المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (959)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (959)]
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ
( قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة ) : أَيْ مِنْ مَكَّة بَعْد الْهِجْرَة , ( وَلَهُمْ ) : أَيْ لِأَهْلِ الْمَدِينَة ( يَوْمَانِ ) : وَهُمَا يَوْم النَّيْرُوز وَيَوْم الْمِهْرَجَان , كَذَا قَالَهُ الشُّرَّاح. وَفِي الْقَامُوس النَّيْرُوز أَوَّل يَوْم السَّنَة مُعَرَّب نَوْرُوز , وَالنَّوْرُوز مَشْهُور وَهُوَ أَوَّل يَوْم تَتَحَوَّل الشَّمْس فِيهِ إِلَى بُرْج الْحَمَل , وَهُوَ أَوَّل السَّنَة الشَّمْسِيَّة , كَمَا أَنَّ غُرَّة شَهْر الْمُحَرَّم أَوَّل السَّنَة الْقَمَرِيَّة. وَأَمَّا مِهْرَجَان فَالظَّاهِر بِحُكْمِ مُقَابِلَته بِالنَّيْرُوزِ أَنْ يَكُون أَوَّل يَوْم الْمِيزَان , وَهُمَا يَوْمَانِ مُعْتَدِلَانِ فِي الْهَوَاء لَا حَرّ وَلَا بَرْد وَيَسْتَوِي فِيهِمَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَكَأَنَّ الْحُكَمَاء الْمُتَقَدِّمِينَ الْمُتَعَلِّقِينَ بِالْهَيْئَةِ اِخْتَارُوهُمَا لِلْعِيدِ فِي أَيَّامهمْ وَقَلَّدَهُمْ أَهْل زَمَانهمْ لِاعْتِقَادِهِمْ بِكَمَالِ عُقُول حُكَمَائِهِمْ , فَجَاءَ الْأَنْبِيَاء وَأَبْطَلُوا مَا بَنَى عَلَيْهِ الْحُكَمَاء ( فِي الْجَاهِلِيَّة ) : أَيْ فِي زَمَن الْجَاهِلِيَّة قَبْل أَيَّام الْإِسْلَام ( أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا ) : الْبَاء هُنَا دَاخِلَة عَلَى الْمَتْرُوك وَهُوَ الْأَفْصَح أَيْ جَعَلَ لَكُمْ بَدَلًا عَنْهُمَا خَيْرًا ( مِنْهُمَا ) : أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى وَخَيْرًا لَيْسَتْ أَفْعَل تَفْضِيل إِذْ لَا خَيْرِيَّة فِي يَوْمَيْهِمَا ( يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفِطْر ) : بَدَل مِنْ خَيْرًا أَوْ بَيَان لَهُ , وَقَدَّمَ الْأَضْحَى فَإِنَّهُ الْعِيد الْأَكْبَر قَالَهُ الطِّيبِيُّ , وَنَهَى عَنْ اللَّعِب وَالسُّرُور فِيهِمَا أَيْ فِي النَّيْرُوز وَالْمِهْرَجَان. وَفِيهِ نِهَايَة مِنْ اللُّطْف , وَأَمَرَ بِالْعِبَادَةِ لِأَنَّ السُّرُور الْحَقِيقِيّ فِيهَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } قَالَ الْمُظْهِر : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ تَعْظِيم النَّيْرُوز وَالْمِهْرَجَان وَغَيْرهمَا أَيْ مِنْ أَعْيَاد الْكُفَّار مَنْهِيّ عَنْهُ. قَالَ أَبُو حَفْص الْكَبِير الْحَنَفِيّ : مَنْ أَهْدَى فِي النَّيْرُوز بَيْضَة إِلَى مُشْرِك تَعْظِيمًا لِلْيَوْمِ فَقَدْ كَفَرَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَأَحْبَطَ أَعْمَاله وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْمَحَاسِن الْحَسَن بْن مَنْصُور الْحَنَفِيّ : مَنْ اِشْتَرَى فِيهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِيه فِي غَيْره أَوْ أَهْدَى فِيهِ هَدِيَّة إِلَى غَيْره , فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ تَعْظِيم الْيَوْم كَمَا يُعَظِّمهُ الْكَفَرَة , فَقَدْ كَفَرَ , وَإِنْ أَرَادَ بِالشِّرَاءِ التَّنَعُّم , وَالتَّنَزُّه , وَبِالْإِهْدَاءِ النِّحَاب جَرْيًا عَلَى الْعَادَة , لَمْ يَكُنْ كُفْرًا , لَكِنَّهُ مَكْرُوه كَرَاهَة التَّشْبِيه بِالْكَفَرَةِ حِينَئِذٍ فَيُحْتَرَز عَنْهُ. قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ.



