المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (114)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (114)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا
( ش ) : قَوْلُهُ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ وَإِنْ كَانَ لَفْظًا عَامًّا فَهُوَ خَاصٌّ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَلَى عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ انْصَرَفَ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ إِلَى الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْوَطْءِ فَكَانَ السُّؤَالُ عَلَى مَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا لِمَا عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعُ مِنْ وَطْئِهَا فِي الْفَرْجِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَانْصَرَفَ الِاعْتِزَالُ أَيْضًا إِلَى اعْتِزَالِ وَطْءٍ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَعَلِمَ هَذَا السَّائِلُ أَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَالْمُبَاشَرَةِ لَهَا وَالْقُبَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ مُبَاحٌ فَطَلَبَ تَحْدِيدَ الْمُبَاحِ وَتَمْيِيزَهُ مِنْ الْمَحْظُورِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَك بِأَعْلَاهَا جَوَابٌ لِلسَّائِلِ وَنَصٌّ مِنْهُ لَهُ عَلَى الْمُبَاحِ بِأَنَّهُ مَا فَوْقَ الْمِئْزَرِ وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ تَحْتَ الْإِزَارِ فِي فَرْجٍ وَلَا غَيْرِهِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَذَهَبَ أَصْبَغُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا تَحْتَ الْإِزَارِ فِيمَا عَدَا الْفَرْجَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قوله تعالى قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ اعْتِزَالَهُنَّ بِالْوَطْءِ فَيَجِبُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَاسْتِدْلَالِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الْحَيْضِ إنَّمَا مُنِعَ لِمَوْضِعِ أَذَى الدَّمِ أَنْ يَنَالَ الرَّجُلَ أَوْ يُصِيبَهُ وَلَا يُؤْمَنُ ذَلِكَ فِيمَا دُونَ الْإِزَارِ وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الْإِزَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْمَنُ بِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْوَطُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مُحْتَمَلٌ إِذَا أُمِنَ الدَّمُ ( فَصْلٌ ) فَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ فِي وَقْتِ الْحَيْضِ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَثِمَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ عَلَيْهِ دِينَارٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لَا لِحُرْمَةِ عِبَادَةٍ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ كَفَّارَةٌ كَالزِّنَا



