المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (6)]
(سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (6)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ
قَوْله ( لَا تَزَال طَائِفَة ) الطَّائِفَة الْجَمَاعَة مِنْ النَّاس وَالتَّنْكِير لِلتَّقْلِيلِ أَوْ التَّعْظِيم لِعِظَمِ قَدْرهمْ وَوُفُور فَضْلهمْ وَيَحْتَمِل التَّكْثِير أَيْضًا فَإِنَّهُمْ وَإِنْ قَلُّوا فَهُمْ الْكَثِيرُونَ فَإِنَّ الْوَاحِد لَا يُسَاوِيه الْأَلْف بَلْ هُمْ النَّاس كُلّهمْ قَوْله ( مَنْصُورِينَ ) أَيْ بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِين أَوْ بِالسُّيُوفِ وَالْأَسِنَّة فَعَلَى الْأَوَّل هُمْ أَهْل الْعِلْم وَعَلَى الثَّانِي الْغُزَاة وَإِلَى الْأَوَّل مَالَ الْمُصَنِّف فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب فَإِنَّهُ الْمَنْقُول عَنْ كَثِير مِنْ أَهْل الْعِلْم قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي هَذِهِ الطَّائِفَة إِنْ لَمْ يَكُونُوا هُمْ أَهْل الْحَدِيث فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي عُلُوم الْحَدِيث قَالَ عِيَاض وَإِنَّمَا أَرَادَ أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة وَمَنْ يَعْتَقِد مَذْهَب أَهْل الْحَدِيث وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه هُمْ أَهْل الْعِلْم قَالَ السُّيُوطِيُّ بَعْد نَقْله أَيْ الْمُجْتَهِدُونَ لِأَنَّ الْمُقَلِّد لَا يُسَمَّى عَالِمًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى اِسْتِمْرَار الِاجْتِهَاد إِلَى قِيَام السَّاعَة أَوْ مَجِيء أَشْرَاطهَا الْكُبْرَى اِنْتَهَى. قُلْت كَأَنَّ السُّيُوطِي رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى قَصَدَ بِذَلِكَ التَّنْبِيه عَلَى صِحَّة دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّه كَانَ يَدَّعِي الِاجْتِهَاد الْمُطْلَق وَأَهْل عَصْره أَنْكَرُوا لَكِنَّ كَثِير مِمَّنْ جَاءَ بَعْده سَلَّمَ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيّ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون هَذِهِ الطَّائِفَة مُفَرَّقَة فِي أَنْوَاع الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يَقُوم لِلَّهِ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ وَفَقِيه وَمُحَدِّث وَزَاهِد وَآمِر بِالْمَعْرُوفِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاع الْخَيْر وَلَا يَجِب اِجْتِمَاعهمْ فِي مَكَان وَاحِد بَلْ يَجُوز أَنْ يَكُونُوا مُفْتَرِقِينَ فِي أَقْطَار الْأَرْض قَوْله ( مَنْ خَذَلَهُمْ ) أَيْ لَمْ يُعَاوِنهُمْ وَلَمْ يَنْصُرهُمْ مِنْ الْخَلْق فَإِنَّهُمْ مَنْصُورُونَ بِاَللَّهِ لِمَا فِيهِمْ مِنْ الْخَيْر ( إِنَّ اللَّه مَعَ الَّذِينَ اِتَّقُوا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) أَيْ فَلَا يَضُرّهُمْ عَدَم نَصْر الْغَيْر قَوْله ( حَتَّى تَقُوم السَّاعَة ) أَيْ سَاعَة مَوْت الْمُؤْمِنِينَ بِمَجِيءِ الرِّيح الَّتِي تَقْبِض رُوح كُلّ مُؤْمِن وَهِيَ السَّاعَة فِي حَقّ الْمُؤْمِنِينَ وَإِلَّا فَالسَّاعَة لَا تَقُوم إِلَّا عَلَى شِرَار خَلْق اللَّه.