المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (664)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (664)]
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
( كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَة بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) : بِضَمِّ الدَّال عَلَى الْحِكَايَة , وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِذَلِكَ , فَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْفَاتِحَةِ وَهَذَا قَوْل مَنْ أَثْبَتَ الْفَاتِحَة فِي أَوَّلهَا , وَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِهَذَا اللَّفْظ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْحَدِيث , وَهَذَا قَوْل مَنْ نَفَى قِرَاءَة الْبَسْمَلَة , لَكِنْ لَا يَلْزَم مِنْ قَوْله كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْحَمْدِ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْرَءُوا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم سِرًّا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي لَفْظ حَدِيث أَنَس اِخْتِلَافًا كَثِيرًا فَفِي لَفْظ : "" فَلَمْ أَسْمَع أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم "" رَوَاهُ أَحْمَد وَمُسْلِم وَفِي لَفْظ : "" فَكَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم "" رَوَاهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ عَلَى شَرْط الصَّحِيح , وَفِي لَفْظ "" لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أَوَّل قِرَاءَة وَلَا فِي آخِرهَا "" رَوَاهُ مُسْلِم وَفِي لَفْظ "" فَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَة "" بِبِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم "" رَوَاهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي مُسْنَد أَبِيهِ , وَفِي لَفْظ "" كَانُوا يُسِرُّونَ "" رَوَاهُ اِبْن خُزَيْمَةَ قَالَ الْحَافِظ : وَاَلَّذِي يُمْكِن أَنْ يُجْمَع بِهِ مُخْتَلِف مَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَجْهَر بِهَا فَحَيْثُ جَاءَ عَنْ أَنَس أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرَؤُهَا مُرَاده نَفْي الْجَهْر , وَحَيْثُ جَاءَ عَنْهُ إِثْبَات الْقِرَاءَة فَمُرَاده السِّرّ , وَقَدْ وَرَدَ نَفْي الْجَهْر عَنْهُ صَرِيحًا فَهُوَ الْمُعْتَمَد , وَقَوْل أَنَس فِي رِوَايَة مُسْلِم "" لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أَوَّل قِرَاءَة وَلَا فِي آخِرهَا "" مَحْمُول عَلَى نَفْي الْجَهْر أَيْضًا لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِن نَفْيه , وَاعْتِمَاد مَنْ نَفَى مُطْلَقًا بِقَوْلِ : "" كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَة بِالْحَمْدُ "" لَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِح بِالتَّوَجُّهِ وَسُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْن خَطَايَايَ وَبِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار الدَّالَّة عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى قِرَاءَة الْفَاتِحَة شَيْئًا بَعْد التَّكْبِير , فَيُحْمَل قَوْله يَفْتَتِحُونَ أَيْ الْجَهْر لِتَأْتَلِف الْأَخْبَار اِنْتَهَى. وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُجْهَر بِبِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , وَهُمْ عَلَى مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ وَغَيْرهمْ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ التَّابِعِينَ , وَبِهِ يَقُول سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَابْن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق لَا يَرَوْنَ أَنْ يَجْهَر بِبِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , قَالُوا وَيَقُولهَا فِي نَفْسه. قَالَ الْخَطَّابِيّ : قَدْ يَحْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا يَرَى التَّسْمِيَة مِنْ فَاتِحَة الْكِتَاب وَلَيْسَ الْمَعْنَى كَمَا تَوَهَّمَهُ إِنَّمَا وَجْهه تَرْك الْجَهْر بِالتَّسْمِيَةِ بِدَلِيلِ مَا رَوَى ثَابِت عَنْ أَنَس أَنَّهُ قَالَ : "" صَلَّيْت خَلْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلْف أَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان فَلَمْ أَسْمَع أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَر بِبِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم "" اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ قَتَادَة , وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي عَوَانَة عَنْ قَتَادَة بِنَحْوِهِ.



