المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (73)]
(سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (73)]
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّهُ يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَقُولُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا
قَوْله ( وَهُوَ الصَّادِق ) أَيْ الْكَامِل فِي الصِّدْق أَوْ الظَّاهِر كَوْنه صَادِقًا بِشَهَادَةِ الْمُعْجِزَات الْبَاهِرَات وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ الصَّادِق دُون غَيْره الْمُصَدَّق الَّذِي جَاءَهُ الصِّدْق مِنْ رَبّه وَلَيْسَ مَعْنَى الَّذِي بِفَتْحِ الذَّال الْمُشَدَّدَة أَيْ الَّذِي صَدَّقَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي الْوَاقِع مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ مُصَدَّقًا أَيْضًا قَوْله ( إِنَّهُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة عَلَى حِكَايَة لَفْظه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِفَتْحِهَا قَوْله ( يُجْمَعُ ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول أَيْ يُجْمَع مَادَّة خَلْقه وَهُوَ الْمَاء وَالْمُرَاد بِبَطْنِ أُمّه رَحِمهَا أَيْ يَتِمّ جَمْعه فِي الرَّحِم فِي هَذِهِ الْمُدَّة وَهَذَا يَقْتَضِي التَّفَرُّق وَهُوَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ النُّطْفَة فِي الطَّوْر الْأَوَّل تَسْرِي فِي جَسَد الْمَرْأَة ثُمَّ تُجْمَع فِي الرَّحِم فَتَصِير هُنَاكَ عَلَقَة أَيْ دَمًا جَامِدًا يُخْلَط تُرْبَة قَبْر الْمَوْلُود بِهَا عَلَى مَا قِيلَ مُضْغَة أَيْ قِطْعَة لَحْم قَدْر مَا يُمْضَغ ثُمَّ يُبْعَث أَيْ يُرْسَل بَعْد تَمَام الْخِلْقَة وَتَشَكُّله بِشَكْلِ الْآدَمِيّ بِالطَّوْرِ الْآخَر كَمَا قَالَ تَعَالَى { ثُمَّ خَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَام لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر ) أَيْ بِنَفْخِ الرُّوح وَلَعَلَّ الْأَطْوَار الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث بَعْد الْأَرْبَعِينَ الثَّالِث يَحْصُل فِي مُدَّة يَسِيرَة فَلِذَا اُعْتُبِرَ الْبَعْث بَعْد الْأَرْبَعِينَ الثَّالِث وَكَذَا اُشْتُهِرَ بَيْن النَّاس أَنَّ نَفْخ الرُّوح عَقِب أَرْبَعَة أَشْهُر وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بَعْث الْمَلَك بِأَرْبَعٍ قُبَيْل تَمَام الْخَلْق قَوْله ( وَشَقِيّ أَمْ سَعِيد ) خَبَر مَحْذُوف أَيْ هُوَ وَالْجُمْلَة عَطْف عَلَى مَفْعُول اُكْتُبْ لِأَنَّهُ أُرِيد بِهَا لَفْظهَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُود الْكَتْبِيّ دُون اللَّفْظِيّ فَإِنَّ اللَّفْظ لَا يَكُون لَفْظًا إِلَّا بِالتَّلَفُّظِ لَا بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ التَّرْدِيد فِي الْحِكَايَة لَا فِي الْمَحْكِيّ وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْحِكَايَة عَلَى لَفْظ التَّرْدِيد نَظَرًا إِلَى التَّوْزِيع وَالتَّقْسِيم عَلَى آحَاد الْمَوْلُود فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيد قَوْله ( حَتَّى مَا يَكُون إِلَخْ ) كِنَايَة عَنْ غَايَة الْقُرْب فَيَسْبِق أَيْ يَغْلِب عَلَيْهِ الْكِتَاب قَوْله ( الْكِتَاب ) أَيْ الْمَكْتُوب الَّذِي كَتَبَهُ الْمَلَك وَالْحَدِيث لَا يُنَافِي عُمُوم الْمَوَاعِيد الْوَارِدَة فِي الْآيَات الْقُرْآنِيَّة وَالْأَحَادِيث مِثْل { الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات إِنَّا لَا نُضِيع أَجْر مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَر فِي كُلّهَا الْمَوْت عَلَى سَلَامَة الْعَاقِبَة وَحُسْن الْخَاتِمَة رَزَقْنَا اللَّه تَعَالَى إِيَّاهَا بِمَنِّهِ وَكَرْمه آمِينَ.



