المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (62)]
(سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (62)]
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأْسِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ فَقَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَمَا أَمَارَتُهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ ثُمَّ قَالَ فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ أَتَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ
قَوْله ( لَا يُرَى ) ضُبِطَ بِالتَّحْتِيَّةِ الْمَضْمُومَة أَوْ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَة قَوْله ( وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ) أَيْ فَخِذَيْ نَفْسه جَالِسًا عَلَى هَيْئَة الْمُتَعَلِّم كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ وَاخْتَارَهُ التُّورْبَشْتِيُّ بِأَنَّهُ أَقْرَب إِلَى التَّوْقِير مِنْ سَمَاع ذَوِي الْأَدَب أَوْ فَخِذ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْره وَيُؤَيِّدهُ الْمُوَافَقَة لِقَوْلِهِ فَأَسْنَدَ رُكْبَته إِلَى رُكْبَته وَرَجَّحَهُ اِبْن حَجَر بِأَنَّ فِي رِوَايَة اِبْن خُزَيْمَةَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالظَّاهِر أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَة فِي تَعْمِيَة أَمْره لِيَقْوَى الظَّنّ بِأَنَّهُ مِنْ جُفَاة الْأَعْرَاب قُلْت وَهَذَا الَّذِي نُقِلَ مِنْ رِوَايَة اِبْن خُزَيْمَةَ هُوَ رِوَايَة النَّسَائِيِّ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي ذَرٍّ وَالْوَاقِعَة مُتَّحِدَة قَوْله ( يَا مُحَمَّد ) كَرَاهَة النِّدَاء بِاسْمِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقّ النَّاس لَا فِي حَقّ الْمَلَائِكَة فَلَا إِشْكَال فِي نِدَاء جِبْرِيل بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيَة كَانَتْ مَطْلُوبَة قَوْله ( قَالَ شَهَادَة إِلَخْ ) حَاصِله أَنَّ الْإِسْلَام هَذِهِ الْأَرْكَان الْخَمْسَة الظَّاهِرَة قَوْله ( يَسْأَلهُ ) وَالسُّؤَال يَقْتَضِي الْجَهْل بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ قَوْله ( وَيُصَدِّقُهُ ) وَالتَّصْدِيق هُوَ الْخَبَر الْمُطَابِق لِلْوَاقِعِ وَهَذَا فَرْع مَعْرِفَة الْوَاقِع وَالْعِلْم بِهِ لِيَعْرِف مُطَابَقَة هَذَا لَهُ قَوْله ( أَنْ تُؤْمِن بِاَللَّهِ ) أَيْ تُصَدِّق بِهِ فَالْمُرَاد الْمَعْنَى اللُّغَوِيّ وَالْإِيمَان الْمَسْئُول عَنْهُ الشَّرْعِيّ فَلَا دَوْر وَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْق بَيْن الْإِيمَان الشَّرْعِيّ وَاللُّغَوِيّ بِخُصُوصِ الْمُتَعَلِّق فِي الشَّرْعِيّ وَحَاصِل الْجَوَاب أَنَّ الْإِيمَان هُوَ الِاعْتِقَاد الْبَاطِنِيّ قَوْله ( مَا الْإِحْسَان ) أَيْ الْإِحْسَان فِي الْعِبَادَة وَالْإِحْسَان الَّذِي حَثّ اللَّه تَعَالَى عِبَاده عَلَى تَحْصِيله فِي كِتَابه بِقَوْلِهِ وَاَللَّه يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ قَوْله ( كَأَنَّك تَرَاهُ ) صِفَة مَصْدَر مَحْذُوف أَيْ عِبَادَة كَأَنَّك فِيهَا تَرَاهُ أَوْ حَال أَيْ وَالْحَال كَأَنَّك تَرَاهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُود عَلَى تَقْدِير الْحَالِيَّة أَنْ يَنْتَظِر بِالْعِبَادَةِ تِلْكَ الْحَال فَلَا يَعْبُد قَبْل تِلْكَ الْحَال بَلْ الْمَقْصُود تَحْصِيل تِلْكَ الْحَال فِي الْعِبَادَة وَالْحَاصِل أَنَّ الْإِحْسَان هُوَ مُرَاعَاة الْخُشُوع وَالْخُضُوع وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا فِي الْعِبَادَة عَلَى وَجْه رَاعَاهُ لَوْ كَانَ رَائِيًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَائِيًا حَال الْعِبَادَة لَمَا تَرَكَ شَيْئًا مِمَّا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُشُوع وَغَيْره وَلَا مَنْشَأ لِتِلْكَ الْمُرَاعَاة حَال كَوْنه رَائِيًا إِلَّا كَوْنه تَعَالَى رَقِيبًا عَالِمًا مُطَّلِعًا عَلَى حَاله وَهَذَا مَوْجُود وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْد يَرَاهُ تَعَالَى وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيله فَإِنَّك إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك أَيْ وَهُوَ يَكْفِي فِي مُرَاعَاة الْخُشُوع عَلَى ذَلِكَ الْوَجْه فَإِنَّ عَلَى هَذَا وَصْلِيَّة اُسْتُعْمِلَتْ بِدُونِ الْوَاو تَشْبِيهًا لَهَا بِلَوْ كَمَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا ) لَا شَرْطِيَّة وَكَأَنَّهُ لِهَذَا أُلْغِيَتْ عَنْ الْعَمَل وَإِنْ قُلْنَا الْوَصْلِيَّة شَرْطِيَّة فِي الْأَصْل فَلَا بُدّ مِنْ الْعَمَل فَالْجَوَاب أَنَّهُ قَدْ يُعْطَى الْمُعْتَلّ حُكْم الصَّحِيح أَوْ هُوَ أَلِف الْإِشْبَاع فَلْيُفْهَمْ قَوْله ( أَنْ تَلِد الْأَمَة رَبَّتهَا ) أَيْ أَنْ تَحْكُم الْبِنْت عَلَى الْأُمّ مِنْ كَثْرَة الْعُقُوق حُكْم السَّيِّدَة عَلَى أَمَتهَا وَلَمَّا كَانَ الْعُقُوق فِي النِّسَاء أَكْثَر خُصَّتْ الْبِنْتُ وَالْأَمَة بِالذِّكْرِ وَقَدْ ذَكَرُوا وُجُوهًا أُخَر فِي مَعْنَاهُ مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْمُصَنِّف عَنْ وَكِيع وَهُوَ إِشَارَة إِلَى كَثْرَة السَّبَايَا قَوْله ( الْحُفَاة الْعُرَاة ) كُلّ مِنْهُمَا بِضَمِّ الْأَوَّل الْعَالَة جَمْع عَائِل بِمَعْنَى الْفَقِير رِعَاء الشَّاء كُلّ مِنْهُمَا بِالْمَدِّ وَالْأَوَّل بِكَسْرِ الرَّاء وَالْمُرَاد الْأَعْرَاب وَأَصْحَاب الْبَوَادِي يَتَطَاوَلُونَ بِكَثْرَةِ الْأَمْوَال قَوْله ( بَعْد ثَلَاث ) أَيْ ثَلَاث لَيَالٍ وَهَذَا بَيَان مَا جَاءَ فِي بَعْض الرِّوَايَات فَلَبِثْت مَلِيًّا أَيْ زَمَانًا طَوِيلًا قَوْله ( مَعَالِم دِينكُمْ ) أَيْ دَلَائِله أَيْ مَسَائِله.



