المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (42)]
(سنن إبن ماجه) - [الحديث رقم: (42)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ قَالَ سَمِعْتُ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ
قَوْله ( ذَات يَوْم ) لَفْظَة ذَات مَقْحَمَة قَوْله ( بَلِيغَة ) مِنْ الْمُبَالَغَة أَيْ بَالَغَ فِيهَا بِالْإِنْذَارِ وَالتَّخْوِيف لَا مِنْ الْمُبَالَغَة الْمُفَسَّرَة بِبُلُوغِ الْمُتَكَلِّم فِي تَأْدِيَة الْمَعْنَى حَدًّا لَهُ اِخْتِصَاص بِتَوْفِيَةِ خَوَاصّ التَّرَاكِيب وَإِيرَاد أَنْوَاع الْكَلَام مِنْ الْمَجَاز وَالْكِنَايَة وَالتَّشْبِيه عَلَى وَجْههَا لِعَدَمِ الْمُنَاسَبَة بِالْمَقَامِ قَوْله ( وَجِلَتْ ) كَسَمِعَتْ أَيْ خَافَتْ قَوْله ( وَذَرَفَتْ ) سَالَتْ وَفِي إِسْنَاده إِلَى الْعُيُون مَعَ أَنَّ السَّائِل دُمُوعهَا مُبَالَغَة وَالْمَقْصُود إِنَّهَا أَثَّرَتْ فِيهِمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَوْله ( مُوَدِّع ) اِسْم فَاعِل مِنْ أَوْدَعَ أَيْ الْمُبَالَغَة تَدُلّ عَلَى أَنَّك تُوَدِّعنَا فَإِنَّ الْمُوَدِّع عِنْد الْوَدَاع لَا يَتْرُك شَيْئًا مِمَّا يَهْتَمّ بِهِ فَأَعْهِدْ أَوْ أَوْصِ إِلَيْنَا فَفَعَلَ بَعْد ذَلِكَ قَوْله ( وَالسَّمْع وَالطَّاعَة ) أَيْ لِأَمْرِ الْخَلِيفَة وَإِنْ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَمِير عَبْدًا حَبَشِيًّا فَالْكَلَام فِي أَمْر الْخَلِيفَة الَّذِي وَلَّاهُ الْخَلِيفَة لَا فِي الْخَلِيفَة حَتَّى يَرِد أَنَّهُ كَيْف يَكُون الْخَلِيفَة عَبْدًا حَبَشِيًّا عَلَى أَنَّ الْمَحَلّ مَحَلّ الْمُبَالَغَة فِي لُزُوم الطَّاعَة فَفَرَضَ الْخَلِيفَة فِيهِ عَبْدًا حَبَشِيًّا لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَة يَحْتَمِل قَوْله ( وَسَتَرَوْنَ ) بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيل لِلْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ أَيْ وَالسَّمْع وَالطَّاعَة مِمَّا يَدْفَع الْخِلَاف الشَّدِيد فَهُوَ خَيْر قَوْله ( وَسُنَّة الْخُلَفَاء إِلَخْ ) قِيلَ هُمْ الْأَرْبَعَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَقِيلَ بَلْ هُمْ وَمَنْ سَارَ سِيرَتهمْ مِنْ أَئِمَّة الْإِسْلَام الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَام فَإِنَّهُمْ خُلَفَاء الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي إِعْلَاء الْحَقّ وَإِحْيَاء الدِّين وَإِرْشَاد الْخَلْق إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم قَوْله ( عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهِيَ الْأَضْرَاس قِيلَ أَرَادَ بِهِ الْجِدّ فِي لُزُوم السُّنَّة كَفِعْلِ مَنْ أَمْسَكَ الشَّيْء بَيْن أَضْرَاسه وَعَضَّ عَلَيْهِ مَنْعًا مِنْ أَنْ يَنْتَزِع أَوْ الصَّبْر عَلَى مَا يُصِيب مِنْ التَّعَب فِي ذَات اللَّه كَمَا يَفْعَل الْمُتَأَلِّم بِالْوَجَعِ يُصِيبهُ قَوْله ( وَالْأُمُور الْمُحْدَثَات ) قِيلَ أُرِيد بِهَا مَا لَيْسَ لَهُ أَصْل فِي الدِّين وَأَمَّا الْأُمُور الْمُوَافِقَة لِأُصُولِ الدِّين فَغَيْر دَاخِلَة فِيهَا وَإِنْ أُحْدِثَتْ بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْت هُوَ الْمُوَافِق لِقَوْلِهِ وَسُنَّة الْخُلَفَاء فَلْيَتَأَمَّلْ.



