المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (779)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (779)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ
( مَا بَال أَقْوَام يَرْفَعُونَ أَبْصَارهمْ فِي صَلَاتهمْ ) : زَادَ الْبُخَارِيّ إِلَى السَّمَاء , وَزَادَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة "" عِنْد الدُّعَاء "" قَالَ الْحَافِظ : فَإِنَّ حَمْل الْمُطْلَق عَلَى هَذَا الْمُقَيَّد اِقْتَضَى اِخْتِصَاص الْكَرَاهَة بِالدُّعَاءِ الْوَاقِع فِي الصَّلَاة. وَقَدْ أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَابْن حِبَّان مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر بِغَيْرِ تَقْيِيد وَلَفْظه "" لَا تَرْفَعُوا أَبْصَاركُمْ إِلَى السَّمَاء يَعْنِي فِي الصَّلَاة "" وَأَخْرَجَهُ بِغَيْرِ تَقْيِيد أَيْضًا مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة وَالطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ وَكَعْب بْن مَالِك. وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ رِوَايَة هِشَام بْن حَسَّان عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ "" كَانُوا يَلْتَفِتُونَ فِي صَلَاتهمْ حَتَّى نَزَلَتْ { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } : فَأَقْبَلُوا عَلَى صَلَاتهمْ وَنَظَرُوا أَمَامهمْ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يُجَاوِز بَصَر أَحَدهمْ مَوْضِع سُجُوده وَصَلَهُ الْحَاكِم بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَة فِيهِ وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي آخِره فَطَأْطَأَ رَأْسه اِنْتَهَى ( فَاشْتَدَّ قَوْله فِي ذَلِكَ ) : إِمَّا بِتَكْرِيرِ هَذَا الْقَوْل أَوْ غَيْره مِمَّا يُفِيد الْمُبَالَغَة فِي الزَّجْر ( لَيَنْتَهِيَنَّ ) : وَهُوَ جَوَاب قَسَمَ مَحْذُوف , وَفِيهِ رِوَايَتَانِ لِلْبُخَارِيِّ فَالْأَكْثَرُونَ بِفَتْحِ أَوَّله وَضَمّ الْهَاء وَحَذْف الْيَاء الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد النُّون عَلَى الْبِنَاء لِلْفَاعِلِ , وَالثَّانِيَة بِضَمِّ الْيَاء وَسُكُون النُّون وَفَتْح الْفَوْقِيَّة وَالْهَاء وَالْيَاء التَّحْتِيَّة وَتَشْدِيد النُّون لِلتَّأْكِيدِ عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ ( أَوْ لَتُحْفَظُنَّ ) : بِضَمِّ الْفَوْقِيَّة وَفَتْح الْفَاء عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَتُسْلَبُنَّ. قَالَ فِي النَّيْل لَا يَخْلُو الْحَال مِنْ أَحَد الْأَمْرَيْنِ إِمَّا الِانْتِهَاء عَنْهُ وَإِمَّا الْعَمَى وَهُوَ وَعِيد عَظِيم وَتَهْدِيد شَدِيد , وَإِطْلَاقه يَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَا فَرْق بَيْن أَنْ يَكُون عِنْد الدُّعَاء أَوْ عِنْد غَيْره إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاة كَمَا وَقَعَ بِهِ التَّقْيِيد. وَالْعِلَّة فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا رَفَعَ بَصَره إِلَى السَّمَاء خَرَجَ عَنْ سَمْت الْقِبْلَة أَعْرَضَ عَنْهَا وَعَنْ هَيْئَة الصَّلَاة وَالظَّاهِر أَنَّ رَفْع الْبَصَر حَال الصَّلَاة حَرَام لِأَنَّ الْعُقُوبَة بِالْعَمَى لَا تَكُون إِلَّا عَنْ مُحَرَّم. وَالْمَشْهُور عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّهُ مَكْرُوه , وَبَالَغَ اِبْن حَزْم فَقَالَ تَبْطُل الصَّلَاة بِهِ اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.


