المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (881)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (881)]
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ وَحُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَنَادَاهُمْ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ مَرَّتَيْنِ فَمَالُوا كَمَا هُمْ رُكُوعٌ إِلَى الْكَعْبَةِ
( كَانُوا يُصَلُّونَ ) : قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي الْمَعَالِم : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّل مَا قَدِمَ الْمَدِينَة نَزَلَ عَلَى أَجْدَاده أَوْ أَخْوَاله مِنْ الْأَنْصَار وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَل بَيْت الْمَقْدِس سِتَّة عَشَر أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا , وَكَانَ يُعْجِبهُ أَنْ يَكُون قِبْلَته قِبَل الْبَيْت وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّل صَلَاة صَلَّاهَا صَلَاة الْعَصْر وَصَلَّى مَعَهُ قَوْم فَخَرَجَ رَجُل مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْل مَسْجِد وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَد بِاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَل مَكَّة فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَل الْبَيْت. وَكَانَ تَحْوِيل الْقِبْلَة فِي رَجَب بَعْد زَوَال الشَّمْس قَبْل قِتَال بَدْر بِشَهْرَيْنِ ( مِنْ بَنِي سَلِمَة ) : بِكَسْرِ اللَّام غَيْر هَذَا ( وَهُمْ رُكُوع ) : جَمْع رَاكِع ( فَمَالُوا كَمَا هُمْ ) : أَيْ اِنْصَرَفُوا كَمَا كَانُوا رَاكِعِينَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ مِنْ الْعِلْم أَنَّ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتهمْ كَانَ جَائِزًا وَلَوْلَا جَوَازه لَمْ يَجُزْ الْبِنَاء عَلَيْهِ , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ كُلّ شَيْء لَهُ أَصْل صَحِيح فِي التَّعَبُّد ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْفَسَاد قَبْل أَنْ يَعْلَم صَاحِبه فَإِنَّ الْمَاضِي مِنْهُ صَحِيح , وَذَلِكَ مِثْل أَنْ يَجِد الْمُصَلِّي نَجَاسَة بِثَوْبِهِ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهَا حَتَّى صَلَّى رَكْعَة فَإِنَّهُ إِذَا رَأَى النَّجَاسَة أَلْقَاهَا عَلَى نَفْسه وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاته , وَكَذَلِكَ فِي الْمُعَامَلَات , فَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فَبَاعَ الْوَكِيل وَاشْتَرَى ثُمَّ عَزَلَهُ بَعْد أَيَّام فَإِنَّ عُقُوده الَّتِي عَقَدَهَا قَبْل بُلُوغ الْخَبَر إِيَّاهُ صَحِيحَة. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب قَبُول أَخْبَارِ الْآحَاد. وَقَالَ النَّوَوِيُّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز النَّسْخ وَوُقُوعه. وَفِيهِ قَبُول خَبَر الْوَاحِد وَأَنَّ النَّسْخ لَا يَثْبُت فِي حَقّ الْمُكَلَّف حَتَّى يَبْلُغَهُ. وَقَوْله بِبَيْتِ الْمَقْدِس فِيهِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ. إِحْدَاهُمَا فَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الْقَاف , وَالثَّانِيَة ضَمُّ الْمِيم وَفَتْح الْقَاف. وَأَصْل الْمَقْدِس التَّقْدِيس مِنْ التَّطْهِيرِ اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.



