المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن النسائي) - [الحديث رقم: (429)]
(سنن النسائي) - [الحديث رقم: (429)]
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا سَيَّارٌ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُلَ مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ يُصَلِّي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَلَمْ يُعْطَ نَبِيٌّ قَبْلِي وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً
قَوْله ( أُعْطِيت ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول ( خَمْسًا ) لَمْ يُرِدْ الْحَصْر بَلْ ذَكَرَ مَا حَضَرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْت مِمَّا مَنَّ اللَّه تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ اِعْتِرَافًا بِالنِّعْمَةِ وَأَدَاء لِشُكْرِهَا وَامْتِثَالًا لِأَمْرِ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّك فَحَدِّثْ لَا اِفْتِخَارًا ( لَمْ يُعْطَهُنَّ ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول وَرَفْع أَحَد أَيْ مِنْ الْأَنْبِيَاء أَوْ مِنْ الْخَلْق ( نُصِرْت ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول ( بِالرُّعْبِ ) بِضَمِّ الرَّاء وَسُكُون عَيْن أَيْ بِقَذْفِهِ مِنْ اللَّه فِي قُلُوب الْأَعْدَاء بِلَا أَسْبَاب ظَاهِرِيَّة وَآلَات عَادِيَّة لَهُ بَلْ بِضِدِّهَا فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَرْبِط الْحَجَر بِبَطْنِهِ مِنْ الْجُوع وَلَا يُوقَد النَّار فِي بُيُوته وَمَعَ هَذَا الْحَال كَانَ الْكَفَرَة مَعَ مَا عِنْدهمْ مِنْ الْمَتَاع وَالْآلَات وَالْأَسْبَاب فِي خَوْف شَدِيد مِنْ بَأْسه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُشْكِل بِأَنَّ النَّاس يَخَافُونَ مِنْ بَعْض الْجَبَابِرَة مَسِيرَة شَهْر وَأَكْثَر فَكَانَتْ بِلْقِيس تَخَاف مِنْ سُلَيْمَان مَسِيرَة شَهْر وَهَذَا ظَاهِر وَقَدْ بَقِيَ آثَار هَذِهِ الْخَاصَّة فِي خُلَفَاء أُمَّته مَا دَامُوا عَلَى حَاله وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ( مَسْجِدًا ) مَوْضِع صَلَاة ( وَطَهُورًا ) بِفَتْحِ الطَّاء وَالْمُرَاد أَنَّ الْأَرْض مَا دَامَتْ عَلَى حَالهَا الْأَصْلِيَّة فَهِيَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ تَخْرُج بِالنَّجَاسَةِ عَنْ ذَلِكَ وَالْحَدِيث لَا يَنْفِي ذَلِكَ وَالْحَدِيث يُؤَيِّد الْقَوْل بِأَنَّ التَّيَمُّم يَجُوز عَلَى وَجْه الْأَرْض كُلّهَا وَلَا يَخْتَصّ بِالتُّرَابِ وَيُؤَيِّد أَنَّ هَذَا الْعُمُوم غَيْر مَخْصُوص. قَوْله ( فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُل ) بِالنَّصْبِ ( الصَّلَاة ) بِالرَّفْعِ وَهَذَا ظَاهِر سِيَّمَا فِي بِلَاد الْحِجَاز فَإِنَّ غَالِبهَا الْجِبَال وَالْحِجَارَة فَكَيْف يَصِحّ أَوْ يُنَاسِب هَذَا الْعُمُوم إِذَا قُلْنَا أَنَّ بِلَاد الْحِجَاز لَا يَجُوز التَّيَمُّم مِنْهَا إِلَّا فِي مَوَاضِع مَخْصُوصَة فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْله ( الشَّفَاعَة ) أَيْ الْعُظْمَى ( وَكَانَ النَّبِيّ ) أَيْ قَبْلِي وَفِيهِمْ نُوح فَقَدْ قَالَ تَعَالَى { إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمه } وَآدَم نَعَمْ قَدْ اِتَّفَقَ فِي وَقْت آدَم أَنَّهُ مَا كَانَ عَلَى وَجْه الْأَرْض غَيْر أَوْلَاده فَعَمَّتْ نُبُوَّته لِأَهْلِ الْأَرْض اِتِّفَاقًا وَكَذَا اِتَّفَقَ مِثْله فِي نُوح بَعْد الطُّوفَان حَيْثُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَة وَهَذَا لَا يُؤَدِّي إِلَى الْعُمُوم ,َأَمَّا دُعَاء نُوح عَلَى أَهْل الْأَرْض كُلّهَا وَإِهْلَاكهمْ فَلَا يَتَوَقَّف عَلَى عُمُوم الدَّعْوَة بَلْ يَكْفِي فِيهِ عُمُوم بُلُوغ الدَّعْوَة وَقَدْ بَلَغَتْ دَعْوَته الْكُلّ لِطُولِ مُدَّته كَيْف وَالْإِيمَان بِالنَّبِيِّ بَعْد بُلُوغ الدَّعْوَة وَثُبُوت النُّبُوَّة وَاجِب سَوَاء كَانَ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ أَمْ لَا كَإِيمَانِنَا بِالْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ مَعَ عَدَم بَعَثَتْهُمْ إِلَيْنَا وَفَرْق بَيْن الْمَقَامَيْنِ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. وَقَدْ سَقَطَتْ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَة الْخَصْلَة الْخَامِسَة وَهِيَ ثَابِتَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِم وَلَمْ تُحَلّ لِنَبِيٍّ قَبْلِي ,َأَمَّا كَوْن الْأَرْض مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَهُمَا أَمْر وَاحِد مُتَعَلِّق بِالْأَرْضِ.


