المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (870)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (870)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسَافِعٍ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ شَيْبَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ
الْحَدِيث أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَحْمَد فِي مُسْنَده وَابْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ : إِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ , وَعُتْبَة بْن مُحَمَّد وَيُقَال عُقْبَة ذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي الثِّقَات , وَمُصْعَب بْن شَيْبَة وَثَّقَهُ اِبْن مَعِين وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَأَبُو حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ , وَقَالَ الْحَافِظ الْحَازِمِيّ فِي كِتَاب الِاعْتِبَار : اِخْتَلَفَ النَّاس فِي سُجُود السَّهْو عَلَى أَرْبَعَة أَقْوَال , فَطَائِفَة رُآةُ السَّجْدَة بَعْد السَّلَام عَمَلًا بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَهُوَ مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة , وَقَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَة عَلِيّ وَسَعْد وَابْن الزُّبَيْر , وَمِنْ التَّابِعِينَ الْحَسَن وَالنَّخَعِيُّ وَابْن أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَن بْن صَالِح وَأَهْل الْكُوفَة وَذَهَبَ طَائِفَة إِلَى أَنَّ السُّجُود قَبْل السَّلَام , أَخْذًا بِحَدِيثِ اِبْن بُحَيْنَة وَبِحَدِيثِ مُعَاوِيَة عِنْد النَّسَائِيِّ , وَزَعَمُوا أَنَّ حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخ. وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى الزُّهْرِيّ أَنَّهُ قَالَ : "" سَجَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْ السَّهْو قَبْل السَّلَام وَبَعْده وَآخِر الْأَمْرَيْنِ قَبْل السَّلَام "" ثُمَّ أَكَّدَهُ الشَّافِعِيّ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَة الْمَذْكُور قَالَ وَصُحْبَة مُعَاوِيَة مُتَأَخِّرَة كُلّهَا ثَابِتَة صَحِيحَة وَفِيهَا نَوْع تَعَارُض وَلَمْ يَثْبُت تَقَدُّم بَعْضهَا عَلَى بَعْض بِرِوَايَةٍ صَحِيحَة وَحَدِيث الزُّهْرِيّ مُنْقَطِع فَلَا يَدُلّ عَلَى النَّسْخ وَلَا يُعَارَض بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَة , وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَحَادِيث عَلَى التَّوَسُّع وَجَوَاز الْأَمْرَيْنِ. الْمَذْهَب الثَّالِث : أَنَّ السَّهْو إِذَا كَانَ فِي الزِّيَادَة كَانَ السُّجُود بَعْد السَّلَام , أَخْذًا بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ , وَإِذَا كَانَ فِي النُّقْصَان كَانَ قَبْل السَّلَام , وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكُ بْن أَنَس. الْقَوْل الرَّابِع : أَنَّهُ إِذَا نَهَضَ مِنْ ثِنْتَيْنِ سَجَدَهُمَا قَبْل السَّلَام , أَخْذًا بِحَدِيثِ اِبْن بُحَيْنَة وَكَذَا إِذَا شَكَّ فَرَجَعَ إِلَى الْيَقِين أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ سَجَدَ بَعْد السَّلَام أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة , وَكَذَا إِذَا شَكَّ وَكَانَ مِمَّنْ يَرْجِع إِلَى التَّحَرِّي أَخْذًا بِحَدِيثِ اِبْن مَسْعُود وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ فَإِنَّهُ اِحْتِيَاط فَفَعَلَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَهُ فِي نَظِير كُلّ وَاقِعَة عَنْهُ. اِنْتَهَى. وَحَكَى الْحَافِظ زَيْن الدِّين الْعِرَاقِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا ثَمَانِيَة مَذَاهِب , لَا نُطِيل الْكَلَام فِي هَذَا الْمُخْتَصَر. وَقَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيّ : أَحَادِيث الْبَاب خَمْسَة حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِيمَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى وَفِيهِ أَنَّهُ يَسْجُد سَجْدَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُر مَوْضِعهمَا وَحَدِيث أَبِي سَعِيد فِيمَنْ شَكَّ وَفِيهِ أَنَّهُ يَسْجُد سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّم , وَحَدِيث اِبْن مَسْعُود وَفِيهِ الْقِيَام إِلَى خَامِسَة وَأَنَّهُ سَجَدَ بَعْد السَّلَام. وَحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ وَفِيهِ السَّلَام مِنْ اِثْنَتَيْنِ , وَالْمَشْي وَالْكَلَام وَأَنَّهُ سَجَدَ بَعْد السَّلَامِ. وَحَدِيث اِبْن بُحَيْنَة وَفِيهِ الْقِيَام مِنْ اِثْنَتَيْنِ وَالسُّجُود قَبْل السَّلَام. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّة الْأَخْذ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : لَا يُقَاسَ عَلَيْهَا. بَلْ تُسْتَعْمَل فِي مَوَاضِعهَا عَلَى مَا جَاءَتْ , وَقَالَ أَحْمَد كَقَوْلِ دَاوُدَ فِي هَذِهِ الصَّلَوَات خَاصَّة وَخَالَفَهُ فِي غَيْرهَا وَقَالَ يَسْجُد فِيمَا سِوَاهَا قَبْل السَّلَام لِكُلِّ سَهْو أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا الْقِيَاس فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضهمْ هُوَ مُخَيَّر فِي كُلّ سَهْو إِنْ شَاءَ سَجَدَ بَعْد السَّلَام , وَإِنْ شَاءَ قَبْله فِي الزِّيَادَة وَالنَّقْص. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : الْأَصْل هُوَ السُّجُود بَعْد السَّلَام وَتَأَوَّلَ بَاقِي الْأَحَادِيث عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيّ : الْأَصْل هُوَ السُّجُود قَبْل السَّلَام وَرَدَّ بَقِيَّة الْأَحَادِيث إِلَيْهِ. وَقَالَ مَالِك : إِنْ كَانَ السَّهْو زِيَادَة سَجَدَ بَعْد السَّلَام وَإِنْ كَانَ نَقْصًا فَقَبْله , فَأَمَّا الشَّافِعِيّ فَيَقُول : قَالَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد , فَإِنْ كَانَتْ خَامِسَة شَفَعَهَا وَنَصَّ عَلَى السُّجُود قَبْل السَّلَام مَعَ تَجْوِيز الزِّيَادَة وَالْمُجَوَّز كَالْمَوْجُودِ , وَيَتَأَوَّل حَدِيث اِبْن مَسْعُود فِي الْقِيَام إِلَى خَامِسَة وَالسُّجُود بَعْد السَّلَام عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلِمَ السَّهْو إِلَّا بَعْد السَّلَام وَلَوْ عَلِمَهُ قَبْله يَسْجُد قَبْله وَيَتَأَوَّل حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ عَلَى أَنَّهَا صَلَاة جَرَى فِيهَا سَهْو فَسَهَا عَنْ السُّجُود قَبْل السَّلَام فَتَدَارَكَهُ بَعْده. وَهَذَا كَلَام الْمَازِرِيّ قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ نَفِيسٌ. وَأَقْوَى الْمَذَاهِب هُنَا مَذْهَب مَالِك ثُمَّ مَذْهَب الشَّافِعِيّ , وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْل كَمَذْهَبِ مَالِك وَقَوْل بِالتَّخْيِيرِ , وَعَلَى الْقَوْل بِمَذْهَبِ مَالِك وَلَوْ اِجْتَمَعَ فِي صَلَاة خِلَاف بَيْن هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْل السَّلَام أَوْ بَعْده لِلزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْص أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا تَفْسُد صَلَاته وَإِنَّمَا اِخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَفْضَلِ. اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ.



