المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (878)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (878)]
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ نَصِيبًا لِلشَّيْطَانِ مِنْ صَلَاتِهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مَا يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ قَالَ عُمَارَةُ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدُ فَرَأَيْتُ مَنَازِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ
( عَنْ عَبْد اللَّه ) : هُوَ اِبْن مَسْعُود ( أَنْ لَا يَنْصَرِف إِلَّا عَنْ يَمِينه ) : بَيَان لِمَا قَبْله وَهُوَ الْجَعْل أَوْ اِسْتِئْنَاف بَيَانِيّ كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْف يَجْعَل لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلَاته فَقَالَ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِف إِلَّا عَنْ يَمِينه قَالَ الْقَسْطَلَّانِيّ : قَالَ النَّوَوِيّ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود "" لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسه جُزْءًا لَا يَرَى إِلَّا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِف إِلَّا عَنْ يَمِينه أَكْثَر مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِف عَنْ شِمَاله "" وَفِي حَدِيث أَنَس "" أَكْثَر مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِف عَنْ يَمِينه "" وَفِي رِوَايَة كَانَ يَنْصَرِف عَنْ يَمِينه وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَل تَارَة هَذَا وَتَارَة هَذَا فَأَخْبَرَ كُلّ وَاحِد بِمَا اِعْتَقَدَ أَنَّهُ الْأَكْثَر فِيمَا يَعْلَمهُ فَدَلَّ عَلَى جَوَازهمَا وَلَا كَرَاهِيَة فِي وَاحِد مِنْهُمَا. وَأَمَّا الْكَرَاهِيَة الَّتِي اِقْتَضَاهَا كَلَام اِبْن مَسْعُود فَلَيْسَتْ بِسَبَبِ أَصْل الِانْصِرَاف عَنْ الْيَمِين أَوْ الشِّمَال وَإِنَّمَا هِيَ فِي حَقّ مَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لَا بُدّ مِنْهُ , فَإِنَّ مَنْ اِعْتَقَدَ وُجُوب وَاحِد مِنْ الْأَمْرَيْنِ مُخْطِئٌ , وَلِهَذَا قَالَ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا ذَمّ مَنْ رَآهُ حَقًّا عَلَيْهِ. وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا كَرَاهِيَة فِي وَاحِد مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ يُسْتَحَبّ أَنْ يَنْصَرِف فِي جِهَة حَاجَته سَوَاء كَانَتْ عَنْ يَمِينه أَوْ شِمَاله , فَإِنْ اِسْتَوَتْ الْجِهَتَانِ فِي الْحَاجَة وَعَدَمهَا فَالْيَمِين أَفْضَل ; لِعُمُومِ الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِفَضْلِ الْيَمِين فِي بَاب الْمَكَارِم وَنَحْوهَا. هَذَا صَوَاب الْكَلَام فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , وَقَدْ يُقَال فِيهِمَا خِلَاف الصَّوَاب وَاللَّهُ أَعْلَم اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : قَالَ عُمَارَة وَهُوَ اِبْن عُمَيْر "" أَتَيْت الْمَدِينَة بَعْدُ فَرَأَيْت مَنَازِل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَسَاره "" وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ , وَلَيْسَ فِيهِ قَوْل عُمَارَة , وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَالنَّسَائِيّ فِي سُنَنه مِنْ حَدِيث إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّدِّيّ قَالَ "" سَأَلَتُ أَنَسًا كَيْفَ أَنْصَرِفُ إِذَا صَلَّيْت عَنْ يَمِينِي أَوْ عَنْ يَسَارِي قَالَ : أَمَّا أَنَا فَأَكْثَر مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِف عَنْ يَمِينه "" وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِر هَذَا مُدَّة وَهَذَا مُدَّة وَاَللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَم. تَمَّ كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ ( قَالَ عُمَارَة ) : اِبْن عُمَيْر ( أَتَيْت الْمَدِينَة بَعْد ) : مَبْنِيّ عَلَى الضَّمّ , أَيْ بَعْد سَمَاع هَذَا الْحَدِيث ( فَرَأَيْت مَنَازِل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : جَمْع مَنْزِل أَيْ بُيُوته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( عَنْ يَسَاره ) : يَسَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَال أَدَاء الصَّلَاة فَكَأَنَّ عُمَارَة بَيَّنَ وَجْه تَحَوُّله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَانِب الْيَسَار أَيْ لَمَّا فَرَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاة تَحَوَّلَ إِلَى جَانِب الْيَسَار لِلتَّسْبِيحِ أَوْ الدُّعَاء مَثَلًا , ثُمَّ قَامَ ذَاهِبًا إِلَى بُيُوته وَهِيَ فِي جَانِب يَسَاره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّه أَعْلَم.



