المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (939)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (939)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو كَامِلٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا }
( يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ) : أَيْ اِتَّصَفُوا بِأَوْصَاف ثَلَاثَة ( فَرَجُل ) : كَذَا فِي بَعْض النُّسَخ بِالْفَاءِ وَفِي بَعْضهَا رَجُل بِحَذْفِهَا وَالْفَاء تَفْصِيلِيَّة لِأَنَّ التَّقْسِيم حَاصِرٌ فَإِنَّ حَاضِرِي الْجُمُعَة ثَلَاثَة , فَمِنْ رَجُل لَاغٍ مُؤْذٍ يَتَخَطَّى رِقَاب النَّاس فَحَظّه مِنْ الْحُضُور اللَّغْو وَالْأَذَى , وَمِنْ ثَانٍ طَالِب حَظّه غَيْر مُؤْذٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَفَضَّل اللَّه بِكَرْمِهِ فَيُسْعِف مَطْلُوبه , وَمِنْ ثَالِث طَالِب رِضَا اللَّه عَنْهُ مُتَحَرٍّ اِحْتِرَام الْخَلْق فَهُوَ هُوَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ ( حَضَرَهَا يَلْغُو ) : حَال مِنْ الْفَاعِل ( وَهُوَ ) : اللَّغْو ( حَظّه ) : أَيْ حَظّ ذَلِكَ الرَّجُل ( مِنْهَا ) : أَيْ مِنْ حُضُورهَا. قَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ أَيْ لَا حَظَّ لَهُ كَامِل لِأَنَّ اللَّغْو يَمْنَع كَمَال ثَوَاب الْجُمُعَة , وَيَجُوز أَنْ يُرَاد بِاللَّغْوِ مَا يَشْمَل التَّخَطِّي وَالْإِيذَاء بِدَلِيلِ نَفْيه عَنْ الثَّالِث أَيْ فَذَلِكَ الْأَذَى حَظّه ( وَرَجُل حَضَرَهَا يَدْعُو ) : أَيْ مُشْتَغِلًا بِهِ حَال الْخُطْبَة حَتَّى مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ أَصْل سَمَاعه أَوْ كَمَالِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْله فِي الثَّالِث بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوت ( إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ ) : أَيْ مُدَّعَاهُ لِسَعَةِ حِلْمه وَكَرْمه ( وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ ) : عِقَابًا عَلَى مَا أَسَاءَ بِهِ مِنْ اِشْتِغَاله بِالدُّعَاءِ عَنْ سَمَاع الْخُطْبَة فَإِنَّهُ لَا يَجُوز ( وَرَجُل حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ ) : أَيْ مُقْتَرِنًا بِسُكُوت مَعَ اِسْتِمَاع ( وَسُكُوت ) : أَيْ مُجَرَّد فَالْأَوَّل إِذَا كَانَ قَرِيبًا وَالثَّانِي إِذَا كَانَ بَعِيدًا , وَهُوَ يُؤَيِّد قَوْل مُحَمَّد بْن أَبِي سَلَمَة وَابْن الْهُمَام مِنْ الْأَئِمَّة الْحَنَفِيَّة , وَيَحْتَمِل أَنَّ الْإِنْصَات وَالسُّكُوت بِمَعْنًى وَجَمَعَ بَيْنهمَا لِلتَّأْكِيدِ وَمَحَلّه إِذَا سَمِعَ الْخُطْبَة , فَفِي النِّهَايَة الْإِنْصَات أَنْ يَسْكُت سُكُوت مُسْتَمِع , وَفِي الْقَامُوس : أَنْصَتَ سَكَتَ , وَأَنْصَتَ لَهُ سَكَتَ لَهُ وَاسْتَمَعَ لِحَدِيثِهِ , وَأَنْصَتَهُ أَسْكَتَهُ. اِنْتَهَى. فَيَجُوز حَمْله عَلَى الْمُتَعَدِّي بِأَنَّهُ يُسْكِت النَّاس بِالْإِشَارَةِ , فَإِنَّ التَّأْسِيس أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيد. قَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ : بِإِنْصَات لِلْخَطِيبِ وَسُكُوت عَنْ اللَّغْو ( وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَة مُسْلِم ) : أَيْ لَمْ يَتَجَاوَز عَنْهَا ( وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا ) : أَيْ بِنَوْع آخَر مِنْ الْأَذَى كَالْإِقَامَةِ مِنْ مَكَانه أَوْ الْقُعُود عَلَى بَعْض أَعْضَائِهِ أَوْ عَلَى سَجَّادَته بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ بِنَحْوِ رَائِحَة ثُوم أَوْ بَصَل ( فَهِيَ ) : أَيْ جُمْعَته الشَّامِلَة لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلَاة وَالْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة ( كَفَّارَة ) : أَيْ لَهُ. قَالَهُ الطِّيبِيُّ أَيْ لِذُنُوبِهِ مِنْ حِين اِنْصِرَافه ( إِلَى الْجُمُعَة الَّتِي ) : أَيْ إِلَى مِثْل تِلْكَ السَّاعَة مِنْ الْجُمُعَة الَّتِي ( تَلِيهَا ) : أَيْ تَقْرُبُهَا بِهَا وَهِيَ الَّتِي قَبْلهَا عَلَى مَا وَرَدَ مَنْصُوصًا ( وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام ) : بِالْجَرِّ عَطْف عَلَى الْجُمُعَة ( وَذَلِكَ ) : أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ كَفَّارَة مَا بَيْن الْجُمُعَتَيْنِ مِنْ السَّبْعَة وَزِيَادَة ثَلَاثَة ( بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ يَقُول ) : أَيْ بِسَبَبِ مُطَابَقَة قَوْله تَعَالَى ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالهَا ) : فَإِنَّهُ لَّمَا قَامَ بِتَعْظِيمِ هَذَا الْيَوْم فَقَدْ جَاءَ بِحَسَنَة تُكَفِّر ذَنْبه فِي ذَلِكَ الْوَقْت وَتَتَعَدَّى الْكَفَّارَة إِلَى الْأَيَّام الْمَاضِيَة بِحُكْمِ أَقَلّ التَّضَاعُف فِي الْحَسَنَة. وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَيْضًا اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ. قَالَهُ عَلِيٌّ الْقَارِي. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى عَمْرو بْن شُعَيْب.


