المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (868)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (868)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنَا عِيَاضٌ ح و حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ زَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ إِنَّكَ قَدْ أَحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ كَذَبْتَ إِلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ أَوْ صَوْتًا بِأُذُنِهِ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبَانَ قَالَ أَبُو دَاوُد و قَالَ مَعْمَرٌ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عِيَاضُ بْنُ هِلَالٍ و قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عِيَاضُ بْنُ أَبِي زُهَيْرٍ
( فَلَمْ يَدْرِ زَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِد ) : قَدْ اِسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُصَلِّي إِذَا شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا سَجْدَتَانِ عَمَلًا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة الْآتِي , وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَطَائِفَة مِنْ السَّلَف , وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَس وَأَبِي هُرَيْرَة , وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيْرهمْ , فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَبْنِي عَلَى أَقَلّ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَعْمَل عَلَى غَالِب ظَنّه , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُعِيدُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيل ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب أَكْثَر مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِسَجْدَتَيْنِ عِنْد السَّهْو فِي الصَّلَاة وَلَيْسَ فِيهَا بَيَان مَا يَصْنَعهُ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ. وَالْأَحَادِيث الْآخِرَة قَدْ اِشْتَمَلَتْ عَلَى زِيَادَة وَهِيَ بَيَان مَا هُوَ الْوَاجِب عَلَيْهِ عِنْد ذَلِكَ مِنْ غَيْر السُّجُود فَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَاجِبٌ. وَظَاهِر قَوْله مَنْ شَكَّ فِي صَلَاته , وَقَوْله فَإِذَا وَجَدَ أَحَدكُمْ ذَلِكَ , وَقَوْله فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد الْمُتَقَدِّم إِذَا شَكَّ أَحَدكُمْ فِي صَلَاته , وَقَوْله فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْمُتَقَدِّم أَيْضًا وَإِذَا شَكّ أَحَدكُمْ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَاب أَنَّ سُجُود السَّهْو مَشْرُوع فِي صَلَاة النَّافِلَة كَمَا هُوَ مَشْرُوع فِي صَلَاة الْفَرِيضَة , وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُور مِنْ الْعُلَمَاء قَدِيمًا وَحَدِيثًا لِأَنَّ الْجُبْرَان وَإِرْغَام الشَّيْطَان يُحْتَاج إِلَيْهِ فِي النَّفْل كَمَا يُحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْفَرْض. وَذَهَبَ اِبْن سِيرِينَ وَقَتَادَة وَرُوِيَ عَنْ عَطَاء وَنَقَلَهُ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ عَنْ قَوْله الْقَدِيم إِلَى أَنَّ التَّطَوُّع لَا يُسْجَد فِيهِ , وَهَذَا يَبْتَنِي عَلَى الْخِلَاف فِي اِسْم الصَّلَاة الَّذِي هُوَ حَقِيقَة مَشْرُوعَة فِي الْأَفْعَال الْمَخْصُوصَة هَلْ هُوَ مُتَوَاطِئ فَيَكُون مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا فَيَدْخُل تَحْته كُلّ صَلَاة أَوْ هُوَ مُشْتَرَك لَفْظِيّ بَيْن صَلَاتَيْ الْفَرْض وَالنَّفْل , فَذَهَبَ الرَّازِيّ إِلَى الثَّانِي لِمَا بَيْن صَلَاتَيْ الْفَرْض وَالنَّفْل مِنْ التَّبَايُن فِي بَعْض الشُّرُوط كَالْقِيَامِ وَاسْتِقْبَال الْقِبْلَة وَعَدَم اِعْتِبَار الْعَدَد الْمَعْنَوِيّ وَغَيْر ذَلِكَ. قَالَ الْعَلَائِيّ : وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ مُشْتَرَك مَعْنَوِيّ لِوُجُودِ الْقَدْر الْجَامِع بَيْن كُلّ مَا يُسَمَّى صَلَاة وَهُوَ التَّحْرِيم وَالتَّحْلِيل مَعَ مَا يَشْمَل الْكُلّ مِنْ الشُّرُوط الَّتِي لَا تَنْفَكُّ. قَالَ فِي الْفَتْح : وَإِلَى كَوْنه مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا ذَهَبَ جُمْهُور أَهْل الْأُصُول. قَالَ اِبْن رَسْلَان : وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ عَلَى خِلَاف الْأَصْل وَالتَّوَاطُؤ خَيْرٌ مِنْهُ اِنْتَهَى. فَمَنْ قَالَ إِنَّ لَفْظ الصَّلَاة مُشْتَرَك مَعْنَوِيّ قَالَ بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُود السَّهْو فِي صَلَاة التَّطَوُّع , وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ مُشْتَرَك لَفْظِيّ فَلَا عُمُوم لَهُ حِينَئِذٍ إِلَّا عَلَى قَوْل الشَّافِعِيّ إِنَّ الْمُشْتَرَك يَعُمّ جَمِيع مُسَمَّيَاتِهِ. وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ عَلَى بَاب السَّهْو فِي الْفَرْض وَالتَّطَوُّع , وَذَكَرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ يَسْجُد بَعْد وِتْره وَذَكَرَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة اِنْتَهَى كَلَام الشَّوْكَانِيِّ ( إِلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ ) : أَيْ اِسْتَيْقَنَ أَنَّهُ أَحْدَثَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ( وَهَذَا لَفْظ حَدِيث