موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن النسائي) - [الحديث رقم: (444)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن النسائي) - [الحديث رقم: (444)]

‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏قَتَادَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏بَيْنَا أَنَا عِنْدَ ‏ ‏الْبَيْتِ ‏ ‏بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَقْبَلَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَلْآنَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَشَقَّ مِنْ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ فَغَسَلَ الْقَلْبَ بِمَاءِ ‏ ‏زَمْزَمَ ‏ ‏ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ ثُمَّ انْطَلَقْتُ مَعَ ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏آدَمَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ ابْنٍ وَنَبِيٍّ ثُمَّ أَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏فَمِثْلُ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏وَعِيسَى ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا فَقَالَا مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ ثُمَّ أَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏فَمِثْلُ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏يُوسُفَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ ثُمَّ أَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏إِدْرِيسَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ ثُمَّ أَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏هَارُونَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ ثُمَّ أَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَى قِيلَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ يَا رَبِّ هَذَا الْغُلَامُ الَّذِي بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ وَأَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ أَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ ابْنٍ وَنَبِيٍّ ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَسَأَلْتُ ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ‏ ‏يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَإِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ ‏ ‏هَجَرٍ ‏ ‏وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ وَإِذَا فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَسَأَلْتُ ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏فَقَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالْبُطَاءُ وَالنَّيْل ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ إِنِّي عَالَجْتُ ‏ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏ ‏أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَنْ يُطِيقُوا ذَلِكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنِّي فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ جَعَلَهَا أَرْبَعِينَ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَجَعَلَهَا ثَلَاثِينَ فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَجَعَلَهَا عِشْرِينَ ثُمَّ عَشْرَةً ثُمَّ خَمْسَةً فَأَتَيْتُ عَلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَقُلْتُ إِنِّي أَسْتَحِي مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْهِ فَنُودِيَ أَنْ قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي وَأَجْزِي بِالْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ‏


‏ ‏قَوْله ( عِنْد الْبَيْت ) ‏ ‏أَيْ الْكَعْبَة الْمُشَرَّفَة ‏ ‏( إِذْ أَقْبَلَ أَحَد الثَّلَاثَة ) ‏ ‏ظَاهِر النُّسْخَة أَنَّ إِذْ بِلَا أَلِف وَأَنَّ الْأَلِف التَّالِيَة مُتَعَلِّقَة بِمَا بَعْده وَهُوَ مِنْ الْإِقْبَال وَالْمَعْنَى أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَة فَأَقْبَلَ مِنْهُمْ وَاحِد إِلَيْهِ ‏ ‏( بَيْن رَجُلَيْنِ ) ‏ ‏حَال مِنْ مُقَدَّر أَيْ أَقْبَلَ إِلَى وَاحِد مِنْ الثَّلَاثَة وَالْحَال أَنِّي كُنْت بَيْن رَجُلَيْنِ قَالُوا هُمَا حَمْزَة وَجَعْفَر وَيَحْتَمِل أَنْ يُقْرَأ إِذَا قِيلَ عَلَى أَنَّ الْأَلِف جُزْء مِنْ إِذَا وَقِيلَ مِنْ الْقَوْل أَيْ سَمِعْت قَائِلًا يَقُول فِي شَأْنِي هُوَ أَحَد الثَّلَاثَة بَيْن الرَّجُلَيْنِ أَيْ هُوَ أَوْسَطهمْ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة أَنَّهُمْ جَاءُوهُ وَهُمْ ثَلَاثَة وَفِي رِوَايَة سَمِعْت قَائِلًا يَقُول أَحَد الثَّلَاثَة بَيْن الرَّجُلَيْنِ وَلَا مُنَافَاة بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ فَالْوَجْهَانِ فِي كَلَام الْمُصَنِّف صَحِيحَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى ‏ ‏( فَأُتِيت ) ‏ ‏عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول ‏ ‏( بِطَسْتٍ ) ‏ ‏بِفَتْحِ طَاء وَسُكُون سِين هُوَ الْمَعْرُوف وَحَكَى بَعْضهمْ كَسْر الطَّاء وَهُوَ إِنَاء مَعْرُوف وَاللَّفْظ مُؤَنَّث ‏ ‏( مِنْ ذَهَب ) ‏ ‏لَا شَكّ أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ تَعَالَى فَهُوَ إِذًا مُبَاح بَلْ بِأَمْرِهِ فَهُوَ وَاجِب فَمَنْ قَالَ اِسْتِعْمَال الذَّهَب حَرَام فَسُؤَاله لَيْسَ فِي مَحَلّه حَتَّى يَحْتَاج إِلَى جَوَاب ‏ ‏( مَلْأَى ) ‏ ‏بِالتَّأْنِيثِ لِتَأْنِيثِ الطَّسْت وَفِي نُسْخَة مَلْآن بِالتَّذْكِيرِ لِتَأْوِيلِهِ بِالْإِنَاءِ ‏ ‏( حِكْمَة وَإِيمَانًا ) ‏ ‏مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيز وَالْمُرَاد أَنَّهَا كَانَتْ مُمْتَلِئَة بِشَيْءٍ إِذَا أُفْرِعَ فِي الْقَلْب يَزِيد بِهِ إِيمَانًا وَحِكْمَة ‏ ‏( فَشَقَّ ) ‏ ‏عَلَى بِنَاء الْفَاعِل أَيْ الْآتِي أَوْ عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا فِي الْوَجْهَيْنِ قَوْله فَغَسَلَ وَقَوْله مُلِئَ ‏ ‏( إِلَى مَرَاقّ الْبَطْن ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمِيم وَتَشْدِيد الْقَاف هُوَ مَا سَفَلَ مِنْ الْبَطْن وَرَقَّ مِنْ جِلْده ‏ ‏( ثُمَّ أُتِيت ) ‏ ‏عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول ‏ ‏( فَقِيلَ ) ‏ ‏أَيْ قَالَ أَهْل السَّمَاء الدُّنْيَا لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا الْفَاتِح ‏ ‏( وَمَنْ مَعَك ) ‏ ‏كَأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ بِبَعْضِ الْأَمَارَات أَنَّ مَعَهُ أَحَدًا ‏ ‏( وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ) ‏ ‏أَيْ الرَّسُول لِلْإِسْرَاءِ لَا بِالْوَحْيِ إِذْ بَعِيد أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَمْر نُبُوَّته صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذِهِ الْمُدَّة ‏ ‏( وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ) ‏ ‏قِيلَ فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَحَذْف وَالْأَصْل جَاءَ وَنِعْمَ الْمَجِيء مَجِيئُهُ وَقِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ بَاب حَذْف الْمَوْصُول أَوْ الْمَوْصُوف أَيْ نِعْمَ الْمَجِيء الَّذِي جَاءَ أَوْ مَجِيء جَاءَ قُلْت مَنْ هُوَ تَنْزِيل نِعْمَ الْمَجِيء مَنْزِلَة خَيْر مَقْدَم كَأَنَّهُ قِيلَ خَيْر مَقْدَم قَدِمَ وَلَا بُعْد فِي وُجُود اِسْتِعْمَال لَمْ يَبْحَث عَنْهُ النُّحَاة وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ‏ ‏( فَأَتَيْت ) ‏ ‏عَلَى بِنَاء الْفَاعِل أَيْ مَرَرْت عَلَى آدَم ‏ ‏( فَمِثْل ذَلِكَ ) ‏ ‏أَيْ فَجَرَى مِثْل ذَلِكَ أَوْ فَعَلُوا مِثْل ذَلِكَ أَوْ فَقَالُوا مِثْله ‏ ‏( بَكَى قِيلَ مَا يُبْكِيك ) ‏ ‏قَالُوا لَمْ يَكُنْ بُكَاء مُوسَى حَسَدًا عَلَى فَضِيلَة نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته فَإِنَّ الْحَسَد مَذْمُوم مِنْ آحَاد الْمُؤْمِنِينَ وَأَيْضًا مَنْزُوع مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَالِم فَكَيْف كَلِيم اللَّه الَّذِي اِصْطَفَاهُ اللَّه تَعَالَى بِرِسَالَتِهِ وَكَلَامه بَلْ كَانَ أَسِفًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ الْأَجْر بِسَبَبِ قِلَّة اِتِّبَاع قَوْمه وَكَثْرَة مُخَالَفَتهمْ وَشَفَقَته عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمُتَابَعَتِهِ اِنْتِفَاع هَذِهِ الْأُمَّة بِمُتَابَعَةِ نَبِيّهمْ وَقِيلَ بَلْ أَرَادَ بِالْبُكَاءِ تَبْشِير نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِدْخَال السُّرُور عَلَيْهِ بِأَنَّ أَتْبَاعه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَر وَلَعَلَّ تَحْصِيل هَذَا الْغَرَض بِالْبُكَاءِ آكَد مِنْ تَحْصِيله بِوَجْهٍ آخَر فَفِيهِ إِظْهَار أَنَّهُ نَالَ مَنَالًا يَغْبِطهُ مِثْل مُوسَى وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم وَأَطْلَاق الْغُلَام لَمْ يُرِدْ بِهِ اِسْتِقْصَار شَأْنه فَإِنَّ الْغُلَام قَدْ يُطْلَق وَيُرَاد بِهِ الْقَوِيّ الطَّرِيّ الشَّابّ وَالْمُرَاد مِنْهُ اِسْتِقْصَار مُدَّته مَعَ اِسْتِكْمَال فَضَائِله وَاسْتِتْمَام سَوَاد أُمَّته ‏ ‏( ثُمَّ رُفِعَ ) ‏ ‏عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول أَيْ قُرِّبَ ‏ ‏( آخِر مَا عَلَيْهِمْ ) ‏ ‏أَيْ ذَلِكَ الدُّخُول آخِر دُخُول يَدُوم عَلَيْهِمْ وَيَبْقَى لَهُمْ فَهُوَ بِالرَّفْعِ خَبَر مَحْذُوف أَوْ لَا يَعُودُونَ آخِر أَجَل كُتِبَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ بِالنَّصْبِ ظَرْف وَبِهَذَا ظَهَرَ كَثْرَة مَا خَلَقَ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْمَلَائِكَة وَهُمْ كُلّهمْ أَهْل الرَّحْمَة وَالرِّضَا فَبِهِ ظَهَرَ مَعْنَى سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي ‏ ‏( فَإِذَا نَبْقَهَا ) ‏ ‏بِفَتْحِ أَوْ كَسْر فَسُكُون مُوَحَّدَة وَكَكَتِفِ أَيْ ثَمَرهَا وَوَاحِدَته بِهَاءِ ‏ ‏( قِلَال ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْقَاف جَمْع قُلَّة بِالضَّمِّ وَهِيَ الْجَرَّة وَ ‏ ‏( هَجَر ) ‏ ‏فَتْحَتَيْنِ اِسْم مَوْضِع كَانَ بِقُرْبِ الْمَدِينَة ‏ ‏( الْفِيَلَة ) ‏ ‏بِكَسْرِ فَاءَ وَفَتْح تَحْتَانِيَّة جَمْع الْفِيل ‏ ‏( بَاطِنَانِ ) ‏ ‏عَنْ أَبْصَار النَّاظِرِينَ وَهَذَا لَا يُسْتَبْعَد عَنْ قُدْرَة الْقَادِر الْحَكِيم الْفَاعِل لِمَا يَشَاء ‏ ‏( ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ ) ‏ ‏هُوَ عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَشْرِيف نَبِيّه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِظْهَار فَضْله حَتَّى يُخَفِّف عَنْ أُمَّته بِمُرَاجَعَتِهِ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا قَالُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّسْخِ مِنْ الْبَلَاغ أَوْ مِنْ تَمَكُّن الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْمَنْسُوخ فَذَلِكَ فِيمَا يَكُون الْمُرَاد اِبْتِلَاءَهُمْ وَلَعَلَّ مِنْ جُمْلَة أَسْرَار هَذِهِ الْقَضِيَّة رَفْع التُّهْمَة عَنْ جَنَاب مُوسَى حَيْثُ بَكَى بِأَلْطَف وَجْه حَيْثُ وَفَّقَهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ جُمْلَة الْأَنْبِيَاء لِهَذَا النُّصْح فِي حَقّ هَذِهِ الْأُمَّة حَتَّى لَا يَخْطِر بِبَالِ أَحَد أَنَّهُ بَكَى حَسَدًا فَهَذَا يُشْبِه قَضِيَّة رَفْع الْحَجَر ثَوْبه دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد اللَّه وَجِيهًا } وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ‏ ‏( وَإِنَّ أُمَّتك لَنْ يُطِيقُوا ذَلِكَ ) ‏ ‏كَأَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُمْ أَضْعَف مِنْهُمْ جَسَدًا وَأَقَلّ مِنْهُمْ قُوَّة وَالْعَادَة أَنَّ مَا يَعْجِز عَنْهُ الْقَوِيّ يَعْجِز عَنْهُ الضَّعِيف ‏ ‏( أَنْ قَدْ أَمْضَيْت ) ‏ ‏تَفْسِير لِلنِّدَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْل أَوْ بِأَنَّ قَدْ أَمْضَيْت فَرِيضَتِي أَيْ بِحِسَابِ خَمْسِينَ أَجْرًا ‏ ‏( وَخَفَّفْت عَنْ عِبَادِي ) ‏ ‏حَيْثُ جَعَلْتهَا فِي الْعَدَد خَمْسًا ‏ ‏( وَأَجْزِي ) ‏ ‏مِنْ الْجَزَاء. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!