المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (87)]
(سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (87)]
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا
قَوْله ( لَا يَزِيد فِي الْعُمْر إِلَّا الْبِرُّ ) إِمَّا لِأَنَّ الْبَارّ يَنْتَفِع بِعُمْرِهِ وَإِنْ قَلَّ أَكْثَر مِمَّا يَنْتَفِع بِهِ غَيْره وَإِنْ كَثُرَ وَإِمَّا لِأَنَّهُ يُزَاد لَهُ فِي الْعُمْر حَقِيقَة بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَارًّا لَقَصُرَ عُمْره عَنْ الْقَدْر الَّذِي كَانَ إِذَا بَرَّ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُون أَطْوَل عُمْرًا مِنْ غَيْر الْبَارّ ثُمَّ التَّفَاوُت إِنَّمَا يَظْهَر فِي التَّقْدِير الْمُعَلَّق لَا فِيمَا يَعْلَم اللَّه تَعَالَى أَنَّ الْأَمْر يَصِير إِلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْبَل التَّغَيُّر وَإِلَيْهِ يُشِير قَوْله تَعَالَى { يَمْحُو اللَّه مَا يَشَاء وَيُثْبِت وَعِنْده أُمّ الْكِتَاب ) وَمِثْله وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَالْمُرَاد بِالْقَدَرِ الْمُقَدَّر وَلَا يَخْفَى مَا بَيْن الْحَصْرَيْنِ مِنْ التَّنَاقُض فَيَجِب حَمْل الْمُقَدَّر عَلَى غَيْر الْعُمْر فَلْيُتَأَمَّلْ. قَالَ الْغَزَالِيّ فَإِنْ قِيلَ فَمَا فَائِدَة الدُّعَاء مَعَ أَنَّ الْقَضَاء لَا مَرَدّ لَهُ فَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ جُمْلَة الْقَضَاء رَدّ الْبَلَاء بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاء سَبَب رَدّ الْبَلَاء وَوُجُود الرَّحْمَة كَمَا أَنَّ الْبَذْر سَبَب لِخُرُوجِ النَّبَات مِنْ الْأَرْض وَكَمَا أَنَّ التُّرْس يَدْفَع السَّهْم كَذَلِكَ الدُّعَاء يَرُدّ الْبَلَاء اِنْتَهَى قُلْت يَكْفِي فِي فَائِدَة الدُّعَاء أَنَّهُ عِبَادَة وَطَاعَة وَقَدْ أُمِرَ بِهِ الْعَبْد فَكَوْن الدُّعَاء ذَا فَائِدَة لَا يَتَوَقَّف عَلَى مَا ذَكَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْله ( وَإِنَّ الرَّجُل لَيُحْرَمَ ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول مِنْ الْحِرْمَان أَيْ يُمْنَع الرِّزْق الَّذِي جَاءَ وَدَخَلَ فِي يَده فَيَتْلَف عَلَيْهِ بِالْمَعْصِيَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه وَالرِّزْق الَّذِي قُدِّرَ لَهُ لَوْ لَمْ يَعْصِ وَحِينَئِذٍ لَا بُدّ مِنْ التَّقْدِير فِي قَوْله وَلَا يَرُدّ الْقَدَر وَلَا يَبْطُل الْحَصْر فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِد سَأَلْت شَيْخنَا أَبَا الْفَضْل الْقَرَافِيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ حَسَن وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْهُ الْقِطْعَة الثَّالِثَة قُلْت وَالْأَوَّلِيَّانِ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيّ عَنْ سَلْمَان.



