المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (855)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (855)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا يُكْنَى أَبَا رِمْثَةَ فَقَالَ صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ يَعْنِي نَفْسَهُ فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ يَشْفَعُ فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ فَهَزَّهُ ثُمَّ قَالَ اجْلِسْ فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ فَصْلٌ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ فَقَالَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَقَدْ قِيلَ أَبُو أُمَيَّةَ مَكَانَ أَبِي رِمْثَةَ
( صَلَّى بِنَا إِمَام لَنَا يُكَنَّى ) بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّد ( أَبَا رِمْثَة ) : بِكَسْرِ الرَّاء ( فَقَالَ ) : أَيْ أَبُو رِمْثَة ( صَلَّيْت هَذِهِ الصَّلَاة ) : الْإِشَارَة هُنَا لَيْسَتْ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ عَيْن الْمُشَار إِلَيْهِ الْوَاقِع فِي الْخَارِج لَمْ يُصَلِّهِ مَعَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا الَّذِي صَلَّاهُ مَعَهُ نَظِيره , فَتَعَيَّنَتْ الْإِشَارَة لِلْحَقِيقَةِ الذِّهْنِيَّة الْمَوْجُودَة فِي ضِمْن هَذِهِ الْخَارِجِيَّة وَغَيْرهَا وَلِذَا قَالَ ( أَوْ ) : عَلَى الشَّكّ ( قَالَ ) : أَيْ أَبُو رِمْثَة ( وَكَانَ أَبُو بَكْر وَعُمَر يَقُومَانِ فِي الصَّفّ الْمُقَدَّم عَنْ يَمِينه ) : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام "" لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَام "" وَفِيهِ إِفَادَة الْحَثّ عَلَى أَنَّهُ يُسَنّ تَحَرِّي الصَّفّ الْأَوَّل ثُمَّ تَحَرِّي يَمِين الْإِمَام لِأَنَّهُ أَفْضَل ( وَكَانَ رَجُل قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَة الْأُولَى ) : أَيْ تَكْبِيرَة التَّحْرِيمَة فَإِنَّهَا الْأُولَى حَقِيقَة أَوْ تَكْبِير الرُّكُوع فَإِنَّهَا تَكْبِيرَة الرَّكْعَة الْأُولَى ( مِنْ الصَّلَاة ) : اِحْتِرَاز مِنْ التَّكْبِير الْمُعْتَاد بَعْد الصَّلَاة أَيْ تَكْبِيرَة التَّحْرِيمَة , وَوَجْه ذِكْرهَا مَزِيد بَيَان أَنَّ مُدْرِكهَا مَا قَامَ عَقِب صَلَاته لِصَلَاةِ السُّنَّة إِلَّا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْء يَقُوم لِإِكْمَالِهِ ( فَصَلَّى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : أَيْ صَلَاته ( ثُمَّ سَلَّمَ ) : أَيْ مَائِلًا وَمُنْصَرِفًا ( عَنْ يَمِينه وَعَنْ يَسَاره ) : وَلَيْسَ فِيهِ سَلَام تِلْقَاء وَجْهه ( حَتَّى رَأَيْنَا ) : مُتَعَلِّق بِالْمُقَدَّرِ الْمَذْكُور ( بَيَاض خَدَّيْهِ ) : أَيْ مِنْ طَرَفَيْ وَجْهِهِ أَيْ خَدّه الْأَيْمَن فِي الْأُولَى وَالْأَيْسَر فِي الثَّانِيَة ( ثُمَّ اِنْفَتَلَ ) : أَيْ اِنْصَرَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَة ) : أَيْ كَانْفِتَالِي جَرَّدَ عَنْهُ نَفْسه أَبَا رِمْثَة وَوَضَعَهُ مَوْضِع ضَمِيرِهِ مَزِيدًا لِلْبَيَانِ كَمَا بَيَّنَهُ الطِّيبِيُّ , وَلِذَا قَالَ الرَّاوِي ( يَعْنِي ) : أَيْ يُرِيد أَبُو رِمْثَة بِقَوْلِهِ أَبِي رِمْثَة ( نَفْسه ) : أَيْ ذَاته لَا غَيْره ( يَشْفَع ) : بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّد أَيْ يُرِيد يُصَلِّي شَفْعًا مِنْ الصَّلَاة. قَالَ الطِّيبِيُّ : الشَّفْع ضَمّ الشَّيْء إِلَى مِثْله يَعْنِي قَامَ الرَّجُل يَشْفَع الصَّلَاة بِصَلَاةٍ أُخْرَى ( فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَر ) : أَيْ قَامَ بِسُرْعَةٍ ( فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ ) : بِالتَّثْنِيَةِ ( فَهَزَّهُ ) : بِالتَّشْدِيدِ أَيْ حَرَّكَهُ بِعُنْفٍ ( فَإِنَّهُ ) : أَيْ الشَّأْن ( إِلَّا أَنَّهُمْ ) : وَفِي نُسْخَة إِلَّا أَنَّهُ أَيْ الشَّأْن ( فَصْل ) : أَيْ فَرْق بِالتَّسْلِيمِ أَوْ التَّحْوِيل يَحْتَمِل أَنَّهُمْ كَانُوا أُمِرُوا بِالْفَصْلِ فَلَمْ يَمْتَثِلُوا وَيَحْتَمِل أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ فَاعْتَقَدُوا اِتِّصَال الصَّلَوَات , وَأَنَّهَا صَلَاة وَاحِدَة فَصَلَّوْا , أَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُؤَهَّلُوا إِلَى ذِكْر اللَّه عَقِب صَلَاتهمْ فَأَدَّى بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى قَسْوَة الْقَلْب الْمُؤَدِّيَة إِلَى الْإِعْرَاض عَنْ اللَّه وَأَوَامِره ; كَذَا فِي الْمِرْقَاة. قَالَ الطِّيبِيُّ : وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِعَدَمِ الْفَصْل تَرْك الذِّكْر بَعْد السَّلَام وَالتَّقْدِير لَنْ يُهْلِكهُمْ شَيْء إِلَّا عَدَم الْفَصْل ( فَرَفَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَره ) : أَيْ إِلَيْهِمَا ( فَقَالَ أَصَابَ اللَّهُ بِك يَا اِبْن الْخَطَّاب ) : قِيلَ الْبَاء زَائِدَة وَقِيلَ الْبَاء لِلتَّعْدِيَةِ , وَالْمَفْعُول مَحْذُوف أَيْ أَصَابَ اللَّه بِك الرُّشْدَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ مِنْ بَاب الْقَلْب أَيْ أَصَبْت الرُّشْد فِيمَا فَعَلْت بِتَوْفِيقِ اللَّه , كَذَا فِي الْمِرْقَاة. وَقَالَ فِي إِعْلَام أَهْل الْعَصْر بِأَحْكَامِ رَكْعَتَيْ الْفَجْر : وَالْفَصْل يَكُون بِالزَّمَانِ وَقَدْ يَكُون بِالتَّقَدُّمِ مِنْ مَكَان إِلَى مَكَان , أَمَّا الْفَصْل بِالزَّمَانِ فَكَمَا رَوَى أَحْمَد وَأَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ رِجَالهمَا رِجَال الصَّحِيح كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي مَجْمَع الزَّوَائِد عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبَاح عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْر فَقَامَ رَجُل يُصَلِّي فَرَآهُ عُمَر فَقَالَ لَهُ : اِجْلِسْ فَإِنَّمَا هَلَكَ أَهْل الْكِتَاب أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِصَلَاتِهِمْ فَصْلٌ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث أَبِي رِمْثَة هَذَا ثُمَّ قَالَ صَاحِب إِعْلَام أَهْل الْعَصْر : وَالظَّاهِر أَنَّ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمْ يُرِدْ بِالْفَصْلِ فَصْلًا بِالتَّقَدُّمِ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ اِجْلِسْ وَلَمْ يَقُلْ تَقَدَّمْ أَوْ تَأَخَّرْ , فَتَعَيَّنَ الْفَصْل بِالزَّمَانِ , وَأَمَّا الْفَصْل بِالتَّقَدُّمِ أَوْ التَّأَخُّر فَكَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة وَفِيهِ : "" إِذَا صَلَّيْت الْجُمُعَة فَلَا تَصِلهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُج فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ أَنْ لَا نُوصِل صَلَاة بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّم أَوْ نَخْرُج "" اِنْتَهَى مُلَخَّصًا. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَاده أَشْعَث بْن شُعْبَة وَالْمِنْهَال بْن خَلِيفَة وَفِيهِمَا مَقَالٌ.



