المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (909)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (909)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ يَعْنِي تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ كَسَوْتَنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ مَا قُلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ بِالسُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ
( رَأَى حُلَّة سِيَرَاء ) : فِي فَتْح الْبَارِي بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَفَتْح التَّحْتَانِيَّة ثُمَّ رَاء ثُمَّ مَدّ أَيْ حَرِير. قَالَ اِبْن قُرْقُول : ضَبَطْنَاهُ عَنْ الْمُتْقِنِينَ بِالْإِضَافَةِ كَمَا يُقَال ثَوْب خَزّ وَعَنْ بَعْضِهِمْ بِالتَّنْوِينِ عَلَى الصِّفَة أَوْ الْبَدَل. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُقَال حُلَّة سِيَرَاء كَنَاقَةٍ عُشَرَاء , وَوَجَّهَهُ اِبْن التِّين فَقَالَ : يُرِيد أَنَّ عُشَرَاء مَأْخُوذ مِنْ عَشَرَة أَكْمَلَتْ النَّاقَة عَشَرَة أَشْهُر فَسُمِّيَتْ عُشَرَاء , كَذَلِكَ الْحُلَّة سُمِّيَتْ سِيَرَاء لِأَنَّهَا مَأْخُوذَة مِنْ السُّيُور لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُطُوط الَّتِي تُشْبِه السُّيُور. وَعُطَارِد صَاحِب الْحُلَّة هُوَ اِبْن حَاجِب التَّمِيمِيّ اِنْتَهَى ( إِنَّمَا يَلْبَس هَذِهِ ) : أَيْ حُلَّة الْحَرِير ( مَنْ لَا خَلَاق لَهُ ) : أَيْ مَنْ لَا حَظَّ لَهُ وَلَا نَصِيب لَهُ مِنْ الْخَيْر ( فِي الْآخِرَة ) : كَلِمَة مَنْ يَدُلّ عَلَى الْعُمُوم , فَيَشْمَل الذُّكُور وَالْإِنَاث , لَكِنَّ الْحَدِيث مَخْصُوص بِالرِّجَالِ لِقِيَامِ دَلَائِل أُخَر عَلَى إِبَاحَة الْحَرِير لِلنِّسَاءِ ( مِنْهَا ) : أَيْ مِنْ جِنْس الْحَالَة السِّيَرَاء ( وَقَدْ قُلْت فِي حُلَّة عُطَارِد ) : بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَكَسْر الرَّاء وَهُوَ اِبْن حَاجِب بْن زُرَارَة التَّمِيمِيّ قَدِمَ فِي وَفْد بَنِي تَمِيم عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْلَمَ وَلَهُ صُحْبَة ( مَا قُلْت ) : مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا يَلْبَسهَا مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فِي الْآخِرَة ( إِنِّي لَمْ أَكْسُكهَا لِتَلْبَسهَا ) : بَلْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا فِي غَيْر ذَلِكَ. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يُقَال كَسَاهُ إِذَا أَعْطَاهُ كِسْوَة لَبِسَهَا أَمْ لَا فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَم لَكِنَّهُ يُشْكِل بِمَا هُنَا مِنْ قَوْله ( فَكَسَاهَا عُمَر أَخًا لَهُ ) : مِنْ أُمّه عُثْمَان بْن حَكِيم. قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ أَوْ هُوَ أَخُو أَخِيهِ زَيْد بْن الْخَطَّاب لِأُمِّهِ أَسْمَاء بِنْت وَهْب , قَالَهُ الدِّمْيَاطِيّ أَوْ كَانَ أَخَاهُ مِنْ الرَّضَاعَة. وَانْتِصَاب أَخًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول ثَانٍ لِكَسَا يُقَال : كَسَوْته جُبَّة فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَقَوْله فِي مَحَلّ نَصْب صِفَة لِقَوْلِهِ أَخًا كَائِنًا لَهُ , وَكَذَا قَوْله ( مُشْرِكًا بِمَكَّة ) : نُصِبَ صِفَة بَعْد صِفَة , وَاخْتُلِفَ فِي إِسْلَامه فَإِنْ قُلْت : الصَّحِيح أَنَّ الْكُفَّار مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة وَمُقْتَضَاهُ تَحْرِيم لُبْس الْحَرِير عَلَيْهِمْ فَكَيْف كَسَاهَا عُمَر أَخَاهُ الْمُشْرِك ؟ أُجِيبَ : بِأَنَّهُ يُقَال : كَسَاهُ إِذَا أَعْطَاهُ كِسْوَة لَبِسَهَا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ فَهُوَ إِنَّمَا أَهْدَاهَا لَهُ لِيَنْتَفِع بِهَا وَلَا يَلْزَم مِنْهُ لُبْسهَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ. ( إِسْتَبْرَق ) : هُوَ مَا غَلُظَ مِنْ الدِّيبَاج ( اِبْتَعْ ) : أَيْ اِشْتَرِهَا ( تَجَمَّلْ ) : أَيْ تَتَزَيَّن ( لِلْوُفُودِ ) : جَمْع وَفْد وَهُمْ الْقَوْم يَجْتَمِعُونَ وَيَرِدُونَ الْبِلَاد , وَكَذَلِكَ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ الْأُمَرَاء.



