المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (871)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (871)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَانْتَظَرْنَا التَّسْلِيمَ كَبَّرَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ سَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَبِي وَبَقِيَّةُ قَالَا حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِمَعْنَى إِسْنَادِهِ وَحَدِيثِهِ زَادَ وَكَانَ مِنَّا الْمُتَشَهِّدُ فِي قِيَامِهِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَكَذَلِكَ سَجَدَهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ
( عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُحَيْنَة ) : مُصَغَّرًا بِنْت الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب بْن عَبْد مَنَافٍ وَهُوَ صَحَابِيّ ذَكَرَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَغَيْره مِنْ الصَّحَابَة قَالَ وَأَبُوهُ مَالِك لَهُ صُحْبَة أَيْضًا وَإِنَّمَا بُحَيْنَة اِمْرَأَته وَابْنه عَبْد اللَّه. وَكَانَ عَبْد اللَّه ابْن بُحَيْنَة نَاسِكًا فَاضِلًا صَائِم الدَّهْر , وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ كَتِبَ عَبْد اللَّه بْن مَالِكٍ اِبْن بُحَيْنَة يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَب أَلِف اِبْن وَيُنَوَّن مَالِك لِيَنْدَفِع الْوَهْم وَيُعْرَف أَنَّ اِبْن بُحَيْنَة نَعْتٌ لِعَبْدِ اللَّه لَا لِمَالِك ( ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِس ) : هُوَ تَأْكِيد لِقَامَ مِنْ بَاب أَقُول لَهُ اِرْحَلْ لَا تُقِيمَنَّ عِنْدنَا أَيْ فِي التَّشَهُّد الْأَوَّل ( فَقَامَ النَّاس مَعَهُ ) : فِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب الْمُتَابَعَة حَيْثُ تَرَكُوا الْقُعُود الْأَوَّل وَتَشَهُّده ( فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ) : أَيْ لِلسَّهْوِ ( قَبْل التَّسْلِيم ثُمَّ سَلَّمَ ) : قَالَ النَّوَوِيّ : فِي الْحَدِيث دَلِيل لِمَسَائِل كَثِيرَة : إِحْدَاهَا أَنَّ سُجُود السَّهْو قَبْل السَّلَام إِمَّا مُطْلَقًا كَمَا يَقُولهُ الشَّافِعِيّ , وَمَا فِي النَّقْص كَمَا يَقُولهُ مَالِك الثَّانِيَة أَنَّ التَّشَهُّد الْأَوَّل وَالْجُلُوس لَهُ لَيْسَا بِرُكْنَيْنِ فِي الصَّلَاة وَلَا وَاجِبَيْنِ إِذْ لَوْ كَانَا وَاجِبَيْنِ لَمَا جَبَرَهُمَا السُّجُود كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُود وَغَيْرهمَا , وَبِهَذَا قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ. وَقَالَ أَحْمَد فِي طَائِفَة قَلِيلَة : هُمَا وَاجِبَانِ وَإِذَا سَهَا جَبَرَهُمَا السُّجُودُ عَلَى مُقْتَضَى الْحَدِيث. الثَّالِثَة فِيهِ أَنَّهُ يُشْرَع التَّكْبِير لِسُجُودِ السَّهْو وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ , وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا فَعَلَهُمَا بَعْد السَّلَام هَلْ يَتَحَرَّم وَيَتَشَهَّد وَيُسَلِّم أَمْ لَا. وَالصَّحِيح فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ يُسَلِّم وَلَا يَتَشَهَّد وَلَمْ يَثْبُت فِي التَّشَهُّد حَدِيثٌ اِنْتَهَى. قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَمِير فِي السَّيْل : الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ تَرْك التَّشَهُّد الْأَوَّل سَهْوًا يَجْبُرهُ سُجُود السَّهْو , وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي "" يَدُلّ عَلَى وُجُوب التَّشَهُّد الْأَوَّل وَجُبْرَانه هُنَا عِنْد تَرْكه دَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَإِنَّهُ يَجْبُرهُ بِسُجُودِ السَّهْو , وَالِاسْتِدْلَال عَلَى عَدَم وُجُوبه بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا جَبَرَهُ السُّجُود إِذْ حَقّ الْوَاجِب أَنْ يُفْعَل بِنَفْسِهِ لَا يُتَمّ إِذْ يُمْكِن أَنَّهُ كَمَا قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل أَنَّهُ وَاجِب وَلَكِنَّهُ إِنْ تُرِكَ سَهْوًا جَبَرَهُ سُجُود السَّهْو. وَحَاصِله أَنَّهُ لَا يَتِمّ الِاسْتِدْلَال عَلَى عَدَم وُجُوبه حَتَّى يَقُوم الدَّلِيل أَنَّ كُلّ وَاجِب لَا يُجْزِئُ عَنْهُ سُجُود السَّهْو إِنْ تُرِكَ سَهْوًا وَقَوْله أَكْبَر دَلِيل عَلَى مَشْرُوعِيَّة تَكْبِيرَة الْإِحْرَام لِسُجُودِ السَّهْو وَأَنَّهَا غَيْر مُخْتَصَّة بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاة وَأَنَّهُ يُكَبِّرهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُج مِنْ صَلَاته بِالسَّلَامِ مِنْهَا. وَأَمَّا تَكْبِيرَة النَّفْل فَلَمْ تُذْكَر هُنَا , وَلَكِنَّهَا ذُكِرَتْ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ : "" يُكَبِّر فِي كُلّ سَجْدَة وَهُوَ جَالِس وَيَسْجُد وَسَجَدَ النَّاس مَعَهُ "". اِنْتَهَى قُلْت : حَدِيث عَبْد اللَّه ابْن بُحَيْنَة لَهُ أَلْفَاظ , فَفِي رِوَايَة مُسْلِم أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي صَلَاة الظُّهْر وَعَلَيْهِ جُلُوس , فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاته سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُكَبِّر فِي كُلّ سَجْدَة وَهُوَ جَالِس قَبْل أَنْ يُسَلِّم , وَسَجَدَهُمَا النَّاس مَعَهُ , مَكَان مَا نَسِيَ مِنْ الْجُلُوس. وَفِي لَفْظ لَهُ : "" أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الشَّفْع الَّذِي يُرِيد أَنْ يَجْلِس فِي صَلَاته , فَلَمَّا كَانَ فِي آخِر الصَّلَاة سَجَدَ قَبْل أَنْ يُسَلِّم ثُمَّ سَلَّمَ "". قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. ( وَكَانَ مِنَّا الْمُتَشَهِّد ) : بِصِيغَةِ اِسْم الْفَاعِل ( فِي قِيَامه ) : أَيْ كَانَ يَقْرَأ التَّشَهُّد فِي حَال الْقِيَام , وَالْمَعْنَى لَمَّا قَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْلِس فِي التَّشَهُّد قُمْنَا أَيْضًا , فَكَانَ يَقْرَأ مِنَّا التَّشَهُّد حَالَ الْقِيَام وَظَنَنَّا أَنَّ الْجُلُوس قَدْ تَرَكْنَا بِمُتَابَعَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْف نَتْرُك التَّشَهُّد بَلْ نَقْرَأ حَال الْقِيَام , وَاللَّهُ أَعْلَم ( وَكَذَلِكَ سَجَدَهُمَا ) : عَبْد اللَّه ( اِبْن الزُّبَيْر قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ) : أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْر كَمَا سَيَجِيءُ ( قَبْل التَّسْلِيم ) : الظَّاهِر أَنَّهُ ظَرْف لِقَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْو قَبْل السَّلَام وَسَلَّمَ بَعْدهمَا. وَيَحْتَمِل أَنَّهُ ظَرْف لِقَوْلِهِ قَامَ أَيْ قَامَ قَبْل التَّسْلِيم عَلَى عِبَاد اللَّه الصَّالِحِينَ , وَالْمُرَاد بِهِ التَّشَهُّد لِأَنَّ فِيهِ التَّسْلِيم عَلَى عِبَاد اللَّه الصَّالِحِينَ , وَيُؤَيِّد هَذَا الثَّانِي مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى يُوسُف بْن مَاهَك قَالَ : "" صَلَّى بِنَا اِبْن الزُّبَيْر فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْر فَسَبَّحْنَا بِهِ قَالَ سُبْحَان اللَّه وَلَمْ يَلْتَفِت إِلَيْهِمْ فَقَضَى مَا عَلَيْهِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سَلَّمَ "" فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّهُ سَجَدَهُمَا بَعْدَمَا سَلَّمَ ( وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيّ ) : أَيْ مَنْ قَامَ مِنْ اِثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّد لَا يَجْلِس بَلْ يَمْضِي فِي صَلَاته وَيَسْجُد سَجْدَتَيْ السَّهْو قَبْل السَّلَام وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيّ. قَالَ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ : إِنَّ سُجُود السَّهْو قَبْل السَّلَام مُطْلَقًا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَالزُّهْرِيّ وَمَكْحُول وَرَبِيعَة وَيَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ وَالسَّائِب الْقَارِي وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْث بْن سَعْد. اِنْتَهَى.



