المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (833)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (833)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
( إِذَا فَرَغَ أَحَدكُمْ مِنْ التَّشَهُّد الْآخَر ) : فِيهِ تَعْيِين مَحَلّ هَذِهِ الِاسْتِعَاذَة بَعْد التَّشَهُّد الْأَخِير وَهُوَ مُقَيَّد وَحَدِيث عَائِشَة الْمَرْوِيّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَن بِلَفْظِ "" أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ عَذَاب الْقَبْر "" الْحَدِيث مُطْلَق فَيُحْمَل عَلَيْهِ , وَهُوَ يَرُدّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اِبْن حَزْم مِنْ وُجُوبهَا فِي التَّشَهُّد الْأَوَّل , وَمَا وَرَدَ مِنْ الْإذْن لِلْمُصَلِّي بِالدُّعَاءِ بِمَا شَاءَ بَعْد التَّشَهُّد يَكُون بَعْد هَذِهِ الِاسْتِعَاذَة لِقَوْلِهِ إِذَا فَرَغَ ( فَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ ) : اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْأَمْر عَلَى وُجُوب الِاسْتِعَاذَة , وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ بَعْض الظَّاهِرِيَّة. وَفِي السُّبُل : وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى وُجُوب الِاسْتِعَاذَة مِمَّا ذَكَرَ , وَهُوَ مُذْهَب الظَّاهِرِيَّة وَابْن حَزْم مِنْهُمْ , وَيَجِب عِنْده أَيْضًا فِي التَّشَهُّد الْأَوَّل عَمَلًا مِنْهُ بِإِطْلَاقِ اللَّفْظ الْمُتَّفَق عَلَيْهِ , وَأَمَرَ طَاوُسٌ اِبْنه بِإِعَادَةِ الصَّلَاة لَمَّا لَمْ يَسْتَعِذْ فِيهَا فَإِنَّهُ يَقُول بِالْوُجُوبِ وَبُطْلَان الصَّلَاة مَنْ تَرَكَهَا , وَالْجُمْهُور جَعَلُوهُ عَلَى النَّدْب اِنْتَهَى ( مِنْ عَذَاب جَهَنَّم ) : قُدِّمَ لِأَنَّهُ أَشَدّ وَأَبْقَى بَدَل بِإِعَادَةِ الْجَار ( وَمِنْ عَذَاب الْقَبْر ) : فِيهِ رَدّ عَلَى الْمُنْكِرِينَ لِذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَزِلَة , وَالْأَحَادِيث فِي الْبَاب مُتَوَاتِرَة ( وَمِنْ فِتْنَة الْمَحْيَا وَالْمَمَات ) : قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : فِتْنَة الْمَحْيَا مَا يَعْرِض لَلْأَنِسَانِ مُدَّة حَيَاته مِنْ الِافْتِنَان بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَات وَالْجَهَالَات وَأَعْظَمهَا وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ أَمْر الْخَاتِمَة عِنْد الْمَوْت. وَفِتْنَة الْمَمَات يَجُوز أَنْ يُرَاد بِهَا الْفِتْنَة عِنْد الْمَوْت أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ , وَيَكُون الْمُرَاد عَلَى هَذَا بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا مَا قَبْل ذَلِكَ , وَيَجُوز أَنْ يُرَاد بِهَا فِتْنَة الْقَبْر , وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورهمْ. وَقِيلَ أَرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا الِابْتِلَاء مَعَ زَوَال الصَّبْر وَبِفِتْنَةِ الْمَمَات السُّؤَال فِي الْقَبْر مَعَ الْحَيْرَة. كَذَا فِي الْفَتْح ( وَمِنْ شَرّ الْمَسِيح الدَّجَّال ) : قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَن مُثَقَّل الدَّجَّال وَمُخَفَّف عِيسَى , وَنَقَلَ الْعَزِيزِيّ عَنْ خَلَف بْن عَامِر أَنَّ الْمَسِيح بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف وَاحِد وَيُقَال لِلدَّجَّالِ وَيُقَال لِعِيسَى وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنهمَا. قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح مَنْ قَالَهُ بِالتَّخْفِيفِ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْض وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّشْدِيدِ فَلِكَوْنِهِ مَمْسُوح الْعَيْن. قَالَ الْحَافِظ : وَحُكِيَ عَنْ بَعْضهمْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة فِي الدَّجَّال وَنُسِبَ قَائِله إِلَى التَّصْحِيف. قَالَ فِي الْقَامُوس : وَالْمَسِيح عِيسَى بْن مَرْيَم صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ لِبَرَكَتِهِ كَذَا فِي النَّيْل. وَفِي السُّبُل : وَأَمَّا عِيسَى فَقِيلَ لَهُ الْمَسِيح لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْن أُمّه مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ , وَقِيلَ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ , وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَمْسَح ذَا عَاهَة إِلَّا بَرِئَ. وَذَكَرَ صَاحِب الْقَامُوس أَنَّهُ جَمَعَ فِي وَجْه تَسْمِيَته بِذَلِكَ خَمْسِينَ قَوْلًا. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.