أَبَانَ ) : دُون هِشَام الدَّسْتَوَائِيّ ( وَقَالَ مَعْمَر وَعَلِيّ بْن الْمُبَارَك ) : وَالْحَاصِل أَنَّ هِشَام الدَّسْتَوَائِيّ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير قَالَ عِيَاض مِنْ غَيْر ذِكْر أَبِيهِ , وَقَالَ أَبَان عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير هِلَال بْن عِيَاض , وَأَمَّا مَعْمَر وَعَلِيّ بْن الْمُبَارَك فَقَالَا عِيَاض بْن هِلَال , وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عِيَاض بْن أَبِي زُهَيْر قَالَ الْحَافِظ : عِيَاض بْن هِلَال وَقِيلَ اِبْن أَبِي زُهَيْر الْأَنْصَارِيّ , وَقَالَ بَعْضهمْ هِلَال بْن عِيَاض وَهُوَ مَرْجُوح مَجْهُول تَفَرَّدَ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ اِنْتَهَى. "" 1221 "" ( إِنَّ أَحَدكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي ) : فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ( فَلَبَسَ عَلَيْهِ ) : بِتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَة الْمَفْتُوحَة عَلَى الصَّحِيح وَبِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَة أَيْضًا أَيْ خَلَطَ عَلَيْهِ أَمْر صَلَاته وَشَوَّشَ خَاطِرهُ. قَالَ فِي النِّهَايَة لَبَسْت الْأَمْر بِالْفَتْحِ أُلْبِسهُ إِذَا خَلَطْت بَعْضه بِبَعْضٍ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ } وَرُبَّمَا شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ أَيْضًا هُوَ بِالتَّخْفِيفِ أَيْ خَلَطَ عَلَيْهِ صَلَاته وَهُوَ شَبَّهَهَا عَلَيْهِ وَشَكَّكَهُ فِيهَا ( حَتَّى لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى ) : أَيْ رَكْعَة أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ غَيْرهمَا لِاشْتِغَالِ قَلْبه ( فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ ) : أَيْ التَّرَدُّد وَعَدَم الْعِلْم ( سَجْدَتَيْنِ ) : فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ لَا زِيَادَة عَلَيْهِمَا وَإِنْ سَهَا بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَة. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. ( وَكَذَا ) : أَيْ كَمَا رَوَاهُ مَالِك وَانْتَهَى حَدِيثه عَلَى قَوْله وَهُوَ جَالِس مِنْ غَيْر ذِكْر جُمْلَة قَبْل أَنْ يُسَلِّم ( رَوَاهُ اِبْن عُيَيْنَةَ وَمَعْمَر وَاللَّيْث ) : أَيْضًا فَهَؤُلَاءِ الْحُفَّاظ مِنْ أَصْحَاب الزُّهْرِيّ مَالِك وَابْن عُيَيْنَةَ وَمَعْمَر وَاللَّيْث لَمْ يَقُولُوا قَبْل أَنْ يُسَلِّم وَإِنَّمَا ذَكَرهَا اِبْن إِسْحَاق وَابْن أَخِي الزُّهْرِيّ كِلَاهُمَا عَنْ اِبْن شِهَاب كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الْحَافِظ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ : حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة هَذَا مَحْمُول عِنْد مَالِك وَاللَّيْث وَابْن وَهْب وَجَمَاعَة عَلَى الْمُسْتَنْكَح الَّذِي لَا يَكَاد يَنْفَكّ عَنْهُ وَيَكْثُر عَلَيْهِ السَّهْو وَيَغْلِب عَلَى ظَنّه أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ لَكِنَّ الشَّيْطَان يُوَسْوِس لَهُ فَيَجْزِيه أَنْ يَسْجُد لِلسَّهْوِ دُون أَنْ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَنْ يَنُوبهُ مِثْل ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي بِهِ وَأَمَّا مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَنَّهُ لَمْ يُكْمِل صَلَاته فَيَبْنِي عَلَى يَقِينه , فَإِنْ اِعْتَرَاهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا يَبْنِي لَهَى عَنْهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ اِبْن الْقَاسِم وَغَيْرُهُ. وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة هَذَا غَيْر حَدِيث الْبِنَاء عَلَى الْيَقِين أَنَّ أَبَا سَعِيد رَاوِي حَدِيث الْبِنَاء عَلَى الْيَقِين الْمُتَقَدِّم رَوَى أَيْضًا حَدِيث "" إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِد "" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَمُحَال أَنْ يَكُون مَعْنَاهُمَا وَاحِد لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظهمَا , بَلْ لِكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَوْضِع كَمَا ذَكَرْنَا اِنْتَهَى كَذَا فِي شَرْح الزُّرْقَانِيّ عَلَى الْمُوَطَّأ. ( فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّم ) : فِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ إِنَّ سُجُود السَّهْو قَبْل التَّسْلِيم , وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْوَارِدَة فِي سُجُود السَّهْو لِأَجْلِ الشَّكّ كَحَدِيثِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف عِنْد أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَأَبِي سَعِيد الْمُتَقَدِّم وَأَبِي هُرَيْرَة وَغَيْرهَا قَاضِيَة بِأَنَّ سُجُود السَّهْو لِهَذَا السَّبَب يَكُون قَبْل السَّلَام , وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر الْآتِي لَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَتِهَا لَا سِيَّمَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَقَال الَّذِي سَيَأْتِي وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدهُ حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْمَذْكُور قَرِيبًا فَيَكُون الْكُلُّ جَائِزًا وَسَيَجِيءُ بَعْضُ الْبَيَانِ.



