المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (979)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (979)]
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا
( لَمْ يُصَلِّ ) : أَيْ سُنَّة قَالَهُ الطِّيبِيُّ هَذَا النَّفْي مَحْمُول عَلَى الْمُصَلِّي لِخَبَرِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي قَبْل الْعِيد شَيْئًا فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِله صَلَّى رَكْعَتَيْنِ "" رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ وَأَحْمَد وَالْحَاكِم وَصَحَّحَهُ وَحَسَّنَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح. وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس هَذَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى كَرَاهَة الصَّلَاة قَبْل صَلَاة الْعِيد وَبَعْدهَا , وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَد بْن حَنْبَل. قَالَ اِبْن قُدَامَة : وَهُوَ مَذْهَب اِبْن عَبَّاس وَابْن عُمَر. قَالَ : وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وَبُرَيْدَةَ وَسَلَمَة بْن الْأَكْوَع وَجَابِر وَابْن أَبِي أَوْفَى , وَقَالَ بِهِ شُرَيْح وَعَبْد اللَّه بْن مُغَفَّل وَمَسْرُوق وَالضَّحَّاك وَالْقَاسِم وَسَالِم وَمَعْمَر وَابْن جُرَيْجٍ وَالشَّعْبِيّ وَمَالِك , وَرُوِيَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَطَوَّع فِي الْمُصَلَّى قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا وَلَهُ فِي الْمَسْجِد رِوَايَتَانِ , وَقَالَ الزُّهْرِيّ : لَمْ أَسْمَع أَحَدًا مِنْ عُلَمَائِنَا يَذْكُر أَنَّ أَحَدًا مِنْ سَلَف هَذِهِ الْأُمَّة كَانَ يُصَلِّي قَبْل تِلْكَ الصَّلَاة وَلَا بَعْدهَا. قَالَ اِبْن قُدَامَة : وَهُوَ إِجْمَاع كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الزُّهْرِيّ وَعَنْ غَيْره. اِنْتَهَى. وَيَرُدُّ دَعْوَى الْإِجْمَاع مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا جَوَاز الصَّلَاة قَبْل صَلَاة الْعِيد وَبَعْدهَا , وَرَوَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَجَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ , وَأَمَّا أَقْوَال التَّابِعِينَ فَرَوَاهَا اِبْن أَبِي شَيْبَة , وَبَعْضهَا فِي الْمَعْرِفَة لِلْبَيْهَقِيِّ. وَرَوَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ : الْكُوفِيُّونَ يُصَلُّونَ بَعْدهَا لَا قَبْلهَا , وَالْبَصْرِيُّونَ يُصَلُّونَ قَبْلهَا لَا بَعْدهَا , وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا , قَالَ فِي الْفَتْح , وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيّ , وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة , وَبِالثَّالِثِ قَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن جُرَيْجٍ وَأَحْمَد , وَأَمَّا مَالِك فَمَنَعَهُ فِي الْمُصَلَّى , وَعَنْهُ فِي الْمَسْجِد رِوَايَتَانِ اِنْتَهَى , وَعَنْ مَالِك وَأَحْمَد أَنَّهُ لَا يُصَلِّي قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا , وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدهَا لَا قَبْلهَا ( تُلْقِي خِرْصهَا ) : هُوَ الْحَلَقَة الصَّغِيرَة مِنْ الْحُلِيّ , وَفِي الْقَامُوس الْخُرْص بِالضَّمِّ وَيُكْسَر حَلْقَة الذَّهَب وَالْفِضَّة أَوْ حَلْقَة الْقُرْط أَوْ الْحَلْقَة الصَّغِيرَة مِنْ الْحُلِيّ اِنْتَهَى ( وَسِخَابهَا ) : بِسِينٍ مُهْمَلَة مَكْسُورَة بَعْدهَا خَاء مُعْجَمَة , وَهُوَ خَيْط تُنَظَّم فِيهِ الْخَرَزَات. وَفِي الْقَامُوس أَنَّ السِّخَاب كَكِتَابٍ قِلَادَة مِنْ سُكّ وَقَرَنْفُل وَمَحْلَب بِلَا جَوْهَر. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْخِرْص الْحَلْقَة وَالسِّخَاب الْقِلَادَة. وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّ عَطِيَّة الْمَرْأَة الْبَالِغَة وَصَدَقَتهَا بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا جَائِزَة مَاضِيَة , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُفْتَقِرًا إِلَى إِذْن الْأَزْوَاج لَمْ يَكُنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرهُنَّ بِالصَّدَقَةِ قَبْل أَنْ يَسْتَأْذِن أَزْوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ اِنْتَهَى.



