المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن النسائي) - [الحديث رقم: (498)]
(سنن النسائي) - [الحديث رقم: (498)]
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ رَأَى الظِّلَّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ شَفَقُ اللَّيْلِ ثُمَّ جَاءَهُ الْغَدَ فَصَلَّى بِهِ الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ قَلِيلًا ثُمَّ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ الصَّلَاةُ مَا بَيْنَ صَلَاتِكَ أَمْسِ وَصَلَاتِكَ الْيَوْمَ
قَوْله ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ إِلَخْ ) الظَّاهِر أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَة بِمَكَّةَ قَبْل إِسْلَام أَبِي هُرَيْرَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا الْكَلَام لِمَنْ حَضَرَهُ يَوْمئِذٍ وَأَبُو هُرَيْرَة أَخَذَ الْحَدِيث مِنْ بَعْض أُولَئِكَ فَالْحَدِيث مُرْسَل صَحَابِيّ لَكِنَّ مُرْسَل الصَّحَابِيّ كَالْمُتَّصِلِ وَيَحْتَمِل عَلَى بُعْد مَجِيء جِبْرِيل مَرَّة ثَانِيَة بَعْد إِسْلَام أَبِي هُرَيْرَة وَيَكُون الْحَدِيث مُتَّصِلًا وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ( فَصَلَّى ) أَيْ جِبْرِيل أَوْ النَّبِيّ ( حِين رَأَى ) أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جِبْرِيل ( الظِّلّ مِثْله ) أَيْ قَدْر قَامَته وَلَمْ يَكُنْ فِي تَلِك الْأَيَّام فَيْء كَمَا جَاءَ أَوْ كَانَ وَالْمُرَاد سِوَى فَيْء الزَّوَال ضَرُورَة أَنَّ الْمَقْصُود تَحْدِيد الْوَقْت وَتَعْيِينه وَفَيْء الزَّوَال لَا يَتَعَيَّن زَمَانًا وَلَا مَكَانًا فَعِنْد اِعْتِبَاره فِي الْمِثْل لَا يَحْصُل التَّحْدِيد أَصْلًا ( ثُمَّ صَلَّى بِهِ الظُّهْر ) أَيْ فَرَغَ مِنْهَا ,َأَمَّا فِي الْعَصْر الْأَوَّل فَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ صَلَّى شَرَعَ فِيهَا وَهَذَا لِأَنَّ تَعْرِيف وَقْت الصَّلَاة بِالْمَرَّتَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يُعْتَبَر الشُّرُوع فِي أُولَى الْمَرَّتَيْنِ وَالْفَرَاغ فِي الثَّانِيَة مِنْهُمَا لِيَتَعَيَّنَ بِهِمَا الْوَقْت وَيُعْرَف أَنَّ الْوَقْت مِنْ شُرُوع الصَّلَاة فِي أُولَى الْمَرَّتَيْنِ إِلَى الْفَرَاغ مِنْهَا فِي الْمَرَّة الثَّانِيَة وَهَذَا مَعْنَى قَوْل جِبْرِيل الصَّلَاة مَا بَيْن صَلَاتك أَمْس وَصَلَاة الْيَوْم أَيْ وَقْت الصَّلَاة مِنْ وَقْت الشُّرُوع فِي الْمَرَّة الْأُولَى إِلَى وَقْت الْفَرَاغ فِي الْمَرَّة الثَّانِيَة وَبِهَذَا ظَهَرَ صِحَّة هَذَا الْقَوْل فِي صَلَاة الْمَغْرِب وَإِنْ صَلَّى فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْت وَاحِد وَسَقَطَ مَا يُتَوَهَّم أَنَّ لَفْظ الْحَدِيث يُعْطِي وُقُوع الظُّهْر فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي وَقْت صَلَاة الْعَصْر فِي الْيَوْم الْأَوَّل فَيَلْزَم إِمَّا التَّدَاخُل فِي الْأَوْقَات وَهُوَ مَرْدُود عِنْد الْجُمْهُور وَمُخَالِف لِحَدِيثِ لَا يَدْخُل وَقْت صَلَاة حَتَّى يَخْرُج وَقْت صَلَاة أُخْرَى أَوْ النَّسْخُ وَهُوَ يُفَوِّت التَّعْرِيف الْمَقْصُود بِإِمَامَةِ جِبْرِيل مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ الْمَقْصُود فِي أَوَّل الْمَرَّتَيْنِ تَعْرِيف أَوَّل الْوَقْت وَبِالثَّانِيَةِ تَعْرِيف آخِره وَعِنْد النَّسْخِ لَا يَحْصُل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْله وَالصَّلَاة مَا بَيْن صَلَاتك إِلَخْ تَصْرِيح فِي رَدّ الْقَوْل بِالنَّسْخِ ثُمَّ قَوْله وَالصَّلَاة مَا بَيْن صَلَاتك إِلَخْ يَقْتَضِي بِحَسَبِ الظَّاهِر أَنْ لَا يَجُوز الْعَصْر بَعْد الْمِثْلَيْنِ لَكِنَّهُ مَحْمُول عَلَى بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار فَفِيمَا يَدُلّ الدَّلِيل عَلَى وُجُود وَقْت سِوَى الْوَقْت الْمُخْتَار يَقُول بِهِ كَالْعَصْرِ وَفِيمَا لَمْ يَقُمْ دَلِيل عَلَى ذَلِكَ بَلْ قَامَ عَلَى خِلَافه كَالظُّهْرِ حَيْثُ اِتَّصَلَ الْعَصْر بِمُضِيِّ وَقْته الْمُخْتَار نَقُول فِيهِ بِأَنَّ وَقْته كُلّه مُخْتَار وَلَيْسَ لَهُ وَقْت سِوَى ذَلِكَ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.


