المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (125)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (125)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْقَعْقَاعَ بْنَ حَكِيمٍ وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ أَرْسَلَاهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُهُ كَيْفَ تَغْتَسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَقَالَ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ اسْتَثْفَرَتْ
( ش ) : قَوْلُهُ كَيْفَ تَغْتَسِلُ يَقْتَضِي صِفَةَ غُسْلِهَا وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ السُّؤَالُ عَنْ وَقْتِ اغْتِسَالِهَا وَلِذَلِكَ جَاوَبَهُ سَعِيدٌ بِوَقْتِ الْغُسْلِ دُونَ صِفَتِهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنِّي لَأَظُنُّ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ فَقَلَبَهَا النَّاسُ فَقَالُوا مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هُودُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَا إنَّمَا هُوَ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ رحمه الله لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِوَقْتِ الظُّهْرِ مَعْنًى يَقْتَضِي اغْتِسَالَهَا فَرَأَى أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ صُحِّفَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَصْلُهُ مَا ذَكَرَهُ وَذَلِكَ لِمَنْ تُمَيِّزُ الدَّمَ فَتَغْتَسِلُ إِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ الْأَسْوَدُ أَوْ حُكِمَ بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ لِتَمَادِيهِ فَالِاغْتِسَالُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَقَدْ بَيَّنَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ فَقَالَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ حَافِظٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ شَرَعَ لَهَا الْغُسْلَ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَجْدِيدًا لِلنَّظَافَةِ وَذَلِكَ الْوَقْتُ أَحَقُّ بِالْغُسْلِ لِمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْحَرِّ وَكَثْرَةِ الْعَرَقِ وَظُهُورِ الرَّائِحَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إِلَى إزَالَتِهَا وَخِفَّةِ الْغُسْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلِذَلِكَ شُرِعَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ دُونَ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا ذَلِكَ عَرَقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَهَذَا يَنْفِي وُجُوبَ الْغُسْلِ كَسَائِرِ الْعُرُوقِ ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ غُسْلٌ فَهَلْ يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهُ مَا يَكُونُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَهَذَا يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ وَمِنْهُ مَا يَتَكَرَّرُ بِالسَّاعَاتِ فَيُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَلَا يَجِبُ وَدَلِيلُنَا عَلَى نَفْيِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ دَمٌ لَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْوُضُوءُ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ



