المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (730)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (730)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاضٍ ح و حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَقَالَ الرَّجُلُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي قَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَإِنَّمَا انْتَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكَ وَقَالَ فِيهِ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَيَضَعَ الْوُضُوءَ يَعْنِي مَوَاضِعَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَا حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ بِمَعْنَاهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحْمَدَهُ ثُمَّ يَقْرَأَ مِنْ الْقُرْآنِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَتَيَسَّرَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ حَمَّادٍ قَالَ ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْجُدَ فَيُمَكِّنَ وَجْهَهُ قَالَ هَمَّامٌ وَرُبَّمَا قَالَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدِهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ فَوَصَفَ الصَّلَاةَ هَكَذَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى تَفْرُغَ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ إِذَا قُمْتَ فَتَوَجَّهْتَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ وَإِذَا رَكَعْتَ فَضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَامْدُدْ ظَهْرَكَ وَقَالَ إِذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ فَإِذَا رَفَعْتَ فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ إِذَا أَنْتَ قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَكَبِّرْ اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ عَلَيْكَ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالَ فِيهِ فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ وَافْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى ثُمَّ تَشَهَّدْ ثُمَّ إِذَا قُمْتَ فَمِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِكَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ثُمَّ تَشَهَّدْ فَأَقِمْ ثُمَّ كَبِّرْ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِهِ وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ وَقَالَ فِيهِ وَإِنْ انْتَقَصْتَ مِنْهُ شَيْئًا انْتَقَصْتَ مِنْ صَلَاتِكَ
( فَدَخَلَ رَجُل ) : هُوَ خَلَّاد بْن رَافِع كَذَا بَيَّنَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة ( فَصَلَّى ) : زَادَ النَّسَائِيُّ رَكْعَتَيْنِ. وَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا. قَالَ الْحَافِظ : وَالْأَقْرَب أَنَّهَا تَحِيَّة الْمَسْجِد ( ثُمَّ جَاءَ ) : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ : فَجَاءَ فَسَلَّمَ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْن صَلَاته وَمَجِيئِهِ تَرَاخٍ ( اِرْجِعْ ) : قَالَ الْحَافِظ فِي رِوَايَة اِبْن عَجْلَان فَقَالَ أَعِدْ صَلَاتك ( فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ ) : قَالَ عِيَاض : فِيهِ أَنَّ أَفْعَال الْجَاهِل فِي الْعِبَادَة عَلَى غَيْر عِلْم لَا تُجْزِئ وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالنَّفْيِ نَفْي الْإِجْزَاء وَهُوَ الظَّاهِر , وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْي الْكَمَال تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُر بَعْد التَّسْلِيم بِالْإِعَادَةِ , فَدَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِير الْبَيَان كَذَا قَالَهُ بَعْض الْمَالِكِيَّة وَهُوَ الْمُهَلَّب وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ بِالْمَرَّةِ الْأَخِيرَة بِالْإِعَادَةِ , فَسَأَلَهُ التَّعْلِيم فَعَلِمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَعِدْ صَلَاتك عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّة ( كَمَا كَانَ صَلَّى ) : أَيْ فِي أَوَّل مَرَّة ( حَتَّى فَعَلَ ) : أَيْ الرَّجُل ( ذَلِكَ ) : الْمَذْكُور ( ثَلَاث مِرَار ) : فَإِنْ قِيلَ : لِمَ سَكَتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَعْلِيمه أَوَّلًا حَتَّى اِفْتَقَرَ إِلَى الْمُرَاجَعَة كَرَّة بَعْد أُخْرَى قُلْنَا لِأَنَّ الرَّجُل لَمَّا لَمْ يَسْتَكْشِف الْحَال مُغْتَرًّا بِمَا عِنْده سَكَتَ عَنْ تَعْلِيمه زَجْرًا لَهُ وَإِرْشَادًا إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَكْشِف مَا اِسْتَبْهَمَ عَلَيْهِ , فَلَمَّا طَلَبَ كَشْف الْحَال بَيَّنَهُ بِحُسْنِ الْمَقَال. قَالَهُ اِبْن الْمَلَك فِي شَرْح الْمَشَارِق. قَالَ الْقَارِي : وَاسْتَشْكَلَ تَقْرِيره عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى صَلَاته وَهِيَ فَاسِدَة ثَلَاث مَرَّات عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ النَّفْي لِلصِّحَّةِ , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ اِسْتِدْرَاجه بِفِعْلِ مَا جَهِلَهُ مَرَّات لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا فَيَتَذَكَّر فَيَفْعَلهُ مِنْ غَيْر تَعْلِيم , فَلَيْسَ مِنْ بَاب التَّقْرِير عَلَى الْخَطَأ بَلْ مِنْ بَاب تَحَقُّق الْخَطَأ , أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمهُ أَوْ لَا لِيَكُونَ أَبْلَغ فِي تَعْرِيفه وَتَعْرِيف غَيْره وَلِتَفْحِيمِ الْأَمْر وَتَعْظِيمه عَلَيْهِ. وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : لَا شَكّ فِي زِيَادَة قَبُول الْمُتَعَلِّم لِمَا يُلْقَى إِلَيْهِ بَعْد تَكْرَار فِعْله وَاسْتِجْمَاع نَفْسه وَتَوَجُّه سُؤَاله مَصْلَحَة مَانِعَة مِنْ وُجُوب الْمُبَادَرَة إِلَى التَّعْلِيم لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَم خَوْف ( مَا أُحْسِن غَيْر هَذَا ) : أَيْ لَا أَدْرِي غَيْر هَذَا. ( إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكَبِّرْ ) : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَأَسْبِغْ الْوُضُوء ثُمَّ اِسْتَقْبِلْ الْقِبْلَة فَكَبِّرْ ( ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآن ) : وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة مِنْ طَرِيق رِفَاعَة ثُمَّ اِقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآن وَبِمَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَقْرَأ. وَلِأَحْمَد وَابْن حِبَّان ثُمَّ اِقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآن ثُمَّ اِقْرَأْ بِمَا شِئْت. وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ الْبَاب مَنْ لَمْ يُوجِب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا التَّصْرِيح بِأُمِّ الْقُرْآن , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام فِي ذَلِكَ ( ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنّ رَاكِعًا ) : فِي رِوَايَة لِأَحْمَد وَالْمُؤَلِّف فَإِذَا رَكَعْت فَاجْعَلْ رَاحَتَيْك عَلَى رُكْبَتَيْك وَامْدُدْ ظَهْرك وَتَمَكَّنْ لِرُكُوعِك ( ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِل قَائِمًا ) : فِي رِوَايَة اِبْن نُمَيْر عِنْد اِبْن مَاجَهْ : حَتَّى تَطْمَئِنّ قَائِمًا. أَخْرَجَهُ عَلِيّ بْن أَبِي شَيْبَة عَنْهُ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم إِسْنَاده بِعَيْنِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث لَكِنْ لَمْ يَسْبِق لَفْظه فَهُوَ عَلَى شَرْطه , وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده عَنْ أَبِي أُسَامَة وَهُوَ فِي مُسْتَخْرَج أَبِي نُعَيْم مِنْ طَرِيقه , وَكَذَا أَخْرَجَهُ السَّرَّاج عَنْ يُوسُف بْن مُوسَى أَحَد شُيُوخ الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي أُسَامَة فَثَبَتَ ذِكْر الطُّمَأْنِينَة فِي الِاعْتِدَال عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَمِثْله فِي حَدِيث رِفَاعَة عِنْد أَحْمَد وَابْن حِبَّان. وَفِي لَفْظ لِأَحْمَد فَأَقِمْ صُلْبك حَتَّى تَرْجِع الْعِظَام إِلَى مَفَاصِلهَا وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ قَوْل إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْقَلْب مِنْ إِيجَابهَا أَيْ الطُّمَأْنِينَة فِي الرَّفْع مِنْ الرُّكُوع شَيْء لِأَنَّهَا لَمْ تُذْكَر فِي حَدِيث الْمُسِيء صَلَاته دَالّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِف عَلَى هَذِهِ الطُّرُق الصَّحِيحَة. كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي ( ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنّ سَاجِدًا ) : فِيهِ وُجُوب السُّجُود وَالطُّمَأْنِينَة فِيهِ , وَلَا خِلَاف فِي ذَلِكَ ( ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتك كُلّهَا ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأ فِي كُلّ رَكْعَة كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَع وَيَسْجُد فِي كُلّ رَكْعَة. وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي إِنْ شَاءَ أَنْ يَقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسَبِّح سَبَّحَ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأ فِيهِمَا شَيْئًا أَجْزَأَهُ. وَقَدْ رَوَوْا فِيهِ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب كَرَّمَ اللَّه وَجْهه فِي الْجَنَّة أَنَّهُ قَالَ يَقْرَأ فِي الْأُولَيَيْنِ وَيُسَبِّح فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ طَرِيق الْحَارِث عَنْهُ. قُلْت : وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاس فِي الْحَدِيث قَدِيمًا , وَمِمَّنْ ضَعَّفَ فِيهِ الشَّعْبِيّ وَرَمَاهُ بِالْكَذِبِ وَتَرَكَهُ أَصْحَاب الْحَدِيث وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ لَمْ يَكُنْ حُجَّة لِأَنَّ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة قَدْ خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَابْن مَسْعُود وَعَائِشَة وَغَيْرهمْ وَسُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مَا اُتُّبِعَ , بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيّ مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع أَنَّهُ كَانَ يَأْمُر أَنْ يُقْرَأ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْر وَالْعَصْر بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَسُورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْمَكِّيّ قَالَ أَخْبَرَنَا الصَّائِغ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيد بْن مَنْصُور قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن زِيَاد قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَة عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن قَالَ سَمِعْت الزُّهْرِيّ يُحَدِّث عَنْ اِبْن أَبِي رَافِع عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ بِذَلِكَ. اِنْتَهَى كَلَام الْخَطَّابِيّ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى وُجُوب الطُّمَأْنِينَة فِي أَرْكَان الصَّلَاة , وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور. وَاشْتَهَرَ عَنْ الْحَنَفِيَّة أَنَّ الطُّمَأْنِينَة سُنَّة , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِير مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنْ كَلَام الطَّحَاوِيُّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوب عِنْدهمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَار الرُّكُوع وَالسُّجُود ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيث الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره فِي قَوْله : سُبْحَان رَبِّيَ الْعَظِيم ثَلَاثًا فِي الرُّكُوع وَذَلِكَ أَدْنَاهُ. قَالَ فَذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَار الرُّكُوع وَالسُّجُود لَا يُجْزِئ أَدْنَى مِنْهُ. قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ. فَقَالُوا إِذَا اِسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَأَبِي يُوسُف وَمُحَمَّد. قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : تَكَرَّرَ مِنْ الْفُقَهَاء الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى وُجُوب مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَلَى عَدَم وُجُوب مَا لَمْ يُذْكَر أَمَّا الْوُجُوب فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْر بِهِ , وَأَمَّا عَدَمه فَلَيْسَ بِمُجَرَّدِ كَوْن الْأَصْل عَدَم الْوُجُوب بَلْ لِكَوْنِ الْمَوْضِع مَوْضِع تَعْلِيم وَبَيَان لِلْجَاهِلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اِنْحِصَار الْوَاجِبَات فِيمَا ذُكِرَ , وَيَتَقَوَّى بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَة مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي وَمَا لَمْ تَتَعَلَّق بِهِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِر الْمَقْصُود عَلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْإِسَاءَة. قَالَ : فَكُلّ مَوْضِع اِخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي وُجُوبه وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيث فَلَسْنَا أَنْ نَتَمَسَّك بِهِ فِي وُجُوبه وَبِالْعَكْسِ , لَكِنْ يُحْتَاج أَوَّلًا إِلَى جَمْع طُرُق هَذَا الْحَدِيث وَإِحْصَاء الْأُمُور الْمَذْكُورَة فِيهِ وَأُخِذَ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِد , ثُمَّ إِنْ عَارَضَ الْوُجُوب أَوْ عَدَمه دَلِيل أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ , وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَة الْأَمْر فِي حَدِيث آخَر بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَر فِي هَذَا الْحَدِيث قُدِّمَتْ. قَالَ الْحَافِظ : قَدْ اِمْتَثَلْت مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَجَمَعْت طُرُقه الْقَوِيَّة مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة وَرِفَاعَة , وَقَدْ أَمْلَيْت الزِّيَادَات الَّتِي اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا فَمِمَّا لَمْ يُذْكَر فِيهِ صَرِيحًا مِنْ الْوَاجِبَات الْمُتَّفَق عَلَيْهَا النِّيَّة وَالْقُعُود الْأَخِير , وَمِنْ الْمُخْتَلَف فِيهِ التَّشَهُّد الْأَخِير وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّلَام فِي آخِر الصَّلَاة. قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا عِنْد الرَّجُل اِنْتَهَى. وَهَذَا يَحْتَاج إِلَى تَكْمِلَة وَهُوَ ثُبُوت الدَّلِيل عَلَى إِيجَاب مَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْإِقَامَة وَالتَّعَوُّذ وَدُعَاء الِافْتِتَاح وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِي الْإِحْرَام وَغَيْره وَوَضْع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى , وَتَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات وَتَسْبِيحَات الرُّكُوع وَالسُّجُود وَهَيْئَات الْجُلُوس وَوَضْع الْيَد عَلَى الْفَخِذ وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَر فِي الْحَدِيث لَيْسَ بِوَاجِبٍ. اِنْتَهَى. وَهُوَ فِي مَعْرِض الْمَنْع لِثُبُوتِ بَعْض مَا ذُكِرَ فِي بَعْض الطُّرُق كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه , فَيَحْتَاج مَنْ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهِ إِلَى دَلِيل عَلَى عَدَم وُجُوبه كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره اِنْتَهَى. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ صَلَاة مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود غَيْر مُجْزِيَة. وَفِي قَوْله : إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكَبِّرْ دَلِيل عَلَى أَنَّ غَيْر التَّكْبِير لَا يَصِحّ بِهِ اِفْتِتَاح الصَّلَاة لِأَنَّهُ إِذَا اِفْتَتَحَهَا بِغَيْرِهِ كَانَ الْأَمْر بِالتَّكْبِيرِ قَائِمًا لَمْ يَمْتَثِل. اِنْتَهَى. قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : وَيَتَأَيَّد ذَلِكَ بِأَنَّ الْعِبَادَات مَحَلّ التَّعَبُّدَات وَلِأَنَّ رُتَب هَذِهِ الْأَذْكَار مُخْتَلِفَة فَقَدْ لَا يَتَأَدَّى بِرُتْبَةٍ مِنْهَا مَا يُقْصَد بِرُتْبَةٍ أُخْرَى وَنَظِير الرُّكُوع فَإِنَّ الْمَقْصُود بِهِ التَّعْظِيم بِالْخُضُوعِ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِالسُّجُودِ لَمْ يُجْزِئ مَعَ أَنَّهُ غَايَة الْخُضُوع اِنْتَهَى. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَوْله اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآن , ظَاهِره الْإِطْلَاق وَالتَّخْيِير , وَالْمُرَاد مِنْهُ فَاتِحَة الْكِتَاب لِمَنْ أَحْسَنهَا لَا يُجْزِئهُ غَيْرهَا بِدَلِيلِ لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب , وَهَذَا فِي الْإِطْلَاق كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْي } ثُمَّ كَانَ أَقَلّ مَا يُجْزِي مِنْ الْهَدْي مُعَيَّنًا مَعْلُوم الْمِقْدَار بِبَيَانِ السُّنَّة وَهُوَ الشَّاة. اِنْتَهَى قُلْت : يَأْتِي فِي حَدِيث رِفَاعَة قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اِقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآن وَبِمَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَقْرَأ فَفِيهِ تَصْرِيح بِوُجُوبِ قِرَاءَة الْفَاتِحَة. ( قَالَ الْقَعْنَبِيّ عَنْ سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ) : أَيْ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ يَحْيَى الْقَطَّان خَالَفَ أَصْحَاب عُبَيْد اللَّه كُلّهمْ فِي هَذَا الْإِسْنَاد فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَيَحْيَى حَافِظ فَيُشْبِه أَنْ يَكُون عُبَيْد اللَّه حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْبَزَّار لَمْ يُتَابَع يَحْيَى عَلَيْهِ , وَرَجَّحَ التِّرْمِذِيّ رِوَايَة يَحْيَى , قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. قَالَ الْحَافِظ : لِكُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَجْه مُرَجِّح. أَمَّا رِوَايَة يَحْيَى فَلِلزِّيَادَةِ مِنْ الْحَافِظ , وَأَمَّا الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَلِلْكَثْرَةِ , وَلِأَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُوصَف بِالتَّدْلِيسِ , وَقَدْ ثَبَتَ سَمَاعه مِنْ أَبِي هُرَيْرَة. اِنْتَهَى ( وَقَالَ ) : أَيْ الْقَعْنَبِيّ ( فِي آخِره ) : أَيْ فِي آخِر الْحَدِيث ( فَأَسْبِغْ الْوُضُوء ) : قَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ أَتْمِمْهُ , يَعْنِي تَوَضَّأَ وُضُوءًا تَامًّا. وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : مُشْتَمِلًا عَلَى فَرَائِضه وَسُنَنه. