المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (149)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (149)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ يَكُونُ بِالنُّطْقِ بِالتَّكْبِيرِ وَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى النُّطْقِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَفْعَالُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْوُجُوبِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يُجْزِئُ مِنْ النُّطْقِ غَيْرُ التَّكْبِيرِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلُّ لَفْظٍ فِيهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوُ اللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَاَللَّهُ الْكَبِيرُ وَاَللَّهُ الْعَظِيمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ عَرَا مِنْ لَفْظِ التَّكْبِيرِ وَبِنِيَّتِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ إحْرَامًا بِالصَّلَاةِ أَصْلُ ذَلِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَلَيْسَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ فَضَائِلِهَا التَّوْجِيهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ صَلَّيْت مَعَ مَالِكٍ فِي بَيْتِهِ فَكَانَ يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنْ أَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ فَيَقُولُ جَاهِلٌ هَذَا مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا التَّكْبِيرُ فَلَا يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ اللَّهُ الْأَكْبَرُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ غَيَّرَتْ مِنْ بِنْيَةِ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَمَنَعَتْ صِحَّةَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِهَا أَصْلُ ذَلِكَ اللَّهُ أَكْبَرُ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فِي الرَّفْعِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا بَيَانُ مَوَاضِعِ الرَّفْعِ فَالْخِلَافُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَهَا مَشْرُوعٌ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَصْحَابُنَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَانَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ ضَعِيفًا إِلَّا فِي الِافْتِتَاحِ وَصَرَّحَ بِهَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا ذُكِرَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ فَكَانَ مِنْ حُكْمِهِ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ عَمَلٌ كَالسَّلَامِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّكْبِيرَ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ عَمَلٍ قُرِنَ بِهِ لِلِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ عَمَلٌ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ قَرَنَ بِهِ رَفْعَ الْيَدَيْنِ كَمَا قَرَنَ بِالسَّلَامِ الْإِشَارَةَ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ إِلَى الْيَمِينِ ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الثَّانِي فَعِنْدَ الِانْحِطَاطِ لِلرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعَ مِنْهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْهُ الرَّفْعَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَتَعَلَّقَ أَصْحَابُنَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّهْشَلِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ لَا يَعُودُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا تَكْبِيرٌ لِلِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ الْجُلُوسِ إِلَى السُّجُودِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرَّكْعَةِ تَكْبِيرَةٌ تَجْعَلُ مُدْرِكَهَا مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى فَشُرِعَ فِيهَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا التَّكْبِيرُ عِنْدَ السُّجُودِ فَلَمْ يُشْرَعْ الرَّفْعُ مَعَهُ وَقَدْ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ لَا تَثْبُتُ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا نِهَايَةُ الرَّفْعِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يَرْفَعُ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَرْفَعُ إِلَى أُذُنَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى نِهَايَةِ الرَّفْعِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ وَفِيهِ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَأَمَّا مَا رَوَى مَالِكٌ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ فَلَنَا عَلَى ذَلِكَ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا التَّرْجِيحُ وَالثَّانِي الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فَأَمَّا التَّرْجِيحُ فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ مِنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّا نَقُولُ كَانَ يُحَاذِي بِكَفَّيْهِ مَنْكِبَيْهِ وَبِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ أُذُنَيْهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ إطْرَاحِ أَحَدِهِمَا ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا صِفَةُ الرَّفْعِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ شُيُوخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ أَنْ تَكُونَ يَدَاهُ قَائِمَتَيْنِ تُحَاذِي كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ وَأَصَابِعُهُ أُذُنَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُمَا تَكُونَانِ مَنْصُوبَتَيْنِ ظُهُورُهُمَا إِلَى السَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا إِلَى الْأَرْضِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَوْلَى لِأَنَّا نَتَمَكَّنُ بِذَلِكَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التَّكَلُّفِ وَأَيْسَرُ فِي الرَّفْعِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْ يَحْيَى رَفْعَهُمَا عِنْدَ الِانْحِنَاءِ لِلرُّكُوعِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو مُصْعَبٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُوَطَّأِ وَزَادَ الرَّفْعَ عِنْدَ الِانْحِنَاءِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُمْ وَقَوْلُهُمْ أَوَّلًا لِأَنَّهُمْ زَادُوا وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ


