المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (195)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (195)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي انْصَرَفَ وَخَرَجَ عَنْهَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَتْ رُبَاعِيَّةً عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَأَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْكَارًا لِفِعْلِهِ مَعَ أَنَّهُ شَرَعَ الشَّرَائِعَ وَعَنْهُ تُؤْخَذُ الصَّلَاةُ إِلَّا أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ جَوَّزَ عَلَيْهِ النِّسْيَانَ وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ فِيهَا تَقْصِيرٌ فَطَلَبَ مِنْهُ بَيَانُ ذَلِكَ فَصَادَفَ سُؤَالُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقِينًا أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ كَمُلَتْ أَوْ شَكًّا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ وَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ يَتَيَقَّنُ كَمَالَ صَلَاتِهِ فَيَسْتَشْهِدُ عَلَى رَدِّ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ الصَّلَاةَ وَبَيَّنَ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَيَقُّنًا لِتَمَامِ صَلَاتِهِ وَلَوْ كَانَ شَاكًّا فِي تَمَامِ صَلَاتِهِ وَكَمَالِهَا لَأَخَذَ فِي الْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فِيهِ وَلَا الْتَزَمَ مِنْ الصَّمْتِ مَا يَلْتَزِمُهُ الْمُصَلِّي فَلَمَّا أَخْبَرَ الصَّحَابَةُ بِتَصْدِيقِ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ أَوْ الذِّكْرُ فَأَخَذَ فِي إتْمَامِ صَلَاتِهِ وَالْتِزَامُ الصَّمْتِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا مَا لَمْ تَدْعُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ لِسَبَبِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَقَدْ الْيَدَيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَيَقَّنَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ بِخَبَرِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ الصَّلَاةَ فَلَمَّا صَدَّقُوا ذَا الْيَدَيْنِ وَتَيَقَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ لَمْ تَتِمَّ أَخَذَ فِي إتْمَامِهَا وَالْتَزَمَ شُرُوطَهَا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْكَلَامُ مَعَ الشَّكِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَاعْتَقَدَ الْخُرُوجَ مِنْهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا فَحُدُوثُ الشَّكِّ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ إلَيْهَا وَهَذَا أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ تَرِدُ لِأَصْحَابِنَا مَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى يَقِينٍ مُؤَثِّرٌ وَتَرِدُ مَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ ثُمَّ شَكَّ بَنَى عَلَى يَقِينِهِ فَإِنْ سَأَلَ مَنْ خَلْفَهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلْيُتِمَّ مَا بَقِيَ وَيُجْزِيهِمْ وَلَوْ كَانَ الْفَذُّ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ عَلَى يَقِينٍ ثُمَّ شَكَّ فَقَدْ قَالَ أَصْبُغُ لَا يَسْأَلُ مَنْ حَوْلَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَخْطَأَ بِخِلَافِ الْإِمَامِ الَّذِي يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَى يَقِينِ مَنْ مَعَهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الْيَقِينِ مُؤَثِّرٌ وَيُوجِبُ الرُّجُوعَ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجْعَلُوا لَهُ حُكْمَ الشَّكِّ دَاخِلَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَوْ شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَإِنْ فَعَلَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ ثُمَّ سَأَلَهُمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْوَاضِحَةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُجْزِيهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ حُكْمَ الشَّاكِّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى يَقِينِهِ وَيُتِمَّ صَلَاتَهُ فَإِذَا سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ فَقَدْ أَبْطَلَ صَلَاتَهُ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الْكَلَامَ وَقَطَعَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتٍ يَلْزَمُهُ التَّمَادِي فِيهَا وَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ سَلَامٌ لَوْ قَارَنَهُ تَيَقُّنٌ بِتَمَامِ الصَّلَاةِ كَمُلَتْ الصَّلَاةُ فَإِذَا قَارَنَهُ شَكٌّ ثُمَّ تَيَقَّنَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَجَبَ أَنْ يُكْمِلَ بِهِ الصَّلَاةَ أَصْلُ ذَلِكَ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ عَلَى وُضُوئِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تُجْزِئُهُ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ يَقْتَضِي أَحَدَ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ سَلَّمَ وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ مَا قَالَ فَمَنْ كَانَ هَذَا حَالَهُ فَذَكَرَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي صَلَاتِهِ فَهَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِئْنَافِ الْهَيْئَةِ شَيْءٌ وَأَمَّا إِنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَعَادَ إِلَى الْجُلُوسِ لَمَّا عَلِمَ بِالسَّهْوِ ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلَاتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ مِنْ صَلَاتِهِ فِي حَالِ جُلُوسِهِ فَكَانَ قِيَامُهُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَقِيَامُهُ لِلصَّلَاةِ مُسْتَحِقٌّ فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي تَحَلَّلَ مِنْ صَلَاتِهِ فِيهَا ثُمَّ يَكُونُ قِيَامُهُ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يَجْلِسُ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ النُّهُوضَ مُسْتَحِقٌّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْهُ فِي الصَّلَاةِ وَبِذَلِكَ احْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ هَذَا وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَالنُّهُوضُ إِلَى الْقِيَامِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ إِذَا فَاتَ مَحِلُّهُ بِالْقِيَامِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ دَخَلَ بِإِحْرَامٍ وَلَمْ يَجْلِسْ وَهَذَا مُطَّرِدٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ نَافِعٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لِلرَّكْعَتَيْنِ قَدْ انْقَضَى وَالْقِيَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَالْقِيَامِ بَعْدَ السُّجُودِ مِنْ رَكْعَةٍ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَيَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ إِذَا لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ الْإِمَامُ بِالتَّسْبِيحِ مَوْضِعَ السَّهْوِ أَنْ يُكَلِّمَهُ بِذَلِكَ وَيُعْلِمَهُ بِمَوْضِعِ السَّهْوِ وَلَا يُفْسِدَ ذَلِكَ صَلَاتَهُ عَلَى نَحْوِ مَا فَعَلَ ذُو الْيَدَيْنِ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءٍ كَانَ سَهْوُهُ فِي ذَلِكَ فِي سَلَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ السَّهْوِ وَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ تَنَاظَرَ شُيُوخُنَا بِالْعِرَاقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَنْ سَهَا فَسَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ عَلَى مِثْلِ خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ وَهَذَا الْحُكْمُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَإِنْ فَعَلَهُ أَحَدٌ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ الْيَوْمَ وَمَنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَمْنُوعًا الْيَوْمَ وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْإِجَابَةِ يَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً مِنْ غَيْرِهَا وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُبَيٍّ إذْ لَمْ يُجِبْهُ حِينَ دَعَاهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَنَبَّهَهُ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ هُوَ الْأَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَالتَّكْبِيرُ لِلرُّجُوعِ إِلَى الصَّلَاةِ مُسْتَحِقٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ بِإِحْرَامٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ لَمْ يُكَبِّرْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْهَا بِالسَّلَامِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهَا إِلَّا بِإِحْرَامٍ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ نُكْتَةً عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَقَامِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِذَا رَجَعَ إِلَى صَلَاتِهِ بِالْقُرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا وَإِنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ السَّلَامُ فَقَطْ فَهُوَ كَلَامٌ تَكَلَّمَ بِهِ فِي حَالِ صَلَاتِهِ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ يُجَدِّدُهُ وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ لَمْ يَنْصَرِفْ مِنْ مَوْضِعِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَالْمُنْصَرِفِ وَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ أَنَّ السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ سَهْوٌ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّحَلُّلَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا فَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ إحْرَامٍ يَعُودُ بِهِ إِلَى صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّحَلُّلُ مِنْهَا وَالثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ بِسَلَامِهِ التَّحَلُّلَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ صَلَاتَهُ فَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى إحْرَامٍ يَعُودُ بِهِ إِلَى صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَإِلَّا كَانَ بِنَاؤُهُ عَارِيًا مِنْ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا الَّذِي يَتَكَلَّمُ سَاهِيًا فَلَا يَقْصِدُ التَّحَلُّلَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَأَبْطَلَ صَلَاتَهُ وَأَمَّا مَا اعْتَبَرَهُ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْأَفْعَالَ لَا يَقَعُ التَّحَلُّلُ بِهَا فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي وُجُوبِ الْإِحْرَامِ. ( فَرْعٌ ) وَمَتَى يُكَبِّرُ حَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نُكَتِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَجْلِسُ قَالَ رَوَاهُ بَعْضُ الأندلسيين وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ التَّكْبِيرِ عَنْ وَقْتِ ذِكْرِهِ وَحَكَى ابْنُ شَبْلُونٍ أَنَّهُ يَجْلِسُ أَوَّلًا ثُمَّ يُكَبِّرُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكَبِّرُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ عَلَيْهَا صَلَاتَهُ وَهُوَ الْجُلُوسُ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الطُّلَيْطلِيِّ فِيمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ أَنَّهُ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً يَنْوِي بِهَا الرُّجُوعَ إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً أُخْرَى يَقُومُ بِهَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ يُفِيدُ اعْتِدَادَهُ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَإِضَافَةُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ إِلَيْهِمَا لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَشُكُّ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّى بَعْدَ سَهْوِهِ غَيْرُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّى قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْقَضَاءِ وَالْبَدَلِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَنْ يُصَلِّيَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا وَالْإِضَافَةِ إِلَيْهِمَا احْتَاجَ إِلَى أَنْ يُبَيِّنَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَلَّاهُمَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَسَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ بَيَانٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ كَانَتَا بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ وَبَيَانٌ وَاضِحٌ فِي مِقْدَارِ سُجُودِهِ فِيهِمَا وَأَنَّهُمَا كَسُجُودِهِ فِي صَلَاتِهِ أَوْ أَطْوَلَ وَقَدْ بَيَّنَ مَعَ ذَلِكَ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا وَالرَّفْعَ مِنْ آخِرِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ التَّشَهُّدَ بَعْدَهُمَا وَلَا السَّلَامَ مِنْهُمَا وَيَقْتَضِي ذَلِكَ التَّكْبِيرَ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ التَّكْبِيرَ وَالسَّلَامَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَيَفْعَلُونَ كَفِعْلِهِ



