المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (811)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (811)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَابِصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شَيْبَانَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ قَدِمْتُ الرَّقَّةَ فَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِي هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُ غَنِيمَةٌ فَدَفَعْنَا إِلَى وَابِصَةَ قُلْتُ لِصَاحِبِي نَبْدَأُ فَنَنْظُرُ إِلَى دَلِّهِ فَإِذَا عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَاطِئَةٌ ذَاتُ أُذُنَيْنِ وَبُرْنُسُ خَزٍّ أَغْبَرُ وَإِذَا هُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصًا فِي صَلَاتِهِ فَقُلْنَا بَعْدَ أَنْ سَلَّمْنَا فَقَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ قَيْسٍ بِنْتُ مِحْصَنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَسَنَّ وَحَمَلَ اللَّحْمَ اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ
( قَدِمْت الرَّقَّة ) : بِفَتْحِ الرَّاء الْمُهْمَلَة وَفَتْح الْقَاف الْمُشَدَّدَة بَلَد بِالشَّامِ ( هَلْ لَك فِي رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : أَيْ هَلْ لَك رَغْبَة فِي لِقَائِهِ ( قُلْت غَنِيمَة ) : أَيْ فَقُلْت نَعَمْ لِقَاؤُهُ غَنِيمَة ( فَدَفَعْنَا ) : أَيْ ذَهَبْنَا ( نَبْدَأ فَنَنْظُر إِلَى دَلِّهِ ) : قَالَ فِي الْقَامُوس : الدَّلّ كَالْهِدْيِ وَهُمَا مِنْ السَّكِينَة وَالْوَقَار وَحُسْن الْمَنْظَر ( فَإِذَا عَلَيْهِ قَلَنْسُوَة لَاطِئَة ) : أَيْ لَازِقَة بِالرَّأْسِ مُلْصَقَة بِهِ ( وَبُرْنُس خَزّ ) : قَالَ اِبْن الْأَثِير : الْخَزّ : ثِيَاب تُنْسَج مِنْ صُوف وَإِبْرَيْسَم وَهِيَ مُبَاحَة وَقَدْ لَبِسَهَا الصَّحَابَة وَالتَّابِعُونَ وَقَالَ غَيْره : الْخَزّ اِسْم دَابَّة ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْب الْمُتَّخَذ مِنْ وَبَرهَا وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : أَصْله مِنْ وَبَر الْأَرْنَب وَيُسَمَّى ذَكَره الْخَزّ , وَقِيلَ إِنَّ الْخَزّ ضَرْب مِنْ ثِيَاب الْإِبْرَيْسَم وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ. وَالْبُرْنُس كُلّ ثَوْب رَأْسه مِنْهُ مُلْتَزِق بِهِ مِنْ دُرَّاعَة أَوْ جُبَّة أَوْ غَيْره , وَيَجِيء تَحْقِيق لُبْس الْخَزّ فِي مَوْضِعه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى ( أَغْبَر ) : أَيْ كَأَنَّ لَوْنه لَوْن التُّرَاب ( فَقُلْنَا ) : أَيْ فِي اِعْتِمَاده عَلَى الْعَصَا فِي الصَّلَاة ( لَمَّا أَسَنَّ ) : أَيْ كَبِرَ ( وَحَمَلَ اللَّحْم ) : أَيْ ضَعُفَ أَوْ كَثُرَ اللَّحْم ( اِتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِد عَلَيْهِ ) : فِيهِ جَوَاز الِاعْتِمَاد عَلَى الْعَمُود وَالْعَصَا وَنَحْوهمَا لَكِنَّ الْقَيْد بِالْعُذْرِ الْمَذْكُور وَهُوَ الْكِبَر وَكَثْرَة اللَّحْم وَيَلْحَق بِهِمَا الضَّعْف وَالْمَرَض وَنَحْوهمَا. قَالَ الْعَلَّامَة الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْل : وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء أَنَّ مَنْ اِحْتَاجَ فِي قِيَامه إِلَى أَنْ يَتَّكِئ عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى عُكَّاز أَوْ يَسْتَنِد إِلَى حَائِط أَوْ يَمِيل عَلَى أَحَد جَانِبَيْهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ , وَجَزَمَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ بِاللُّزُومِ وَعَدَم جَوَاز الْقُعُود مَعَ إِمْكَان الْقِيَام مَعَ الِاعْتِمَاد , وَمِنْهُمْ الْمُتَوَلِّيّ وَالْأَذْرَعِيّ , وَكَذَا قَالَ بِاللُّزُومِ اِبْن قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيّ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْن مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ : لَا يَلْزَم ذَلِكَ وَيَجُوز الْقُعُود. اِنْتَهَى مُلَخَّصًا. قُلْت : قَدْ ثَبَتَ اِعْتِمَاد الصَّحَابَة رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ عَلَى الْعَصَا فِي صَلَاة التَّرَاوِيح , فَقَدْ رَوَى مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ السَّائِب بْن يَزِيد قَالَ : "" أَمَرَ عُمَر أُبَيّ بْن كَعْب وَتَمِيمًا الدَّارِيّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ فِي رَمَضَان بِإِحْدَى عَشْرَة رَكْعَة , فَكَانَ الْقَارِئ يَقْرَأ بِالْمِئِينَ حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِد عَلَى الْعَصَا مِنْ طُول الْقِيَام فَمَا كُنَّا نَنْصَرِف إِلَّا فِي بُزُوغ الْفَجْر "".


