المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (74)]
(سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (74)]
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سِنَانٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ خَشِيتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ دِينِي وَأَمْرِي فَأَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ أَبَا الْمُنْذِرِ إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ فَخَشِيتُ عَلَى دِينِي وَأَمْرِي فَحَدِّثْنِي مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فَقَالَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قُبِلَ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَتَسْأَلَهُ فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ أُبَيٌّ وَقَالَ لِي وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ حُذَيْفَةَ فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَا وَقَالَ ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَاسْأَلْهُ فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ
قَوْله ( شَيْء مِنْ هَذَا الْقَدَر ) أَيْ لِأَجْلِ هَذَا الْقَدَر أَيْ الْقَوْل بِهِ يُرِيد أَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسه مِنْ الشَّبَه لِأَجْلِ الْقَوْل بِالْقَدَرِ أَوْ الْمُرَاد بِالْقَدَرِ هُوَ الْقَوْل بِنَفْيِ الْقَدَر الَّذِي هُوَ مَذْهَب الْقَدَرِيَّة قَوْله ( بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّق بِمَسْأَلَةِ الْقَدَر ثُبُوتًا قَوْله ( لَعَلَّ اللَّه أَنْ يَنْفَعنِي ) دُخُول أَنْ فِي خَبَر لَعَلَّ لِلتَّشْبِيهِ بِعَسَى وَقَوْله ( لَوْ أَنَّ اللَّه إِلَخْ ) قَالَ الطِّيبِيُّ إِرْشَاد عَظِيم وَبَيَان شَافٍ لِإِزَالَةِ مَا طَلَبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ هَدَمَ بِهِ قَاعِدَة الْقَوْل بِالْحُسْنِ وَالْقُبْح عَقْلًا وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَالِك الْمُلْك فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّف فِي مُلْكه كَيْف يَشَاء وَلَا يُتَصَوَّر فِي تَصَرُّفه ظُلْم لِأَنَّهُ تَصَرُّف فِي مُلْك الْغَيْر وَلَا مُلْك لِغَيْرِهِ أَصْلًا ثُمَّ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ رَحِمَهُمْ إِلَخْ أَنَّ النَّجَاة مِنْ الْعَذَاب إِنَّمَا هِيَ بِرَحْمَتِهِ لَا بِالْأَعْمَالِ فَالرَّحْمَة خَيْر مِنْهَا قَوْله ( مَا قُبِلَ مِنْك ) يُشِير إِلَى أَنَّهُ لَا قَبُول لِعَمَلِ الْمُبْتَدِع عِنْد اللَّه تَعَالَى أَوْ هُوَ مَبْنِيّ عَلَى الْقَوْل بِكُفْرِ مُنْكِره قَوْله ( لِيُخْطِئَك ) أَيْ يَتَجَاوَز عَنْك فَلَا يُصِيبك بَلْ لَا بُدّ مِنْ إِصَابَته وَالْخَيْل غَيْر نَافِعَة فِي دَفْعه وَعُنْوَانُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مُحَال أَنْ يُخْطِئك وَالْوَجْه فِي دَلَالَته إِنْ لَمْ يَكُنْ يَدُلّ عَلَى الْمُضِيّ وَلِيُخْطِئَك يَدُلّ عَلَى الِاسْتِقْبَال بِوَاسِطَةِ الصِّيغَة سِيَّمَا مَعَ أَنْ الْمُقَدَّرَة فَيَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ قَبْل الْإِصَابَة فِي الْأَزْمِنَة الْمَاضِيَة قَابِلًا لِأَنْ يُخْطِئك فِي الْمُسْتَقْبَل بِوَاسِطَةِ تَقْدِير اللَّه تَعَالَى وَقَضَائِهِ فِي الْأَزَل بِذَلِكَ.