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ نَحْوه , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة. ( ذَكَرَ نَحْوه ) : أَيْ ذَكَرَ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل نَحْو الْحَدِيث الْمَذْكُور ( إِنَّهُ ) : أَيْ الشَّأْن ( لَا تَتِمّ صَلَاة لِأَحَدٍ ) : أَيْ لَا تَصِحّ لِأَنَّ نَفْي التَّمَام يَسْتَلْزِم نَفْي الصِّحَّة لِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ بِصَلَاةٍ لَا نُقْصَان فِيهَا , فَالنَّاقِصَة غَيْر صَحِيحَة وَمَنْ اِدَّعَى صِحَّتهَا فَعَلَيْهِ الْبَيَان. وَقَدْ جَعَلَ صَاحِب ضَوْء النَّهَار نَفْي التَّمَام هُنَا هُوَ نَفْي الْكَمَال بِعَيْنِهِ , وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيث الْمُتَقَدِّم "" فَإِنْ اِنْتَقَصْت مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , فَقَدْ اِنْتَقَصْت مِنْ صَلَاتك "" وَأَنْتَ خَبِير بِأَنَّ هَذَا مِنْ مَحَلّ النِّزَاع أَيْضًا , لِأَنَّا نَقُول الْإِنْقَاص يَسْتَلْزِم عَدَم الصِّحَّة لِذَلِكَ الدَّلِيل الَّذِي أَسْلَفْنَاهُ. وَلَا نُسَلِّم أَنَّ تَرْك مَنْدُوبَات الصَّلَاة وَمَسْنُونَاتهَا اِنْتِقَاص مِنْهَا لِأَنَّهَا أُمُور خَارِجَة عَنْ مَاهِيَّة الصَّلَاة فَلَا يُرَدّ الْإِلْزَام بِهَا , وَكَوْنهَا تَزِيد فِي الثَّوَاب لَا يَسْتَلْزِم أَنَّهَا مِنْهَا كَمَا أَنَّ الثِّيَاب الْحَسَنَة تَزِيد فِي جَمَال الذَّات وَلَيْسَتْ مِنْهَا , كَذَا فِي النَّيْل ( فَيَضَع الْوُضُوء يَعْنِي مَوَاضِعه ) : أَرَادَ بِهِ إِسْبَاغ الْوُضُوء ( ثُمَّ يُكَبِّر ) : تَكْبِيرَة الْإِحْرَام ( وَيَحْمَد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَيُثْنِي عَلَيْهِ ) : وَفِي النَّسَائِيِّ يُمَجِّدهُ مَكَان يُثْنِي عَلَيْهِ وَفِيهِ وُجُوب تَكْبِير الِانْتِقَال فِي جَمِيع الْأَرْكَان وَوُجُوب التَّسْمِيع. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : الْمَحْفُوظ فِي هَذَا عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن خَلَّاد عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمّه رِفَاعَة بْن رَافِع كَمَا سَيَأْتِي. ( عَنْ عَمّه رِفَاعَة بْن رَافِع بِمَعْنَاهُ ) : أَيْ بِمَعْنَى الْحَدِيث الْمُتَقَدِّم ( حَتَّى يُسْبِغ الْوُضُوء كَمَا أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى ) : أَيْ فِي سُورَة الْمَائِدَة ( فَيَغْسِل وَجْهه وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَح بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) : الْمَشْهُور أَنَّ الْكَعْب هُوَ الْعَظْم النَّاشِز عِنْد مُلْتَقَى السَّاق وَالْقَدَم وَهُوَ الصَّحِيح , وَقَوْله رِجْلَيْهِ فِي حَالَة النَّصْب مَعْطُوف عَلَى وَجْهه أَيْ يَغْسِل رِجْلَيْهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ مِنْ الثِّقَة أَنَّ تَرْتِيب الْوُضُوء وَتَقْدِيم مَا قَدَّمَهُ اللَّه فِي الذِّكْر وَاجِب , وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : يُسْبِغ الْوُضُوء كَمَا أَمَرَهُ اللَّه ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ بِحَرْفِ الْفَاء الَّذِي يَقْتَضِي التَّعْقِيب مِنْ غَيْر تَرَاخٍ ( وَتَيَسَّرَ ) : هَذَا تَفْسِير لِقَوْلِهِ أَذِنَ لَهُ فِيهِ ( فَيَسْجُد فَيُمَكِّن وَجْهه قَالَ هَمَّام وَرُبَّمَا قَالَ ) : أَيْ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه ( جَبْهَته مِنْ الْأَرْض ) : يُقَال أَمْكَنْته مِنْ الشَّيْء وَمَكَّنْته مِنْهُ فَتَمَكَّنَ وَاسْتَمْكَنَ أَيْ قَوِيَ عَلَيْهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ السُّجُود لَا يُجْزِئ عَلَى غَيْر الْجَبْهَة وَأَنَّ مَنْ سَجَدَ عَلَى كَوْر الْعِمَامَة لَمْ يَسْجُد مَعَهَا عَلَى شَيْء مِنْ جَبْهَته لَمْ تُجْزِهِ صَلَاته ( حَتَّى تَطْمَئِنّ مَفَاصِله ) : جَمْع مَفْصِل وَهُوَ رُءُوس الْعِظَام وَالْعُرُوق ( وَتَسْتَرْخِي ) : أَيْ تَفْتُر وَتَضْعُف. ( ثُمَّ اِقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآن وَبِمَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَقْرَأ ) : قَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ الْمُسِيء مَنْ لَمْ يُوجِب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة , وَأُجِيبَ عَنْهُ بِهَذِهِ الرِّوَايَة الْمُصَرِّحَة بِأُمِّ الْقُرْآن ( فَضَعْ رَاحَتَيْك ) : أَيْ كَفَّيْك ( عَلَى رُكْبَتَيْك ) فِيهِ رَدّ عَلَى أَهْل التَّطْبِيق ( وَامْدُدْ ظَهْرك ) : أَيْ اُبْسُطْهُ ( فَمَكِّنْ ) : أَيْ يَدَيْك قَالَهُ الطِّيبِيُّ ( لِسُجُودِك ) : أَيْ اُسْجُدْ سُجُودًا تَامًّا مَعَ الطُّمَأْنِينَة. قَالَهُ اِبْن الْمَلَك. وَقَالَ اِبْن حَجَر : مَعْنَاهُ فَمَكِّنْ جَبْهَتك مِنْ مَسْجِدك فَيَجِب تَمْكِينهَا بِأَنْ يَتَحَامَل عَلَيْهَا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ تَحْتهَا قُطْن اِنْكَبَسَ ( فَإِذَا رَفَعْت ) : أَيْ رَأْسك مِنْ السُّجُود ( فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذك الْيُسْرَى ) : أَيْ نَاصِبًا قَدَمك الْيُمْنَى. قَالَ اِبْن حَجَر : أَيْ تَنْصِب رِجْلك الْيُمْنَى كَمَا بَيَّنَهُ بَقِيَّة الْأَحَادِيث السَّابِقَة , وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِافْتِرَاش بَيْن السَّجْدَتَيْنِ أَفْضَل مِنْ الْإِقْعَاء الْمَسْنُون بَيْنهمَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَر مِنْ أَحْوَاله عَلَيْهِ السَّلَام. ( فَإِذَا جَلَسْت فِي وَسَط الصَّلَاة ) : بِفَتْحِ السِّين. قَالَ فِي النِّهَايَة : يُقَال فِيمَا كَانَ مُتَفَرِّق الْأَجْزَاء غَيْر مُتَّصِل كَالنَّاسِ وَالدَّوَابّ بِسُكُونِ السِّين وَمَا كَانَ مُتَّصِل الْأَجْزَاء كَالدَّارِ وَالرَّأْس فَهُوَ بِالْفَتْحِ وَالْمُرَاد هَاهُنَا الْقُعُود لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّل فِي الرُّبَاعِيَّة وَيَلْحَق بِهِ الْأَوَّل فِي الثُّلَاثِيَّة ( فَاطْمَئِنَّ ) : يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ الْمُصَلِّي لَا يَشْرَع فِي التَّشَهُّد حَتَّى يَطْمَئِنّ يَعْنِي يَسْتَقِرّ كُلّ مَفْصِل فِي مَكَانه وَيَسْكُن مِنْ الْحَرَكَة ( وَافْتَرِشْ فَخِذك الْيُسْرَى ) : أَيْ أَلْقِهَا عَلَى الْأَرْض وَابْسُطْهَا كَالْفِرَاشِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا. وَالِافْتِرَاش فِي التَّشَهُّد الثَّانِي كَالْأَوَّلِ. وَالشَّافِعِيّ يَتَوَرَّك فِي الثَّانِي وَمَالِك يَتَوَرَّك فِيهِمَا كَذَا ذَكَرَهُ اِبْن رَسْلَان. وَفِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ إِنَّ السُّنَّة الِافْتِرَاش فِي الْجُلُوس لِلتَّشَهُّدِ الْأَوْسَط وَهُمْ الْجُمْهُور قَالَ اِبْن الْقَيِّم : وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْجِلْسَة غَيْر هَذِهِ الصِّفَة يَعْنِي الْفَرْش وَالنَّصْب. وَقَالَ مَالِك : يَتَوَرَّك فِيهِ لِحَدِيثِ اِبْن مَسْعُود أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْلِس فِي وَسَط الصَّلَاة وَفِي آخِرهَا مُتَوَرِّكًا. قَالَ اِبْن الْقَيِّم : لَمْ يُذْكَر عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّوَرُّك إِلَّا فِي التَّشَهُّد الْأَخِير. وَالْحَدِيث دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّشَهُّد الْأَوْسَط كَذَا فِي النَّيْل. ( قَالَ فِيهِ ) : أَيْ فِي الْحَدِيث ( كَمَا أَمَرَك اللَّه ) : أَيْ فِي سُورَة الْمَائِدَة ( ثُمَّ تَشَهَّدْ ) : أَيْ قُلْ أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلِّمْ بَعْد الْوُضُوء ( فَأَقِمْ ) : أَيْ الصَّلَاة. وَقِيلَ مَعْنَى تَشَهَّدْ إِذْن لِأَنَّهُ مُشْتَمِل عَلَى كَلِمَتَيْ الشَّهَادَة فَأَقِمْ عَلَى هَذَا يُرَاد بِهِ الْإِقَامَة لِلصَّلَاةِ كَذَا نَقَلَهُ مَيْرك عَنْ الْأَزْهَار. قَالَ اِبْن حَجَر : وَفِيهِ دَلَالَة ظَاهِرَة لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْأَذَان وَالْإِقَامَة عَلَى الْكِفَايَة , وَقِيلَ أَيْ أَحْضِرْ قَلْبك وَانْوِ وَكَبِّرْ فَأَقِمْ الصَّلَاة أَوْ أَحْضِرْ قَلْبك وَاسْتَقِمْ , كَذَا فِي الْمِرْقَاة.



