المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (706)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (706)]
حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَفِينَا الْأَعْرَابِيُّ وَالْأَعْجَمِيُّ فَقَالَ اقْرَءُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ الْقِدْحُ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ
( وَفِينَا ) : أَيْ مَعْشَر الْقُرَّاء ( الْأَعْرَابِيّ ) : أَيْ الْبَدْوِيّ ( وَالْعَجَمِيّ ) : أَيْ غَيْر الْعَرَبِيّ مِنْ الْفَارِسِيّ وَالرُّومِيّ وَالْحَبَشِيّ كَسَلْمَان وَصُهَيْب وَبِلَال قَالَهُ الطِّيبِيُّ قَالَ الطِّيبِيُّ وَقَوْله فِينَا يَحْتَمِل اِحْتِمَالَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ كُلّهمْ مُنْحَصِرُونَ فِي هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ. وَثَانِيهمَا : أَنَّ فِينَا مَعْشَر الْعَرَب أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ فِيمَا بَيْننَا تَانِك الطَّائِفَتَانِ , وَهَذَا الْوَجْه أَظْهَر , لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَرَّقَ بَيْن الْأَعْرَابِيّ وَالْعَرَبِيّ بِمِثْلِ مَا فِي خُطْبَته مُهَاجِر لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ حَيْثُ جَعَلَ الْمُهَاجِر ضِدّ الْأَعْرَابِيّ , وَالْأَعْرَاب سَاكِنُو الْبَادِيَة مِنْ الْعَرَب الَّذِينَ لَا يُقِيمُونَ فِي الْأَمْصَار وَلَا يَدْخُلُونَهَا إِلَّا لِحَاجَةٍ , وَالْعَرَب اِسْم لِهَذَا الصِّنْف الْمَعْرُوف مِنْ النَّاس وَلَا وَاحِد لَهُ مِنْ لَفْظه سَوَاء أَقَامَ بِالْبَادِيَةِ أَوْ الْمُدُن اِنْتَهَى. وَحَاصِله أَنَّ الْعَرَب أَعَمّ مِنْ الْأَعْرَاب وَهُمْ أَخَصّ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { الْأَعْرَاب أَشَدّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَر أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُود مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى رَسُوله }. ( فَقَالَ اِقْرَءُوا ) : أَيْ كُلّكُمْ ( فَكُلّ حَسَن ) : أَيْ فَكُلّ وَاحِدَة مِنْ قِرَاءَتكُمْ حَسَنَة مَرْجُوَّة لِلثَّوَابِ إِذَا آثَرْتُمْ الْآجِلَة عَلَى الْعَاجِلَة , وَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُقِيمُوا أَلْسِنَتكُمْ إِقَامَة الْقِدْح وَهُوَ السَّهْم قَبْل أَنْ يُرَاشَ ( وَسَيَجِيءُ أَقْوَام يُقِيمُونَهُ ) : أَيْ يُصْلِحُونَ أَلْفَاظه وَكَلِمَاته وَيَتَكَلَّفُونَ فِي مُرَاعَاة مَخَارِجه وَصِفَاته ( كَمَا يُقَام الْقِدْح ) : أَيْ يُبَالِغُونَ فِي عَمَل الْقِرَاءَة كَمَال الْمُبَالَغَة لِأَجْلِ الرِّيَاء وَالسُّمْعَة وَالْمُبَاهَاة وَالشُّهْرَة. قَالَ الطِّيبِيُّ : وَفِي الْحَدِيث رَفْع الْحَرَج وَبِنَاء الْأَمْر عَلَى الْمُسَاهَلَة فِي الظَّاهِر , وَتَحَرِّي الْحِسْبَة وَالْإِخْلَاص فِي الْعَمَل , وَالتَّفَكُّر فِي مَعَانِي الْقُرْآن , وَالْغَوْص فِي عَجَائِب أَمْره ( يَتَعَجَّلُونَهُ ) : أَيْ ثَوَابه فِي الدُّنْيَا ( وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ ) : بِطَلَبِ الْأَجْر فِي الْعُقْبَى , بَلْ يُؤْثِرُونَ الْعَاجِلَة عَلَى الْآجِلَة , وَيَتَأَكَّلُونَ وَلَا يَتَوَكَّلُونَ.


