المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (912)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (912)]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَقَدْ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلَانَةَ امْرَأَةٌ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَأَرْسَلَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَاهُنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي
( الْقَارِي ) : بِالْقَافِ وَالرَّاء الْمُخَفَّفَة وَيَاء النِّسْبَة نِسْبَة إِلَى قَارَة وَهِيَ قَبِيلَة , وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ الْقُرَشِيّ لِأَنَّهُ حَلِيف بَنِي زُهْرَة , كَذَا فِي عُمْدَة الْقَارِي ( أَبُو حَازِم ) : بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالزَّاي وَاسْمه سَلَمَة الْأَعْرَج ( أَنَّ رِجَالًا ) : قَالَ الْحَافِظ بْن حَجَر : لَمْ أَقِف عَلَى أَسْمَائِهِمْ ( وَقَدْ اِمْتَرَوْا ) : جُمْلَة حَالِيَّة أَيْ تَجَادَلُوا أَوْ شَكَوْا مِنْ الْمُمَارَاة وَهِيَ الْمُجَادَلَة قَالَ الرَّاغِب : الِامْتِرَاء وَالْمُمَارَة الْمُجَادَلَة وَمِنْهُ { فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا } , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : مِنْ الِامْتِرَاء وَهُوَ الشَّكّ ( فِي الْمِنْبَر ) : أَيْ مِنْبَر النَّبِيّ ( مِمَّ عُوده ) : أَيْ مِنْ أَيّ شَيْء هُوَ ( فَسَأَلُوهُ ) : أَيْ سَهْل بْن سَعْد ( عَنْ ذَلِكَ ) : الْمُمْتَرَى فِيهِ ( مِمَّا هُوَ ) : بِثُبُوتِ أَلِف مَا الِاسْتِفْهَامِيَّة الْمَجْرُورَة عَلَى الْأَصْل وَهُوَ قَلِيل وَهِيَ قِرَاءَة عَبْد اللَّه وَأُبَيّ فِي { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } وَالْجُمْهُور بِالْحَذْفِ وَهُوَ الْمَشْهُور , وَإِنَّمَا أَتَى بِالْقَسَمِ مُؤَكَّدًا بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّة وَبِإِنَّ الَّتِي لِلتَّحْقِيقِ وَبِلَامِ التَّأْكِيد فِي الْخَبَر لِإِرَادَةِ التَّأْكِيد فِيمَا قَالَهُ لِلسَّامِعِ ( وَلَقَدْ رَأَيْته ) : أَيْ الْمِنْبَر ( أَوَّل ) : أَيْ فِي أَوَّل ( يَوْم وُضِعَ ) : مَوْضِعه هُوَ زِيَادَة عَلَى السُّؤَال كَقَوْلِهِ ( وَأَوَّل يَوْم ) : أَيْ فِي أَوَّل يَوْم وَفَائِدَة هَذِهِ الزِّيَادَة الْمُؤَكَّدَة بِاللَّامِ وَقَدْ أَعْلَمهُمْ بِقُوَّةِ مَعْرِفَته بِمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ , ثُمَّ شَرَحَ الْجَوَاب بِقَوْلِهِ أَرْسَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلَانَة اِمْرَأَة بِعَدَمِ الصَّرْف فِي فُلَانَة لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّة وَلَا يُعْرَف اِسْم الْمَرْأَة , وَقِيلَ فَكِيهَة بِنْت عُبَيْد بْن دُلَيْم أَوْ عُلَاثَة بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَقِيلَ إِنَّهُ تَصْحِيف فُلَانَة أَوْ هِيَ عَائِشَة فَقَالَ لَهَا ( قَدْ سَمَّاهَا سَهْل ) : أَخْرَجَ قَاسِم بْن أُصْبَغ وَأَبُو سَعْد فِي شَرَف الْمُصْطَفَى مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن بُكَيْر عَنْ اِبْن لَهِيعَة حَدَّثَنِي عُمَارَة بْن غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاس بْن سَهْل عَنْ أَبِيهِ "" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب إِلَى خَشَبَة فَلَمَّا كَثُرَ النَّاس قِيلَ لَهُ لَوْ كُنْت جَعَلْت مِنْبَرًا وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّار وَاحِد يُقَال لَهُ مَيْمُون "" فَذَكَرَ الْحَدِيث ( أَنْ مُرِي ) : أَصْلُهُ اؤمُرِي عَلَى افْعُلِي فَاجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ فَثَقُلَتَا فَحُذِفَتْ الثَّانِيَة وَاسْتُغْنِيَ عَنْ هَمْزَة الْوَصْل فَصَارَ مُرِي عَلَى وَزْن عُلِي لِأَنَّ الْمَحْذُوف فَاءَ الْفِعْل ( غُلَامك النَّجَّار ) : بِالنَّصْبِ صِفَة لِغُلَامِ ( أَجْلِسُ ) : بِالرَّفْعِ أَيْ أَنَا أَجْلِس أَوْ بِالْجَزْمِ جَوَاب لِلْأَمْرِ. وَالْغُلَام اِسْمه مَيْمُون كَمَا عِنْد قَاسِم بْن أَصْبَغ أَوْ إِبْرَاهِيم كَمَا فِي الْأَوْسَط لِلطَّبَرَانِيِّ أَوْ بَاقُول بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْقَاف الْمَضْمُومَة كَمَا عِنْد عَبْد الرَّزَّاق , أَوْ بَاقُوم بِالْمِيمِ بَدَل اللَّام كَمَا عِنْد أَبِي نُعَيْم فِي الْمَعْرِفَة أَوْ صُبَاح بِضَمِّ الصَّاد كَمَا عِنْد اِبْن بَشْكُوَالٍ , أَوْ قَبِيصَة الْمَخْزُومِيّ مَوْلَاهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ عُمَر بْن شَبَّة فِي الصَّحَابَة , أَوْ كِلَاب مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , أَوْ تَمِيم الدَّارِيّ كَمَا عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيّ أَوْ مبنيا كَمَا ذَكَرَهُ اِبْن بَشْكُوَالٍ , أَوْ رُومِيّ كَمَا عِنْد التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَاهُ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِهِ تَمِيمًا الدَّارِيّ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِير السَّفَر إِلَى أَرْض الرُّوم. وَأَشْبَهُ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ أَنَّهُ مَيْمُون وَلَا اِعْتِدَاد بِالْأُخْرَى لِوَهَائِهَا , وَحَمَلَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّ الْجَمِيع اِشْتَرَكُوا فِي عَمَله , وَعُورِضَ بِقَوْلِهِ فِي كَثِير مِنْ الرِّوَايَات وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا نَجَّار وَاحِد. وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَاد بِالْوَاحِدِ الْمَاهِر فِي صِنَاعَته وَالْبَقِيَّة أَعْوَان لَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْإِرْشَاد. ( فَأَمَرَتْهُ ) : أَيْ أَمَرَتْ الْمَرْأَة غُلَامهَا أَنْ يَعْمَل ( فَعَمِلَهَا ) : أَيْ الْأَعْوَاد ( مِنْ طَرْفَاء الْغَابَة ) : بِفَتْحِ الطَّاء وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَعْد الرَّاء فَاءَ مَمْدُودَة شَجَر مِنْ شَجَر الْبَادِيَة. وَفِي مُنْتَهَى الْأَرَب : طُرَفَاء جَمْع طُرْفَة بِالتَّحْرِيكِ بِالْفَارِسِيَّةِ درخت كز اِنْتَهَى. وَالْغَابَة بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة وَبِالْمُوَحَّدَةِ مَوْضِع مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَة مِنْ جِهَة الشَّام ( ثُمَّ جَاءَ ) : الْغُلَام ( بِهَا ) : بَعْد أَنْ عَمِلَهَا ( فَأَرْسَلَتْهُ ) : أَيْ الْمَرْأَة ( إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : تُعْلِمهُ بِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهَا ( فَأَمَرَ بِهَا ) : عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ( فَوُضِعَتْ ) : أُنِّثَ لِإِرَادَةِ الْأَعْوَاد وَالدَّرَجَات. فَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم "" فَعُمِلَ لَهُ هَذِهِ الدَّرَجَات الثَّلَاث "" ( صَلَّى عَلَيْهَا ) : أَيْ عَلَى الْأَعْوَاد الْمَعْمُولَة مِنْبَرًا لِيَرَاهُ مَنْ قَدْ تَخْفَى عَلَيْهِ رُؤْيَتُهُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْأَرْض ( وَكَبَّرَ عَلَيْهَا ) : زَادَ فِي رِوَايَة سُفْيَان عَنْ أَبِي حَازِم عِنْد الْبُخَارِيّ فَقَرَأَ ( ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ) : جُمْلَة حَالِيَّة , زَادَ سُفْيَان أَيْضًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه ( ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى ) : أَيْ رَجَعَ إِلَى خَلْفه مُحَافَظَة عَلَى اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة ( فَسَجَدَ فِي أَصْل الْمِنْبَر ) : أَيْ عَلَى الْأَرْض إِلَى جَنْب الدَّرَجَة السُّفْلَى مِنْهُ ( ثُمَّ عَادَ ) : إِلَى الْمِنْبَرِ. وَفِي رِوَايَة هِشَام بْن سَعْد عَنْ أَبِي جَازِم عِنْد الطَّبَرَانِيّ فَخَطَبَ النَّاس عَلَيْهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر , فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة تَقَدُّم الْخُطْبَة عَلَى الصَّلَاة ( فَلَمَّا فَرَغَ ) : مِنْ الصَّلَاة ( أَقْبَلَ عَلَى النَّاس ) : بِوَجْهِهِ الشَّرِيف ( فَقَالَ ) : عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مُبَيِّنًا لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ حِكْمَة ذَلِكَ ( يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّمَا صَنَعْت ذَلِكَ لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي ) : بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة وَالْعَيْن أَيْ لِتَتَعَلَّمُوا فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا , وَفِيهِ جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة وَكَذَا الْكَثِير إِنْ تَفَرَّقَ , وَجَوَاز قَصْد تَعْلِيم الْمَأْمُومِينَ أَفْعَال الصَّلَاة بِالْفِعْلِ وَارْتِفَاع الْإِمَام عَلَى الْمَأْمُومِينَ , وَشُرُوع الْخُطْبَة عَلَى الْمِنْبَر لِكُلِّ خَطِيب , وَاِتِّخَاذ الْمِنْبَر لِكَوْنِهِ أَبْلَغ فِي مُشَاهَدَة الْخَطِيب وَالسَّمَاع مِنْهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي إِرْشَاد السَّارِي قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. "" 1289 "" ( لَمَّا بَدَّنَ ) : قَالَ أَبُو عُبَيْد : رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ كَبِرَ وَأَسَنَّ وَبِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْبَدَانَة وَهِيَ كَثْرَة اللَّحْم , وَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِينًا ( أَوْ يَحْمِل عِظَامك ) : كِنَايَة عَنْ الْقُعُود عَلَيْهِ , وَأَوْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي بَيْن لَفْظ يَجْمَع أَوْ يَحْمِل ( مَرْقَاتَيْنِ ) : بِفَتْحٍ أَفْصَح مِنْ كَسْرهَا أَيْ ذَا دَرَجَتَيْنِ. وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَسَن بْن سُفْيَان وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي دَاوُدَ هَذِهِ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْح وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَرَوَى اِبْن سَعْد فِي الطَّبَقَات مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة : "" أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُب وَهُوَ مُسْتَنِد إِلَى جِذْع , فَقَالَ إِنَّ الْقِيَام قَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ تَمِيم الدَّارِيّ أَلَا أَعْمَلُ لَك مِنْبَرًا كَمَا رَأَيْت يُصْنَع بِالشَّامِ ؟ فَشَاوَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَرَأَوْا أَنْ يَتَّخِذهُ فَقَالَ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب إِنَّ لِي غُلَامًا يُقَال لَهُ كِلَاب أَعْمَل النَّاس فَقَالَ مُرْهُ أَنْ يَعْمَل "" الْحَدِيث قَالَ الْحَافِظ : رِجَاله ثِقَات إِلَّا الْوَاقِدِيَّ , قَالَ وَلَيْسَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر هَذَا التَّصْرِيح بِأَنَّ الَّذِي اِتَّخَذَ الْمِنْبَر تَمِيم الدَّارِيّ , بَلْ قَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَة اِبْن سَعْد أَنَّ تَمِيمًا لَمْ يَعْمَلْهُ. وَأَشْبَه الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ هُوَ مَيْمُون اِنْتَهَى. فَإِنْ قُلْت : قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيث سَهْل بْن سَعْد مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم عِنْد مُسْلِم أَنَّ أَعْوَاد الْمِنْبَر كَانَتْ ثَلَاث دَرَجَات , وَكَذَا عِنْد اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث الطُّفَيْل بْن أُبَيّ بْن كَعْب عَنْ أَبِيهِ قَالَ : "" كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جِذْع إِذَا كَانَ الْمَسْجِد عَرِيشًا , وَكَانَ يَخْطُب إِلَى ذَلِكَ الْجِذْع , فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه يَا رَسُول اللَّه هَلْ لَك أَنْ تَجْعَل لَك مِنْبَرًا تَقُوم عَلَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة وَتُسْمِع النَّاس يَوْم الْجُمُعَة خُطْبَتك ؟ قَالَ نَعَمْ , فَصُنِعَ لَهُ ثَلَاث دَرَجَات "" الْحَدِيث وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر هَذَا اِتَّخَذَ لَهُ مِنْبَرًا دَرَجَتَيْنِ فَكَيْف التَّوْفِيق بَيْنهمَا ؟ قُلْت : إِنَّ الْمِنْبَر لَمْ يَزَلْ عَلَى حَاله ثَلَاث دَرَجَات حَتَّى زَادَهُ مَرْوَان فِي خِلَافَة مُعَاوِيَة سِتّ دَرَجَات مِنْ أَسْفَله , وَاَلَّذِي قَالَ مَرْقَاتَيْنِ لَمْ يَعْتَبِر الدَّرَجَة الَّتِي كَانَ يَجْلِس عَلَيْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ اِبْن نَجَّار وَغَيْره : اِسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَا أُصْلِحَ مِنْهُ إِلَى أَنْ اِحْتَرَقَ مَسْجِد الْمَدِينَة سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَسِتّمِائَة فَاحْتَرَقَ. قَالَهُ الْعَيْنِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



