المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (719)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (719)]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُودِ فَقَالَ هِيَ السُّنَّةُ قَالَ قُلْنَا إِنَّا لَنَرَاهُ جُفَاءً بِالرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فِي الْإِقْعَاء عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُود ) : مَعْنَى الْإِقْعَاء هَاهُنَا أَنْ يَجْعَل إلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْن السَّجْدَتَيْنِ وَلَهُ مَعْنًى آخَر وَهُوَ أَنْ يُلْصِق إلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِب سَاقَيْهِ وَيَضَع يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض كَإِقْعَاءِ الْكَلْب , لَكِنَّ الْمُرَاد هَاهُنَا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّل كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله : عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُود ( إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاء بِالرَّجُلِ ) : قَالَ النَّوَوِيّ : ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الرَّاء وَضَمّ الْجِيم أَيْ بِالْإِنْسَانِ , وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيع رُوَاة مُسْلِم. قَالَ وَضَبَطَهُ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ بِكَسْرِ الرَّاء وَإِسْكَان الْجِيم. قَالَ أَبُو عُمَر وَمَنْ ضَمَّ الْجِيم فَقَدْ غَلِطَ , وَرَدَّ الْجُمْهُور عَلَى اِبْن عَبْد الْبَرّ وَقَالُوا : الصَّوَاب الضَّمّ وَهُوَ الَّذِي يَلِيق بِهِ إِضَافَة الْجَفَاء إِلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم ( فَقَالَ اِبْن عَبَّاس هِيَ سُنَّة نَبِيّك صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : اِعْلَمْ أَنَّ الْإِقْعَاء وَرَدَ فِيهِ حَدِيثَانِ : فَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ سُنَّة , وَفِي حَدِيث آخَر النَّهْي عَنْهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره مِنْ رِوَايَة عَلِيّ , وَابْن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَة أَنَس وَأَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى مِنْ رِوَايَة سَمُرَة وَأَبِي هُرَيْرَة , وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَة سَمُرَة وَأَنَس , وَأَسَانِيدهَا كُلّهَا ضَعِيفَة. وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي حُكْم الْإِقْعَاء وَفِي تَفْسِيره اِخْتِلَافًا كَثِيرًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيث , وَالصَّوَاب الَّذِي لَا مَعْدِل عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاء نَوْعَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يُلْصِق إلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِب سَاقَيْهِ وَيَضَع يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض كَإِقْعَاءِ الْكَلْب , هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى وَصَاحِبه أَبُو عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَام وَآخَرُونَ مِنْ أَهْل اللُّغَة وَهَذَا النَّوْع هُوَ الْمَكْرُوه الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّهْي. وَالنَّوْع الثَّانِي أَنْ يَحْمِل إلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْن السَّجْدَتَيْنِ , وَهَذَا هُوَ مُرَاد اِبْن عَبَّاس بِقَوْلِهِ سُنَّة نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِي الْبُوَيْطِيّ وَالْإِمْلَاء عَلَى اِسْتِحْبَابه فِي الْجُلُوس بَيْن السَّجْدَتَيْنِ , وَحَمَلَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا عَلَيْهِ جَمَاعَة مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ الْبَيْهَقِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاض وَآخَرُونَ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى. قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ رَوَى عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالسَّلَف أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ قَالَ وَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : مِنْ السُّنَّة أَنْ تُمِسّ عَقِبَيْك إلْيَتَيْك. فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي تَفْسِير حَدِيث اِبْن عَبَّاس. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه نَصَّ عَلَى اِسْتِحْبَابه بَيْن السَّجْدَتَيْنِ , وَلَهُ نَصّ آخَر وَهُوَ الْأَشْهَر أَنَّ السُّنَّة فِيهِ الِافْتِرَاش , وَحَاصِله أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَأَيّهمَا أَفْضَل فِيهِ قَوْلَانِ وَأَمَّا جِلْسَة التَّشَهُّد الْأَوَّل وَجِلْسَة الِاسْتِرَاحَة فَسُنَّتهمَا الِافْتِرَاش وَجِلْسَة التَّشَهُّد الْأَخِير السُّنَّة فِيهِ التَّوَرُّك. هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه. كَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ.



