المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن الدارمي) - [الحديث رقم: (645)]
(سنن الدارمي) - [الحديث رقم: (645)]
 أَخْبَرَنَا  يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ  حَدَّثَنَا  مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْكُمَيْتِ  حَدَّثَنَا  عَلِيُّ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ  حَدَّثَنَا  الضَّحَّاكُ بْنُ مُوسَى  قَالَ  مَرَّ  سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ  بِالْمَدِينَةِ  وَهُوَ يُرِيدُ  مَكَّةَ  فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا فَقَالَ هَلْ  بِالْمَدِينَةِ  أَحَدٌ أَدْرَكَ أَحَدًا مِنْ  أَصْحَابِ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقَالُوا لَهُ  أَبُو حَازِمٍ  يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ يَا  أَبَا حَازِمٍ  مَا هَذَا  الْجَفَاءُ  قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ  وَأَيُّ  جَفَاءٍ  رَأَيْتَ مِنِّي قَالَ أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ  الْمَدِينَةِ  وَلَمْ تَأْتِنِي قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ مَا عَرَفْتَنِي قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ وَلَا أَنَا رَأَيْتُكَ قَالَ فَالْتَفَتَ  سُلَيْمَانُ  إِلَى  مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ  فَقَالَ أَصَابَ الشَّيْخُ وَأَخْطَأْتُ قَالَ  سُلَيْمَانُ  يَا  أَبَا حَازِمٍ  مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ لِأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ الْآخِرَةَ وَعَمَّرْتُمْ الدُّنْيَا فَكَرِهْتُمْ أَنْ تُنْقَلُوا مِنْ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ قَالَ أَصَبْتَ يَا  أَبَا حَازِمٍ  فَكَيْفَ الْقُدُومُ غَدًا عَلَى اللَّهِ قَالَ أَمَّا الْمُحْسِنُ فَكَالْغَائِبِ يَقْدُمُ عَلَى أَهْلِهِ وَأَمَّا الْمُسِيءُ  فَكَالْآبِقِ  يَقْدُمُ عَلَى مَوْلَاهُ فَبَكَى  سُلَيْمَانُ  وَقَالَ لَيْتَ شِعْرِي مَا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ اعْرِضْ عَمَلَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ قَالَ وَأَيُّ مَكَانٍ أَجِدُهُ قَالَ  { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } قَالَ  سُلَيْمَانُ  فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ يَا  أَبَا حَازِمٍ  قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  { رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ } قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  يَا  أَبَا حَازِمٍ  فَأَيُّ عِبَادِ اللَّهِ أَكْرَمُ قَالَ أُولُو الْمُرُوءَةِ  وَالنُّهَى  قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  أَدَاءُ الْفَرَائِضِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ قَالَ  سُلَيْمَانُ  فَأَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  دُعَاءُ الْمُحْسَنِ إِلَيْهِ لِلْمُحْسِنِ قَالَ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ لِلسَّائِلِ الْبَائِسِ وَجُهْدُ  الْمُقِلِّ  لَيْسَ فِيهَا  مَنٌّ  وَلَا أَذًى قَالَ فَأَيُّ الْقَوْلِ أَعْدَلُ قَالَ قَوْلُ الْحَقِّ عِنْدَ مَنْ تَخَافُهُ أَوْ  تَرْجُوهُ قَالَ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ  أَكْيَسُ  قَالَ رَجُلٌ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَدَلَّ النَّاسَ عَلَيْهَا قَالَ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَحْمَقُ قَالَ رَجُلٌ انْحَطَّ فِي هَوَى أَخِيهِ وَهُوَ ظَالِمٌ فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  أَصَبْتَ فَمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ  أَوَ  تُعْفِينِي قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  لَا وَلَكِنْ نَصِيحَةٌ  تُلْقِيهَا إِلَيَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ آبَاءَكَ قَهَرُوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ وَأَخَذُوا هَذَا الْمُلْكَ  عَنْوَةً  عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا رِضَاهُمْ حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً فَقَدْ ارْتَحَلُوا عَنْهَا فَلَوْ أُشْعِرْتَ مَا قَالُوا وَمَا قِيلَ لَهُمْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا  أَبَا حَازِمٍ  قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  كَذَبْتَ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نُصْلِحَ قَالَ تَدَعُونَ  الصَّلَفَ  وَتَمَسَّكُونَ بِالْمُرُوءَةِ وَتَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  كَيْفَ لَنَا بِالْمَأْخَذِ بِهِ قَالَ  أَبُو حَاَزِمٍ  تَأْخُذُهُ مِنْ حِلِّهِ وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  هَلْ لَكَ يَا  أَبَا حَازِمٍ  أَنْ تَصْحَبَنَا فَتُصِيبَ مِنَّا وَنُصِيبَ مِنْكَ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  وَلِمَ ذَاكَ قَالَ  أَخْشَى أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلًا فَيُذِيقَنِي اللَّهُ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ قَالَ  تُنْجِينِي مِنْ النَّارِ وَتُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ  سُلَيْمَانُ  لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  فَمَا لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ غَيْرُهَا قَالَ فَادْعُ لِي قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ  سُلَيْمَانُ  وَلِيَّكَ فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ  وَتَرْضَى قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  قَطُّ قَالَ  أَبُو حَازِمٍ  قَدْ أَوْجَزْتُ وَأَكْثَرْتُ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ فَمَا يَنْفَعُنِي أَنْ أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ لَيْسَ لَهَا وَتَرٌ قَالَ لَهُ  سُلَيْمَانُ  أَوْصِنِي قَالَ  سَأُوصِيكَ وَأُوجِزُ عَظِّمْ رَبَّكَ  وَنَزِّهْهُ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ أَوْ يَفْقِدَكَ حَيْثُ أَمَرَكَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ بَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ أَنْفِقْهَا وَلَكَ عِنْدِي مِثْلُهَا كَثِيرٌ قَالَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُكَ إِيَّايَ هَزْلًا أَوْ رَدِّي عَلَيْكَ بَذْلًا وَمَا أَرْضَاهَا لَكَ فَكَيْفَ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّ  مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ  لَمَّا وَرَدَ مَاءَ  مَدْيَنَ  وَجَدَ عَلَيْهَا رِعَاءً يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ جَارِيَتَيْنِ  تَذُودَانِ  فَسَأَلَهُمَا فَقَالَتَا  { لَا نَسْقِي حَتَّى  يُصْدِرَ  الرِّعَاءُ  وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ جَائِعًا خَائِفًا لَا يَأْمَنُ فَسَأَلَ رَبَّهُ وَلَمْ يَسْأَلْ النَّاسَ فَلَمْ يَفْطِنْ الرِّعَاءُ وَفَطِنَتْ الْجَارِيتَانِ فَلَمَّا رَجَعَتَا إِلَى أَبِيهِمَا أَخْبَرَتَاهُ بِالْقِصَّةِ وَبِقَوْلِهِ فَقَالَ أَبُوهُمَا  وَهُوَ  شُعَيْبٌ  هَذَا رَجُلٌ جَائِعٌ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا اذْهَبِي فَادْعِيهِ فَلَمَّا أَتَتْهُ عَظَّمَتْهُ وَغَطَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ  { إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } فَشَقَّ عَلَى  مُوسَى  حِينَ ذَكَرَتْ  { أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَتْبَعَهَا إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْجِبَالِ جَائِعًا مُسْتَوْحِشًا فَلَمَّا تَبِعَهَا هَبَّتْ الرِّيحُ فَجَعَلَتْ  تَصْفِقُ  ثِيَابَهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَتَصِفُ لَهُ  عَجِيزَتَهَا  وَكَانَتْ ذَاتَ  عَجُزٍ  وَجَعَلَ  مُوسَى  يُعْرِضُ مَرَّةً وَيَغُضُّ أُخْرَى فَلَمَّا  عِيلَ  صَبْرُهُ نَادَاهَا يَا أَمَةَ اللَّهِ كُونِي خَلْفِي وَأَرِينِي  السَّمْتَ  بِقَوْلِكِ ذَا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى  شُعَيْبٍ  إِذَا هُوَ بِالْعَشَاءِ مُهَيَّأً فَقَالَ لَهُ  شُعَيْبٌ  اجْلِسْ يَا شَابُّ فَتَعَشَّ فَقَالَ لَهُ  مُوسَى  أَعُوذُ بِاللَّهِ فَقَالَ لَهُ  شُعَيْبٌ  لِمَ أَمَا أَنْتَ جَائِعٌ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِوَضًا لِمَا سَقَيْتُ لَهُمَا وَإِنَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ شَيْئًا مِنْ دِينِنَا بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا فَقَالَ لَهُ  شُعَيْبٌ  لَا يَا شَابُّ وَلَكِنَّهَا عَادَتِي وَعَادَةُ آبَائِي  نُقْرِي  الضَّيْفَ وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ فَجَلَسَ  مُوسَى  فَأَكَلَ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِائَةُ دِينَارٍ عِوَضًا لِمَا حَدَّثْتُ  فَالْمَيْتَةُ  وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ فِي حَالِ  الِاضْطِرَارِ أَحَلُّ مِنْ هَذِهِ وَإِنْ كَانَ لِحَقٍّ لِي فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلِي فِيهَا  نُظَرَاءُ  فَإِنْ سَاوَيْتَ بَيْنَنَا وَإِلَّا فَلَيْسَ لِي فِيهَا حَاجَةٌ 



