المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (103)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (103)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ ثُمَّ غَدَا إِلَى أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَقَالَ إِنَّا لَمَّا أَصَبْنَا الْوَدَكَ لَانَتْ الْعُرُوقُ فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ الْاحْتِلَامَ مِنْ ثَوْبِهِ وَعَادَ لِصَلَاتِهِ
( ش ) : قَوْلُهُ إنَّا لَمَّا أَصَبْنَا الْوَدَكَ لَانَتْ الْعُرُوقُ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا وُلِّيَ كَانَ يَرِدُ عَلَيْهِ أَعْيَانُ النَّاسِ وَالْعَرَبِ مِنْ الْبِلَادِ وَكَانَ يُطْعِمُهُمْ وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ اسْتِئْلَافًا لَهُمْ وَالْمَشْهُورُ مِنْ حَالِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ بِالْوِلَايَةِ وَلَا كَانَ يَصْطَنِعُ لِمَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ إِلَّا مِثْلَ مَا كَانَ يَأْكُلُهُ تَعْلِيمًا لَهُمْ وَإِنْكَارًا عَلَى النَّاسِ السَّرَفَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ فِي جَهْدٍ مِنْ الْجَدْبِ فَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْوَدَكِ وَالسَّمْنِ لِيَكُونَ حَالُهُ فِي الْقِلَّةِ حَالَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ ضَرَبَ بَطْنَهُ وَقَالَ لَأَصْبِرَنَّ عَلَى أَكْلِ الزَّيْتِ مَا دَامَ السَّمْنُ يُبَاعُ بِالْأَوَاقِي وَأَنَّهُ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ سَمْنًا حَتَّى يَنَالَهُ جَمِيعُ النَّاسِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ أَخْصَبُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَعَادَ إِلَى أَكْلِ السَّمْنِ وَالْوَدَكِ فَكَثُرَ عَلَيْهِ الِاحْتِلَامُ فَقَالَ لَمَّا إنَّا أَصَبْنَا الْوَدَكَ لَانَتْ الْعُرُوقُ وَكَانَ قَبْلَ الْخِلَافَةِ إِذَا أَصَابَ الْوَدَكَ وَالْخِصْبَ نَالَ مِنْ النِّسَاءِ مَا يَقْطَعُ عَنْهُ الِاحْتِلَامَ فَلَمَّا وُلِّيَ الْخِلَافَةَ وَاشْتَغَلَ عَنْ الْإِكْثَارِ مِنْ الْجِمَاعِ وَنَالَ الْوَدَكَ أَصَابَهُ الِاحْتِلَامُ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَعَادَ لِصَلَاتِهِ يُرِيدُ قَضَاءَ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَأَمَّا مَنْ كَانَ صَلَّى بِصَلَاتِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ فَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا فَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ فَاسِدَةٌ وَرَوَى ابْنُ الْحَكَمِ فِي الْمُوَلَّدَات عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ صَحِيحَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فَاسِدَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي حَاوِيهِ أَنَّ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِجَنَابَتِهِ حَدِيثُ عَطَاءٍ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اُمْكُثُوا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى جِلْدِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ عَنْ الْكَلَامِ إِلَى الْإِشَارَةِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ أَعُمُّ وَأَبْيَنُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى إِلَّا لِتَصْحِيحِ صَلَاةِ مَنْ خَلْفَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ غَيْرُهَا وَلَا مَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ مِنْ الْحَدَثِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يُفْسِدْ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَالِمًا بِجَنَابَتِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَحَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ أَنَّهُ يُعِيدُ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ أَبَدًا وَهَذَا إِذَا تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ جُنُبًا فَاسِقٌ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَعْنَى لَوْ عَلِمَهُ الْمَأْمُومُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَإِذَا عَلِمَهُ الْإِمَامُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ كَالْكُفْرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ابْتِدَاءَ حَدَثِ الْإِمَامِ عَامِدًا يُبْطِلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ وَابْتِدَاءَهُ سَهْوًا وَغَلَبَةً لَا يُبْطِلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ فَكَذَلِكَ اسْتِدَامَةُ الصَّلَاةِ بِهِ عَمْدًا تُبْطِلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ وَاسْتِدَامَةُ ذَلِكَ سَهْوًا لَا تُبْطِلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ



