المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (745)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (745)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ
( عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حَبَّان ) : بِفَتْحِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة ( فَقَدْت ) : ضِدّ صَادَفْت , أَيْ طَلَبْت فَمَا وَجَدْت ( فَلَمَسْت الْمَسْجِد ) : أَيْ مَسِسْت بِيَدَيَّ الْمَوْضِع الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ ( وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ ) : أَيْ قَائِمَتَانِ , وَفِي صَحِيح مُسْلِم "" فَالْتَمَسْته فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْن قَدَمه وَهُوَ الْمَسْجِد وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ "" وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة : الْمَسْجِد بِفَتْحِ الْجِيم أَيْ فِي السُّجُود فَهُوَ مَصْدَر مِيمِيّ أَوْ فِي الْمَوْضِع الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فِي حُجْرَته , وَفِي نُسْخَة بِكَسْرِ الْجِيم وَهُوَ يَحْتَمِل مَسْجِد الْبَيْت بِمَعْنَى مَعْبَده وَالْمَسْجِد النَّبَوِيّ. اِنْتَهَى ( أَعُوذ بِرِضَاك مِنْ سَخَطك ) : أَيْ مِنْ فِعْل يُوجِب سَخَطك عَلَيَّ أَوْ عَلَى أُمَّتِي ( وَبِمُعَافَاتِك ) : أَيْ بِعَفْوِك وَأَتَى بِالْمُغَالَبَةِ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ بِعَفْوِك الْكَثِير ( مِنْ عُقُوبَتك ) : وَهِيَ أَثَر مِنْ آثَار السُّخْط , وَإِنَّمَا اِسْتَعَاذَ بِصِفَاتِ الرَّحْمَة لِسَبْقِهَا وَظُهُورهَا مِنْ صِفَات الْغَضَب ( وَأَعُوذ بِك مِنْك ) : إِذْ لَا يَمْلِك أَحَد مَعَك شَيْئًا فَلَا يُعِيذهُ مِنْك إِلَّا أَنْتَ ( لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك ) : قَالَ الطِّيبِيُّ : الْأَصْل فِي الْإِحْصَاء الْعَدّ بِالْحَصَى , أَيْ لَا أُطِيق أَنْ أُثْنِي عَلَيْك كَمَا تَسْتَحِقّهُ ( أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت ) : مَا مَوْصُولَة أَوْ مَوْصُوفَة وَالْكَاف بِمَعْنَى مِثْل. قَالَ الطِّيبِيُّ ( عَلَى نَفْسك ) : أَيْ عَلَى ذَاتك. سُئِلَ الشَّيْخ عِزّ الدِّين بْن عَبْد السَّلَام كَيْف شُبِّهَ ذَاته بِثَنَائِهِ وَهُمَا فِي غَايَة التَّبَايُن , فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي الْكَلَام حَذْفًا تَقْدِيره ثَنَاؤُك الْمُسْتَحِقّ كَثَنَائِك عَلَى نَفْسك , فَحُذِفَ الْمُضَاف مِنْ الْمُبْتَدَأ , فَصَارَ الضَّمِير الْمَجْرُور مَرْفُوعًا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِي هَذَا الْكَلَام مَعْنَى لَطِيف وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ اِسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ أَنْ يُجِيرهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطه وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَته , وَالرِّضَى وَالسُّخْط ضِدَّانِ مُتَقَابِلَانِ وَكَذَلِكَ الْمُعَافَاة وَالْمُؤَاخَذَة بِالْعُقُوبَةِ , فَلَمَّا صَارَ إِلَى ذِكْر مَا لَا ضِدّ لَهُ وَهُوَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى اِسْتَعَاذَ بِهِ مِنْهُ لَا غَيْر , وَمَعْنَى ذَلِكَ الِاسْتِغْفَار مِنْ التَّقْصِير مِنْ بُلُوغ الْوَاجِب مِنْ حَقّ عِبَادَته , وَالثَّنَاء عَلَيْهِ. وَقَوْله لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك أَيْ لَا أُطِيقهُ وَلَا أَبْلُغهُ اِنْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِأَهْلِ السُّنَّة فِي جَوَاز إِضَافَة الشَّرّ إِلَى اللَّه تَعَالَى كَمَا يُضَاف إِلَيْهِ الْخَيْر , لِقَوْلِهِ أَعُوذ بِك مِنْ سَخَطك وَعَنْ عُقُوبَتك وَاَللَّه أَعْلَم. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَابْن مَاجَهْ.



