المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (846)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (846)]
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَعَنْ شِمَالِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
( عَنْ عَلْقَمَة بْن وَائِل عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُسَلِّم عَنْ يَمِينه السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته ) إِلَخْ : قَالَ فِي سُبُل السَّلَام شَرْح بُلُوغ الْمَرَام : هَذَا الْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث عَلْقَمَة بْن وَائِل عَنْ أَبِيهِ وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّف فِي التَّلْخِيص إِلَى عَبْد الْجَبَّار بْن وَائِل وَقَالَ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ فَأَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ , وَهُنَا أَيْ فِي بُلُوغ الْمَرَام قَالَ صَحِيح , وَرَاجَعْنَا سُنَن أَبِي دَاوُدَ فَرَأَيْنَاهُ رَوَاهُ عَنْ عَلْقَمَة بْن وَائِل عَنْ أَبِيهِ , وَقَدْ صَحَّ سَمَاع عَلْقَمَة عَنْ أَبِيهِ , خَالَفَ مَا فِي التَّلْخِيص , وَحَدِيث التَّسْلِيمَتَيْنِ رَوَاهُ خَمْسَة عَشَر مِنْ الصَّحَابَة بِأَحَادِيث مُخْتَلِفَة فِيهَا صَحِيح وَحَسَن وَضَعِيف وَمَتْرُوك , وَكُلُّهَا بِدُونِ زِيَادَة "" وَبَرَكَاته "" إِلَّا فِي رِوَايَة وَائِل هَذِهِ , وَرِوَايَة عَنْ اِبْن مَسْعُود عِنْد اِبْن مَاجَهْ وَعِنْد اِبْن حِبَّان , وَمَعَ صِحَّة إِسْنَاد حَدِيث وَائِل كَمَا قَالَ الْحَافِظ فِي بُلُوغ الْمَرَام : يَتَعَيَّن قَبُول زِيَادَته , إِذْ هِيَ زِيَادَة عَدْل وَعَدَمُ ذِكْرهَا فِي رِوَايَة غَيْره لَيْسَتْ رِوَايَة لِعَدَمِهَا , وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْوَارِد زِيَادَة "" وَبَرَكَاته "" وَقَدْ صَحَّتْ , وَلَا عُذْر عَنْ الْقَوْل بِهَا. وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاء. وَقَوْل اِبْن الصَّلَاح : إِنَّهَا لَمْ تَثْبُت قَدْ تَعَجَّبَ مِنْهُ الْحَافِظ , وَقَالَ هِيَ ثَابِتَة عِنْد اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه , وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ وَعِنْد اِبْن مَاجَهْ. قَالَ صَاحِب السُّبُل , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْح السُّنَن : لَمْ نَجِدْهَا فِي اِبْن مَاجَهْ. قَالَ صَاحِب السُّبُل : رَاجَعْنَا سُنَن اِبْن مَاجَهْ مِنْ نُسْخَة صَحِيحَة مَقْرُوءَة فَوَجَدْنَا فِيهِ مَا لَفْظه بَاب التَّسْلِيم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر حَدَّثَنَا عُمَر بْن عُبَيْد عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ عَبْد اللَّه "" أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّم عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدّه السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته "" اِنْتَهَى لَفْظه. قَالَ مُؤَلِّفُ غَايَة الْمَقْصُود لَكِنَّ نُسْخَة السُّنَن لِابْنِ مَاجَهْ الَّتِي عِنْد شَيْخنَا نَذِير حُسَيْن الْمُحَدِّث أَظُنّهَا بِخَطِّ الْقَاضِي ثَنَاء اللَّه رَحِمَهُ اللَّهُ وَاَلَّتِي بِأَيْدِينَا تُؤَيِّد كَلَام اِبْن رَسْلَان فَإِنَّهَا خَالِيَة عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَة , لَكِنَّ الِاعْتِمَاد فِي ذَلِكَ الْبَاب عَلَى نُسْخَة صَحِيحَة مَقْرُوءَة عَلَى الْحُفَّاظ كَمَا قَالَهُ الْأَمِير الْيَمَانِي فِي السُّبُل فَإِنَّهُ رَأَى هَذِهِ الزِّيَادَة وَأَيْضًا قَدْ أَثْبَتَ هَذِهِ الزِّيَادَة مِنْ رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص وَغَيْره مِنْ الْكُتُب وَاللَّهُ أَعْلَم. وَفِي تَلْقِيح الْأَفْكَار تَخْرِيج الْأَذْكَار لِلْحَافِظِ اِبْن حَجَر لَمَّا ذَكَرَ النَّوَوِيّ أَنَّ زِيَادَة وَبَرَكَاته زِيَادَة فَرْدَة سَاقَ الْحَافِظ طُرُقًا عِدَّة لِزِيَادَةِ وَبَرَكَاته ثُمَّ قَالَ فَهَذِهِ عِدَّة طُرُق ثَبَتَتْ بِهَا وَبَرَكَاته بِخِلَافِ مَا يُوهِمهُ كَلَام الشَّيْخ أَنَّهَا رِوَايَة فَرْدَة اِنْتَهَى كَلَامه. وَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ التَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْ فِعْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة وَقَدْ ثَبَتَ قَوْله : "" صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي , وَثَبَتَ حَدِيث "" تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَتَحْلِيلهَا السَّلَام "" أَخْرَجَهُ أَصْحَاب السُّنَن بِإِسْنَادٍ صَحِيح , فَيَجِب التَّسْلِيم لِذَلِكَ. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْل بِوُجُوبِهِ الشَّافِعِيَّةُ. وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّهُ قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّة وَآخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُدَلِّلِينَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر : "" إِذَا رَفَعَ الْإِمَام رَأْسه مِنْ السَّجْدَة وَقَعَدَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْل التَّسْلِيم فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاته , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّسْلِيم لَيْسَ بِرُكْنٍ وَاجِب وَإِلَّا لَوَجَبَتْ الْإِعَادَة , وَلِحَدِيثِ الْمُسِيء صَلَاته فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرهُ بِالسَّلَامِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ حَدِيث اِبْن عُمَر ضَعِيف بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظ , فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ هَذَا حَدِيث إِسْنَاده لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيّ وَقَدْ اِضْطَرَبُوا فِي إِسْنَاده , وَحَدِيث الْمُسِيء صَلَاته لَا يُنَافِي الْوُجُوب فَإِنَّ هَذِهِ زِيَادَة وَهِيَ مَقْبُولَة وَالِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى : "" اِرْكَعُوا وَاسْجُدُوا "" عَلَى عَدَم وُجُوب السَّلَام اِسْتِدْلَال غَيْر تَامّ لِأَنَّ الْآيَة مُجْمَلَة بَيَّنَ الْمَطْلُوبَ مِنْهَا فِعْلُه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَوْ عُمِلَ بِهَا وَحْدهَا لَمَا وَجَبَتْ الْقِرَاءَة وَلَا غَيْرهَا. قَالَ أَصْحَاب السُّبُل : وَدَلَّ الْحَدِيث عَلَى وُجُوب التَّسْلِيم عَلَى الْيَمِين وَالْيَسَار وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَة , وَذَهَبَ الشَّافِعِيّ إِلَى أَنَّ الْوَاجِب تَسْلِيمَة وَاحِدَةٌ وَالثَّانِيَة مَسْنُونَة. قَالَ النَّوَوِيّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء الَّذِينَ يُعْتَدّ بِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا تَسْلِيمَة وَاحِدَة فَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَيْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّم تِلْقَاء وَجْهه , فَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ جَعَلَ الْأُولَى عَنْ يَمِينه وَالثَّانِيَة عَنْ يَسَاره : وَلَعَلَّ حُجَّة الشَّافِعِيّ حَدِيث عَائِشَة : "" أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوْتَرَ بِتِسْع رَكَعَات لَمْ يَقْعُد إِلَّا فِي الثَّامِنَة فَيَحْمَد اللَّه وَيَذْكُرهُ وَيَدْعُو ثُمَّ يَنْهَض وَلَا يُسَلِّم ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَة فَيَجْلِس وَيَذْكُر اللَّه وَيَدْعُو ثُمَّ يُسَلِّم تَسْلِيمَة "" أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان وَإِسْنَاده عَنْ شَرْط مُسْلِم. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يُعَارِض حَدِيث الزِّيَادَة كَمَا عَرَفْت مِنْ قَبُول الزِّيَادَة إِذَا كَانَتْ مِنْ عَدْل. وَعِنْد مَالِك أَنَّ الْمَسْنُون تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَدْ بَيَّنَ اِبْن عَبْد الْبَرّ ضَعْف أَدِلَّة هَذَا الْقَوْل مِنْ الْأَحَادِيث. وَاسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّة عَلَى كِفَايَة التَّسْلِيمَة الْوَاحِدَة بِعَمَلِ أَهْل الْمَدِينَة وَهُوَ عَمَلٌ تَوَارَثُوهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُول أَنَّ عَمَلهمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَام فِيهِ الْحَافِظ اِبْن الْقَيِّم فِي إِعْلَام الْمُوَقِّعِينَ عَنْ رَبّ الْعَالَمِينَ بِمَا لَا يَزِيد عَلَيْهِ. وَقَوْله عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله "" أَيْ مُنْحَرِفًا إِلَى الْجِهَتَيْنِ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ خَدّه.


