المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (742)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (742)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشَفَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ
( سُلَيْمَان بْن سُحَيْم ) : بِمُهْلَتَيْنِ مُصَغَّر وَثَّقَهُ اِبْن مَعِين ( كَشَفَ السِّتَارَة ) : بِكَسْرِ السِّين الْمُهْمَلَة وَهِيَ السِّتْر الَّذِي يَكُون عَلَى بَاب الْبَيْت وَالدَّار ( لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَات النُّبُوَّة ) : أَيْ مِنْ أَوَّل مَا يَبْدُو مِنْهَا مَأْخُوذ مِنْ تَبَاشِير الصُّبْح وَهُوَ أَوَّل مَا يَبْدُو مِنْهُ , وَهُوَ كَقَوْلِ عَائِشَة "" أَوَّل مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْي "" الْحَدِيث , وَفِيهِ أَنَّ الرُّؤْيَا مِنْ الْمُبَشِّرَات سَوَاء رَآهَا الْمُسْلِم أَوْ رَآهَا غَيْره ( أَوْ تُرَى لَهُ ) : عَلَى صِيغَة الْمَجْهُول , أَيْ رَآهَا غَيْره لَهُ ( وَإِنِّي نُهِيت أَنْ أَقْرَأ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ) : أَيْ إِنِّي نُهِيت عَنْ قِرَاءَة الْقُرْآن فِي هَذَيْنِ الْحَالَتَيْنِ , وَالنَّهْي لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْي لِأُمَّتِهِ كَمَا يُشْعِر بِذَلِكَ قَوْله فِي الْحَدِيث أَمَّا الرُّكُوع إِلَخْ وَيُشْعِر بِهِ أَيْضًا مَا فِي صَحِيح مُسْلِم وَغَيْره أَنَّ عَلِيًّا قَالَ "" نَهَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأ الْقُرْآن رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا "" وَهَذَا النَّهْي يَدُلّ عَلَى تَحْرِيم قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود , وَفِي بُطْلَان الصَّلَاة بِالْقِرَاءَةِ حَال الرُّكُوع وَالسُّجُود خِلَاف. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَمَّا كَانَ الرُّكُوع وَالسُّجُود وَهُمَا غَايَة الذُّلّ وَالْخُضُوع مَخْصُوصَيْنِ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيح نَهَى عَنْ الْقِرَاءَة فِيهِمَا كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْمَع بَيْن كَلَام اللَّه تَعَالَى وَكَلَام الْخَلْق فِي مَوْضِع وَاحِد فَيَكُونَانِ سَوَاء. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَفِيهِ أَنَّهُ يُنْتَقَض بِالْجَمْعِ بَيْنهمَا فِي حَال الْقِيَام. وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : وَكَأَنَّ حِكْمَته أَنَّ أَفْضَل أَرْكَان الصَّلَاة الْقِيَام وَأَفْضَل الْأَذْكَار الْقُرْآن , فَجَعَلَ الْأَفْضَل لِلْأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْله فِي غَيْره لِئَلَّا يُوهِم اِسْتِوَائِهِ مَعَ بَقِيَّة الْأَذْكَار. وَقِيلَ خُصَّتْ الْقِرَاءَة بِالْقِيَامِ أَوْ الْقُعُود عِنْد الْعَجْز عَنْهُ , لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَفْعَال الْعَادِيَة وَيَتَمَحَّضَان لِلْعِبَادَةِ , بِخِلَافِ الرُّكُوع وَالسُّجُود , لِأَنَّهُمَا بِذَوَاتِهِمَا يُخَالِفَانِ الْعَادَة وَيَدُلَّانِ عَلَى الْخُضُوع وَالْعِبَادَة , وَيُمْكِن أَنْ يُقَال إِنَّ الرُّكُوع وَالسُّجُود حَالَانِ دَالَّانِ عَلَى الذُّلّ وَيُنَاسِبهُمَا الدُّعَاء وَالتَّسْبِيح , فَنَهَى عَنْ الْقِرَاءَة فِيهِمَا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم وَتَكْرِيمًا لِقَارِئِهِ الْقَائِم مَقَام الْكَلِيم وَاَللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم ( فَأَمَّا الرُّكُوع فَعَظِّمُوا الرَّبّ فِيهِ ) : أَيْ قُولُوا سُبْحَان رَبِّي الْعَظِيم ( وَأَمَّا السُّجُود فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاء ) : فِيهِ الْحَثّ عَلَى الدُّعَاء فِي السُّجُود ( فَقَمِنٌ ) : قَالَ النَّوَوِيّ : هُوَ بِفَتْحِ الْقَاف وَفَتْح الْمِيم وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , فَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ عِنْده مَصْدَر لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع , وَمَنْ كَسَرَ فَهُوَ وَصْف يُثَنَّى وَيُجْمَع , قَالَ وَفِيهِ لُغَة ثَالِثَة قَمِين بِزِيَادَةِ الْيَاء وَفَتْح الْقَاف وَكَسْر الْمِيم وَمَعْنَاهُ حَقِيق وَجَدِير , وَيُسْتَحَبّ الْجَمْع بَيْن الدُّعَاء وَالتَّسْبِيح الْمُتَقَدِّم لِيَكُونَ الْمُصَلِّي عَامِلًا بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ , وَالْأَمْر بِتَعْظِيمِ الرَّبّ فِي الرُّكُوع وَالِاجْتِهَاد فِي الدُّعَاء فِي السُّجُود مَحْمُول عَلَى النَّدْب عِنْد الْجُمْهُور , وَقَدْ نُقِدَ ذِكْر مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَسْبِيح الرُّكُوع وَالسُّجُود. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.



