المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (800)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (800)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
( فَقُولُوا آمِينَ ) : هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيف فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَعَنْ جَمِيع الْقُرَّاء , وَحَكَى أَبُو نَصْر عَنْ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ الْإِمَالَة وَفِيهِ ثَلَاث لُغَات أُخَر شَاذَّة الْقَصْر حَكَاهُ ثَعْلَب وَأَنْشَدَ لَهُ شَاهِدًا وَأَنْكَرَهُ اِبْن دُرُسْتُوَيْهِ وَطَعَنَ فِي الشَّاهِد بِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْر , وَحَكَى عِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ ثَعْلَب إِنَّمَا أَجَازَهُ فِي الشِّعْر خَاصَّة وَالثَّانِيَة التَّشْدِيد مَعَ الْمَدّ , وَالثَّالِثَة التَّشْدِيد مَعَ الْقَصْر , وَخَطَّأَهُمَا جَمَاعَة مِنْ أَئِمَّة اللُّغَة وَآمِينَ مِنْ أَسْمَاء الْأَفْعَال وَيُفْتَح فِي الْوَصْل لِأَنَّهَا مِثْل كَيْف وَمَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اِسْتَجِبْ عِنْد الْجُمْهُور , وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ مَا يَرْجِع جَمِيعه إِلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَقِيلَ إِنَّهُ اِسْم لِلَّهِ حَكَاهُ صَاحِب الْقَامُوس عَنْ الْوَاحِدِيّ. قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن : مَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَيْ مَعَ الْإِمَام حَتَّى يَقَع تَأْمِينكُمْ وَتَأْمِينه مَعًا , فَأَمَّا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا أَمَّنَ الْإِمَام فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ لَا يُخَالِفهُ وَلَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهُ عَنْ وَقْت تَأْمِينه وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الْقَائِل إِذَا رَحَلَ الْأَمِير فَارْحَلُوا , يَعْنِي إِذَا أَخَذَ الْأَمِير لِلرَّحِيلِ فَتَهَيُّؤًا لِلِارْتِحَالِ لِتَكُونَ رِحْلَتكُمْ مَعَ رِحْلَته , وَبَيَان هَذَا فِي الْحَدِيث الْآخَر "" إِنَّ الْإِمَام يَقُول آمِينَ وَالْمَلَائِكَة تَقُول آمِينَ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينه الْمَلَائِكَة غَفَرَ اللَّه لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه "" وَأُحِبّ أَنْ يُجْمَع التَّأْمِينَانِ فِي وَقْت رَجَاء الْمَغْفِرَة اِنْتَهَى. وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة التَّأْمِين لِلْمَأْمُومِ وَالْجَهْرِيَّة وَقَدْ تَرْجَمَ الْإِمَام الْبُخَارِيّ بَاب جَهْر الْمَأْمُوم بِالتَّأْمِينِ وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيث قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنَيِّر مُنَاسَبَة الْحَدِيث مُتَرْجَمَة مِنْ جِهَة أَنَّ فِي الْحَدِيث الْأَمْر بِقَوْلِ آمِينَ وَالْقَوْل إِذَا وَقَعَ بِهِ الْخِطَاب مُطْلَقًا حُمِلَ عَلَى الْجَهْر وَمَتَى أُرِيدَ بِهِ الْإِسْرَار أَوْ حَدِيث النَّفْس قُيِّدَ بِذَلِكَ. وَقَالَ اِبْن رَشِيد : تُؤْخَذ الْمُنَاسَبَة مِنْهُ مِنْ جِهَات مِنْهَا أَنَّهُ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَام فَقُولُوا مُقَابِل الْقَوْل بِالْقَوْلِ وَالْإِمَام إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ جَهْرًا فَكَانَ الظَّاهِر الِاتِّفَاق فِي الصِّفَة وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ فَقُولُوا وَلَمْ يُقَيِّدهُ بِجَهْرٍ وَلَا غَيْره وَهُوَ مُطْلَق فِي سِيَاق الْإِثْبَات , وَقَدْ عُمِلَ بِهِ فِي الْجَهْر بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ يَعْنِي فِي مَسْأَلَة الْإِمَام , وَالْمُطْلَق إِذَا عُمِلَ بِهِ فِي صُورَة لَمْ يَكُنْ حُجَّة فِي غَيْرهَا بِاتِّفَاقٍ , وَمِنْهَا أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَأْمُوم مَأْمُور بِالِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَام يَجْهَر فَلَزِمَ جَهْره بِجَهْرِهِ اِنْتَهَى. قَالَ الْحَافِظ : وَهَذَا الْأَخِير سَبَقَ إِلَيْهِ اِبْن بَطَّال , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِم أَنْ يَجْهَر الْمَأْمُوم بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْإِمَام جَهَرَ بِهَا , لَكِنْ يُمْكِن أَنْ يَنْفَصِل عَنْهُ بِأَنَّ الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ خَلْف الْإِمَام قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فَبَقِيَ التَّأْمِين دَاخِلًا تَحْت عُمُوم الْأَمْر بِاتِّبَاعِ الْإِمَام , وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ عَنْ عَطَاء أَنَّ مَنْ خَلْف اِبْن الزُّبَيْر كَانُوا يُؤَمِّنُونَ جَهْرًا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَطَاء قَالَ أَدْرَكْت مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَسْجِد إِذَا قَالَ الْإِمَام وَلَا الضَّالِّينَ سَمِعْت لَهُمْ رَجَّة بِآمِينَ "" اِنْتَهَى ( فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْله قَوْل الْمَلَائِكَة ) : قَالَ النَّوَوِيّ : وَاخْتُلِفَ فِي هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة , فَقِيلَ هُمْ الْحَفَظَة وَقِيلَ غَيْرهمْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ وَافَقَ قَوْله قَوْل أَهْل السَّمَاء ) : وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ إِذَا قَالَهُ الْحَاضِرُونَ مِنْ الْحَفَظَة قَالَهُ مَنْ فَوْقهمْ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أَهْل السَّمَاء وَالْمُرَاد بِالْمُوَافَقَةِ الْمُوَافَقَة فِي وَقْت التَّأْمِين فَيُؤَمِّن مَعَ تَأْمِينهمْ قَالَهُ النَّوَوِيّ ( غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه ) : ظَاهِره غُفْرَان جَمِيع الذُّنُوب الْمَاضِيَة وَهُوَ مَحْمُول عِنْد الْعُلَمَاء عَلَى الصَّغَائِر قَالَهُ الْحَافِظ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ.



