المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (164)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (164)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ قُمْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ
( ش ) : قَوْلُهُ قُمْت وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يُرِيدُ الْقِيَامَ وَرَاءَهُمْ فِي الصَّفِّ وَذَلِكَ هَيْئَتُهُ وَهُوَ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ الْوُقُوفَ الْمُعْتَادَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الِاعْتِمَادِ عَلَى رِجْلَيْهِ جَمِيعًا فَيَقْرِنُهُمَا وَيُحَرِّكُهُمَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يُرَوِّحَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَيَعْتَمِدَ عَلَى الْأُخْرَى وَيُقَدِّمَ إحْدَاهُمَا وَيُؤَخِّرَ الْأُخْرَى لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْوُقُوفُ الْمُعْتَادُ الْعَارِي عَنْ الِاسْتِعْمَالِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ يَقْتَضِي نَفْيَ ذَلِكَ جُمْلَةً وَذَلِكَ يَكُونُ فِي وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُخْبِرَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ فِعْلِهِ فِي السِّرِّ وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى اهْتِمَامِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رحمه الله بِهَذَا الْحُكْمِ وَتَتَبُّعِ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ فِيهِ وَالثَّانِي فِيمَا جَهَرُوا وَذَلِكَ أَنْ يَسْمَعَ قِرَاءَتَهُمْ لِأُمِّ الْقُرْآنِ بِإِثْرِ فَرَاغِهِمْ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَيَعْلَمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْرَؤُهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ تَرْكِ قِرَاءَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَقْرَؤُهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطِ إِنْ جَهَرَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ بِهَا فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا يَجْهَرُ بِهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَصْلٍ بُنِيَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا رحمه الله ذَهَبَ إِلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دِلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَقَامُوا لِلنَّاسِ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَقْرَؤُنَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَوْ كَانَتْ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ لَمَا جَازَ إقْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَرَكُوا قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ لَمَا أُقِرُّوا عَلَى ذَلِكَ فَتَرْكُهُمْ لِلْقِرَاءَةِ بِهَا وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَإِجْمَاعٌ مُسْتَقِرٌّ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ مِنْهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلْقَى الْقُرْآنَ إِلَى أُمَّتِهِ إلْقَاءً شَائِعًا يُوجِبُ الْحُجَّةَ وَيَقْطَعُ الْعُذْرَ وَيُثْبِتُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ وَيَمْنَعُ الِاخْتِلَافَ وَالتَّشَكُّكَ وَيُوجِبُ تَكْفِيرَ مَنْ جَحَدَ حَرْفًا مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا طَرِيقَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ وَلَمْ يَقَعْ لَنَا بِهِ الْعِلْمُ وَلَا يُوجِبُ جَحْدُ ذَلِكَ تَكْفِيرَ مَنْ جَحَدَهُ فَوَجَبَ بِأَنْ لَا يَكُونَ قُرْآنًا وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالنَّقْلِ وَلَا يَخْلُو إثْبَاتُكُمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ أَوْ بِآحَادٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَبَلَغَنَا كَمَا بَلَغَكُمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ آحَادٍ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَإِذَا بَطَلَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ آيَةً مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ فَخَبَرُ حُمَيْدٍ الْمَذْكُورُ وَهُوَ إجْمَاعٌ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ الْمُنْكِرِ عَلَيْهِ وَالْمُخَالَفِ لَهُ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي بِنِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدَيْ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ثُمَّ ذَكَرَ آيَ أُمِّ الْقُرْآنِ حَتَّى أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا وَمَا يُقَالُ لِلْعَبْدِ عِنْدَ قِرَاءَةِ كُلِّ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا قِرَاءَةُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي النَّوَافِلِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ شُيُوخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُقْرَأَ بِهَا فِي النَّافِلَةِ فِي أَوَّلِ الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ يُقْرَأُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَزَادَ إِلَّا أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَيُؤْمَرَ أَنْ يَفْصِلَ بِهَا بَيْنَ السُّوَرِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَيَقْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ إِلَّا سُورَةَ بَرَاءَةٌ


