المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (872)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (872)]
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ يَعْنِي الْجُعْفِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُبَيْلٍ الْأَحْمَسِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَلَيْسَ فِي كِتَابِي عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ
( إِذَا قَامَ الْإِمَام ) : أَيْ شَرَعَ فِي الْقِيَام , وَفِي مَعْنَاهُ الْمُنْفَرِد ( فِي الرَّكْعَتَيْنِ ) : أَيْ بَعْدهمَا مِنْ الثُّلَاثِيَّة أَوْ الرُّبَاعِيَّة قَبْل أَنْ يَقْعُد وَيَتَشَهَّد ( فَإِنْ ذَكَرَ ) : أَيْ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ بَقِيَّة مِنْ الصَّلَاة ( قَبْل أَنْ يَسْتَوِي قَائِمًا ) : سَوَاء يَكُون إِلَى الْقِيَام أَقْرَب أَوْ إِلَى الْقُعُود , وَاخْتَارَهُ الشَّيْخ اِبْن الْهُمَام مِنْ الْحَنَفِيَّة , وَيُؤَيِّدهُ الْحَدِيث ( فَلْيَجْلِسْ ) . وَفِي وُجُوب سُجُود السَّهْو عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عَنْ اِخْتِلَاف بَيْن الْمَشَايِخ الْحَنَفِيَّة وَالْأَصَحّ عِنْدهمْ عَدَم الْوُجُوب لِأَنَّ فِعْله لَمْ يُعَدّ قِيَامًا فَكَانَ قُعُودًا. كَذَا فِي غُنْيَة الْمُسْتَمْلِي. وَقَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة : ظَاهِر الْحَدِيث أَنَّ قَوْله الْآتِي : وَيَسْجُد سَجْدَتَيْ السَّهْو خَاصّ بِالْقِسْمِ الثَّانِي فَلَا يَسْجُد هُنَا لِلسَّهْوِ وَإِنْ كَانَ إِلَى الْقِيَام أَقْرَب وَهُوَ الْأَصَحّ عِنْد جُمْهُور أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي عِدَّة مِنْ كُتُبه وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح "" لَا سَهْو فِي وَثْبَة مِنْ الصَّلَاة إِلَّا قِيَام عَنْ جُلُوس أَوْ جُلُوس عَنْ قِيَام "" اِنْتَهَى. قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَتَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ قَالَ : إِنَّ السُّجُود إِنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ التَّشَهُّد لَا لِفِعْلِ الْقِيَام , وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ النَّخَعِيُّ وَعَلْقَمَة وَالْأَسْوَد وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَد قَوْلَيْهِ. وَذَهَبَ أَحْمَد بْن حَنْبَل إِلَى أَنَّهُ يَجِب السُّجُود لِفِعْلِ الْقِيَام لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَس "" أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّكَ لِلْقِيَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ مِنْ الْعَصْر عَلَى جِهَة السَّهْو فَسَبَّحُوا لَهُ فَقَعَدَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ "" أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَفِي بَعْض طُرُقه أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ السُّنَّة. قَالَ الْحَافِظُ : وَرِجَالُهُ ثِقَات. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ اِبْن عُمَر مِنْ حَدِيثه بِلَفْظِ "" لَا سَهْو إِلَّا فِي قِيَام عَنْ جُلُوس أَوْ جُلُوس عَنْ قِيَام "" وَهُوَ ضَعِيفٌ اِنْتَهَى. ( فَإِنْ اِسْتَوَى قَائِمًا ) : وَلَفْظ أَحْمَد فِي مُسْنَده "" وَإِنْ اِسْتَتَمَّ قَائِمًا "" ( فَلَا يَجْلِس ) : لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فَلَا يَقْطَعهُ ( وَيَسْجُد ) : بِالرَّفْعِ ( سَجْدَتَيْ السَّهْو ) : لِتَرْكِهِ وَاجِبًا وَهُوَ الْقَعْدَة الْأُولَى وَالْحَدِيث فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوز الْعَوْد إِلَى الْقُعُود وَالتَّشَهُّد بَعْد الِانْتِصَاب الْكَامِل لِأَنَّهُ قَدْ تَلَبَّسَ بِالْفَرْضِ فَلَا يَقْطَعهُ وَيَرْجِع إِلَى السُّنَّة , وَقِيلَ يَجُوز لَهُ الْعَوْد مَا لَمْ يَشْرَع فِي الْقِرَاءَة فَإِنْ عَادَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ لِظَاهِرِ النَّهْي. وَلِأَنَّهُ زَادَ قُعُودًا وَهَذَا إِذَا تَعَمَّدَ الْعَوْد , فَإِنْ عَادَ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُل صَلَاته , وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَسْتَتِمّ الْقِيَام فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ الْعَوْد لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث : "" إِذَا قَامَ أَحَدكُمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ "" كَذَا فِي نَيْل الْأَوْطَار ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَيْسَ فِي كِتَابِي ) : هَذَا حَدِيث وَاحِد ( عَنْ جَابِر ) : بْن يَزِيد بْن الْحَارِث ( الْجُعْفِيِّ ) : الْكُوفِيّ ( إِلَّا هَذَا الْحَدِيث ) : وَجَابِر الْجُعْفِيُّ هَذَا أَحَد عُلَمَاء الشِّيعَة يُؤْمِن بِرَجْعَةِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. قَالَ الثَّوْرِيّ : كَانَ جَابِر وَرِعًا فِي الْحَدِيث , وَقَالَ شُعْبَة : صَدُوق , وَإِذَا قَالَ حَدَّثَنَا وَسَمِعْت فَهُوَ مِنْ أَوْثَق النَّاس , وَقَالَ وَكِيع : إِنَّ جَابِرًا ثِقَة. هَذَا قَوْل الْمُعَدِّلِينَ فِيهِ , وَأَمَّا أَقْوَال الْجَارِحِينَ فَقَالَ أَيُّوب : كَذَّابٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد : اُتُّهِمَ بِالْكَذِبِ. وَتَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة النُّعْمَان الْكُوفِيّ : مَا رَأَيْت أَكْذَبَ مِنْ جَابِر الْجُعْفِيِّ , وَقَالَ لَيْث بْن أَبِي سَلِيم : كَذَّاب , وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْره مَتْرُوك , وَتَرَكَهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ كَذَّاب. وَقَالَ اِبْن عَدِيٍّ : عَامَّة مَا قَذَفُوهُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يُؤْمِن بِالرَّجْعَةِ , وَلَيْسَ لِجَابِرِ بْن الْجُعْفِيِّ فِي النَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ سِوَى حَدِيث وَاحِد فِي سُجُود السَّهْو وَقَالَ اِبْن حِبَّان : كَانَ يَقُول إِنَّ عَلِيًّا يَرْجِع إِلَى الدُّنْيَا. وَقَالَ زَائِدَة : جَابِر الْجُعْفِيُّ رَافِضِيّ يَشْتُم أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَاصِل أَنَّ جَابِرًا ضَعِيفٌ رَافِضِيّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. كَذَا فِي غَايَة الْمَقْصُودِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ , وَفِي إِسْنَاده جَابِر الْجُعْفِيُّ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ. "" 1228 "" ( فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ) : يَعْنِي أَنَّهُ قَامَ إِلَى الرَّكْعَة الثَّالِثَة وَلَمْ يَتَشَهَّدْ عَقِب الرَّكْعَتَيْنِ. وَلَفْظ التِّرْمِذِيّ "" فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَامَ وَلَمْ يَجْلِس فَسَبَّحَ بِهِ مَنْ خَلْفه فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ قُومُوا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاته سَلَّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاته وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو وَلَفْظ الطَّحَاوِيِّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيق قَالَ "" صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَهَا فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحْنَا بِهِ فَمَضَى فَلَمَّا أَتَمَّ الصَّلَاة وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو "" اِنْتَهَى. وَفِي لَفْظ لِلطَّحَاوِيِّ قَالَ "" صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة فَقَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَائِمًا فَقُلْنَا سُبْحَان اللَّه فَأَوْمَى وَقَالَ سُبْحَان اللَّه فَمَضَى فِي صَلَاته فَلَمَّا قَضَى صَلَاته سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِس ثُمَّ قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَوَى قَائِمًا مِنْ جُلُوسه , فَمَضَى فِي صَلَاته فَلَمَّا قَضَى صَلَاته سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِس ثُمَّ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فَقَامَ مِنْ الْجُلُوس فَإِنْ لَمْ يَسْتَتِمّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَانِ فَإِنْ اِسْتَوَى قَائِمًا فَلْيَمْضِ فِي صَلَاته وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِس "" اِنْتَهَى. وَحَدِيث الْمُغِيرَة فِيهِ دَلَالَة أَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْو بَعْد السَّلَام , وَزَادَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه ابْن بُحَيْنَة "" وَسَجَدَهُمَا النَّاس مَعَهُ "" مَكَان مَا نَسِيَ مِنْ الْجُلُوس , وَفِي هَذِهِ الزِّيَادَة فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْمُؤْتَمّ يَسْجُد مَعَ إِمَامه لِسَهْوِ الْإِمَام , وَلِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح "" لَا تَخْتَلِفُوا وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّار عَنْ عَمّه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" إِنَّ الْإِمَام يَكْفِي مَنْ وَرَاءَهُ فَإِنْ سَهَا الْإِمَام فَعَلَيْهِ سَجَدَتَا السَّهْو وَعَلَى مَنْ وَرَاءَهُ أَنْ يَسْجُدُوا مَعَهُ , وَإِنْ سَهَا أَحَد مِمَّنْ خَلْفه فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُد وَالْإِمَام يَكْفِيه "" وَفِي إِسْنَاده خَارِجَة بْن مُصْعَب وَهُوَ ضَعِيف وَأَبُو الْحُسَيْن الْمَدَائِنِيّ وَهُوَ مَجْهُول , وَالْحَكَم بْنُ عُبَيْد اللَّه وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ. وَفِي الْبَاب عَنْ اِبْن عَبَّاس عِنْد اِبْن عَدِيٍّ وَفِي إِسْنَاده عَمْرو الْعَسْقَلَانِيّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُؤْتَمّ يَسْجُد لِسَهْوِ الْإِمَام وَلَا يَسْجُد لِسَهْوِ نَفْسه الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ , وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُول أَنَّهُ يَسْجُد لِسَهْوِهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّة. قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَهُوَ الظَّاهِر لِعَدَمِ انْتِهَاضِ هَذَا الْحَدِيث لِتَخْصِيصِهَا , وَإِنْ وَقَعَ السَّهْو مِنْ الْإِمَام وَالْمُؤْتَمّ فَالظَّاهِر أَنَّهُ يَكْفِي سُجُودٌ وَاحِدٌ مِنْ الْمُؤْتَمّ , إِمَّا مَعَ الْإِمَام أَوْ مُنْفَرِدًا , وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَة. وَالْفَائِدَة الثَّانِيَة أَنَّ قَوْله مَكَان مَا نَسِيَ مِنْ الْجُلُوس يَدُلّ عَلَى أَنَّ السُّجُود إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَرْك الْجُلُوس لَا لِتَرْكِ التَّشَهُّد حَتَّى لَوْ أَنَّهُ جَلَسَ مِقْدَار التَّشَهُّد وَلَمْ يَتَشَهَّد لَا يَسْجُد , وَجَزَمَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَغَيْرهمْ أَنَّهُ يَسْجُد لِتَرْكِ التَّشَهُّد وَإِنْ أَتَى بِالْجُلُوسِ اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حَسَن صَحِيح , هَذَا آخِر كَلَامه وَفِي إِسْنَاده الْمَسْعُودِيّ وَهُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَةَ بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود الْهُذَلِيِّ الْكُوفِيّ اِسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيّ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة. وَحُكِيَ عَنْ الْإِمَام أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِ اِبْن أَبِي لَيْلَى وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْره. وَقَدْ أَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى حَدِيث اِبْن أَبِي لَيْلَى وَقَالَ وَرَوَاهُ أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ ثَابِت بْن عُبَيْد قَالَ صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة مِثْل حَدِيث زِيَاد بْن عَلَاقَة. قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَأَبُو عُمَيْسٍ أَخُو الْمَسْعُودِيّ وَفَعَلَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص مِثْل مَا فَعَلَ الْمُغِيرَة وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ وَالضَّحَّاك بْن قَيْس وَمُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَابْن عَبَّاس أَفْتَى بِذَلِكَ وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز. قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا فِيمَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ سَجَدُوهُ بَعْدَمَا سَلَّمُوا هَذَا كَلَامُهُ. وَحَدِيث أَبِي عُمَيْسٍ أَجْوَد شَيْء فِي هَذَا فَإِنَّ أَبَا الْعُمَيْس عُتْبَة بْن عَبْد اللَّه ثِقَة اِحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَثَابِت بْن عُبَيْد ثِقَة اِحْتَجَّ بِهِ مُسْلِم اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ. ( وَكَذَلِكَ ) : أَيْ مِثْل رِوَايَة الْمَسْعُودِيِّ ( رَوَاهُ اِبْن أَبِي لَيْلَى ) : هُوَ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى. قَالَ التِّرْمِذِيّ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْض أَهْل الْعِلْم فِي اِبْن أَبِي لَيْلَى مِنْ قِبَل حِفْظِهِ. قَالَ أَحْمَد لَا يُحْتَجّ بِحَدِيثِ اِبْن أَبِي لَيْلَى , وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي لَيْلَى وَهُوَ صَدُوق وَلَا أَرْوِي عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى صَحِيح حَدِيثه مِنْ سَقِيمه. وَكُلّ مَنْ كَانَ مِثْل هَذَا فَلَا أَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا ( عَنْ الشَّعْبِيّ ) : عَامِر ثِقَة إِمَام ( عَنْ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة وَرَفَعَهُ ) : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق هُشَيْم أَخْبَرَنَا اِبْن أَبِي لَيْلَى عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ "" صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحَ بِهِ الْقَوْم وَسَبَّحَ بِهِمْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاته سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو وَهُوَ جَالِس ثُمَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ بِهِمْ مِثْل الَّذِي فَعَلَ "" وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن مَالِك الرُّوَاسِيّ عَنْ عَامِر الشَّعْبِيّ نَحْوه ( وَرَوَاهُ أَبُو عُمَيْسٍ ) : مُصَغَّرًا وَسَلَفَ آنِفًا تَرْجَمَته مِنْ كَلَام الْمُنْذِرِيِّ عَنْ ثَابِت بْن عُبَيْد قَالَ : صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة مِثْل حَدِيث زِيَاد بْن عَلَاقَة وَمَقْصُود الْمُؤَلِّف الْإِمَام بَيَان تَقْوِيَة رِوَايَة الْمَسْعُودِيّ , فَالْمَسْعُودِيّ يَرْوِي عَنْ زِيَاد بْن عَلَاقَة عَنْ الْمُغِيرَة وَيَرْوِي اِبْن أَبِي لَيْلَى عَنْ عَامِر الشَّعْبِيّ عَنْ الْمُغِيرَة وَيَرْوِي أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ ثَابِت عَنْ الْمُغِيرَة وَحَدِيث الْمُغِيرَة هَذَا فِيهِ حُجَّة قَاطِعَة عَلَى أَنَّهُ مَنْ قَامَ مِنْ اِثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِس وَلَمْ يَتَشَهَّد عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُد سَجْدَتَيْ السَّهْو. وَفِيهِ دَلِيل أَيْضًا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْو بَعْد السَّلَامِ. وَأَمَّا مُطَابَقَة الْبَاب مِنْ الْحَدِيث فَبِحَيْثُ إنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ اِثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّد فَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو وَالظَّاهِر أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ كَانَتْ لِتَرْكِ التَّشَهُّد لِأَنَّ الْجُلُوس لَا يَكُون إِلَّا لِقِرَاءَةِ التَّشَهُّد فَيُقَاسَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَشَهَّد يَسْجُد سَجْدَتَيْ السَّهْو وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّه كَانَتْ السَّجْدَتَانِ لِأَجْلِ تَرْك الْجُلُوس لَا لِتَرْكِ التَّشَهُّد كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَم ( وَفَعَلَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص ) : مَالِك الصَّحَابِيّ الْجَلِيل ( مِثْل مَا فَعَلَ الْمُغِيرَة ) : وَحَدِيث سَعْد بْن مَالِك أَبِي وَقَّاص أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيق شُعْبَة عَنْ بَيَان سَمِعْت قَيْس بْن أَبِي حَازِم قَالَ صَلَّى بِنَا سَعْد بْن مَالِك فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَقَالُوا سُبْحَان اللَّه فَمَضَى فَلَمَّا سَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو "" وَفِي مَجْمَع الزَّوَائِد وَعَنْ قَيْس بْن حَازِم قَالَ "" صَلَّى بِنَا سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحْنَا لَهُ فَاسْتَتَمَّ قَائِمًا قَالَ فَمَضَى فِي قِيَامه حَتَّى فَرَغَ قَالَ أَكُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنْ أَجْلِس إِنَّمَا صَنَعْت كَمَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع "" رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّار وَرِجَاله رِجَال الصَّحِيح ( وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ ) : الصَّحَابِيّ أَيْ فَعَلَ عِمْرَان مِثْل مَا فَعَلَ الْمُغِيرَة ( وَ ) : كَذَلِكَ فَعَلَ ( الضَّحَّاك بْن قَيْس ) : الْفِهْرِيّ الصَّحَابِيّ وُلِدَ قَبْل وَفَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِ سِنِينَ ( وَ ) : كَذَلِكَ فَعَلَ ( مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان ) : وَحَدِيثه عِنْد الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْح مَعَانِي الْآثَار وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَة مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَجْلَان مَوْلَى فَاطِمَة عَنْ مُحَمَّد بْن يُوسُف مَوْلَى عُثْمَان عَنْ أَبِيهِ "" أَنَّ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان صَلَّى بِهِمْ فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوس فَلَمْ يَجْلِس فَلَمَّا كَانَ فِي آخِر صَلَاته سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّم وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع "" ( وَابْن عَبَّاس أَفْتَى بِذَلِكَ ) : أَيْ بِسَجْدَتَيْ السَّهْو عَلَى مَنْ قَامَ مِنْ اِثْنَتَيْنِ مِنْ غَيْر تَشَهُّد وَجُلُوس ( وَ ) : كَذَا أَفْتَى ( عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ) : الْخَلِيفَة الْعَادِل ( وَهَذَا ) : الْحَدِيث أَيْ حَدِيث الْمُغِيرَة ( فِي ) حَقّ ( مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ) : أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْر تَشَهُّد وَجُلُوس ثُمَّ ( سَجَدُوا ) مِنْ السَّهْو ( بَعْد مَا سَلَّمُوا ) أَيْ بَعْد السَّلَام. وَمُرَادُ الْمُؤَلِّف مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَة بَيَان أَنَّ حَدِيث الْمُغِيرَة نَصَّ عَلَى أَمْرَيْنِ الْأَوَّل أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَجْلِس فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَقَامَ يَلْزَم عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْو , وَهَكَذَا فَعَلَهُ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة الْمَذْكُورِينَ. وَالثَّانِي أَنَّ سَجْدَة السَّهْو بَعْد الْفَرَاغ مِنْ السَّلَام , وَأَمَّا فِعْل الصَّحَابَة فِي ذَلِكَ فَمُخْتَلِفٌ مِنْهُمْ مَنْ سَجَدَ بَعْد السَّلَام وَمِنْهُمْ مَنْ سَجَدَ قَبْله كَمَا عَرَفْت وَاَللَّه أَعْلَم.



