلَّهِ وَتُفَارِقُ الصَّدَقَةُ الْهِبَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ صَدَقَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ كَمُلَتْ الصَّدَقَةُ وَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى ذِكْرِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْهِبَةُ تَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيِّنٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَوْ عَرَفُوا ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَلْزَمَ ذَلِكَ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ



