المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن النسائي) - [الحديث رقم: (169)]
(سنن النسائي) - [الحديث رقم: (169)]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَنُصَيْرُ بْنُ الْفَرَجِ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَجَعَلْتُ أَطْلُبُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ
قَوْله ( أَعُوذُ بِرِضَاك ) أَيْ مُتَوَسِّلًا بِرِضَاك مِنْ أَنْ تَسْخَط عَلَيَّ وَتَغْضَب ( أَعُوذ بِك مِنْك ) أَيْ أَعُوذ بِصِفَاتِ جَمَالِك عَنْ صِفَات جَلَالِك فَهَذَا إِجْمَال بَعْد شَيْء مِنْ التَّفْصِيل وَتَعَوَّذَ بِتَوَسُّلِ جَمِيع صِفَات الْجَمَال عَنْ صِفَات الْجَلَال وَإِلَّا فَالتَّعَوُّذ مِنْ الذَّات مَعَ قَطْع النَّظَر عَنْ شَيْء الصِّفَات لَا يَظْهَر وَقِيلَ هَذَا مِنْ بَاب مُشَاهَدَة الْحَقّ وَالْغَيْبَة عَنْ الْخَلْق وَهَذَا مَحْض الْمَعْرِفَة الَّذِي لَا يُحِيطهُ الْعِبَاد ( لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك ) أَيْ لَا أَسْتَطِيع فَرْدًا مِنْ ثَنَائِك عَلَى شَيْء مِنْ نَعْمَائِك وَهَذَا بَيَان لِكَمَالِ عَجْز الْبَشَر عَنْ أَدَاء حُقُوق الرَّبّ تَعَالَى وَمَعْنَى ( أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسك ) أَيْ أَنْتَ الَّذِي أَثْنَيْت عَلَى ذَاتك ثَنَاء يَلِيق بِك فَمَنْ يَقْدِر عَلَى أَدَاء حَقّ ثَنَائِك فَالْكَاف زَائِدَة وَالْخِطَاب فِي عَائِد الْوُصُول بِمُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى نَحْو أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَره وَيَحْتَمِل أَنَّ الْكَاف بِمَعْنَى عَلَى وَالْعَائِد إِلَى الْمَوْصُول مَحْذُوف أَيْ أَنْتَ ثَابِت دَائِم عَلَى الْأَوْصَاف الْجَلِيلَة الَّتِي أَثْنَيْت بِهَا عَلَى نَفْسك وَالْجُمْلَة عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي مَوْضِع التَّعْلِيل وَفِيهِ إِطْلَاق لَفْظ النَّفْس عَلَى ذَاته تَعَالَى بِلَا مُشَاكَلَة وَقِيلَ أَنْتَ تَأْكِيد لِلْمَجْرُورِ فِي عَلَيْك فَهُوَ مِنْ اِسْتِعَارَة الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوْضِع الْمَجْرُور الْمُتَّصِل إِذْ لَا مُنْفَصِل فِي الْمَجْرُور وَمَا فِي كَمَا مَصْدَرِيَّة وَالْكَاف بِمَعْنَى مِثْل صِفَة ثَنَاء وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مَا عَلَى هَذَا التَّقْرِير مَوْصُولَة أَوْ مَوْصُوفَة وَالتَّقْدِير مِثْل ثَنَاء أَثْنَيْته أَوْ مِثْل الثَّنَاء الَّذِي أَثْنَيْته عَلَى أَنَّ الْعَائِد الْمُقَدَّر ضَمِير الْمَصْدَر وَنَصْبه عَلَى كَوْنه مَفْعُولًا مُطْلَقًا وَإِضَافَة الْمِثْل إِلَى الْمَعْرِفَة لَا يَضُرّ فِي كَوْنه صِفَة نَكِرَة لِأَنَّهُ مُتَوَغِّل فِي الْإِبْهَام فَلَا يَتَعَرَّف بِالْإِضَافَةِ وَقِيلَ أَصْله ثَنَاؤُك الْمُسْتَحَقّ كَثَنَائِك عَلَى نَفْسك فَخُذِفَ الْمُضَاف مِنْ الْمُبْتَدَأ فَصَارَ الضَّمِير الْمَجْرُور مَرْفُوعًا وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.


