موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (663)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (663)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُمَارَةَ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو كَامِلٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الْوَاحِدِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُمَارَةَ ‏ ‏الْمَعْنَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي زُرْعَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ فَقُلْتُ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ أَخْبِرْنِي مَا تَقُولُ قَالَ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ أَنْقِنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنْ ‏ ‏الدَّنَسِ ‏ ‏اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ ‏


‏ ‏( إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاة سَكَتَ بَيْن التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة ) ‏ ‏: وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ "" يَسْكُت بَيْن التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة إِسْكَاتَة "" قَالَ الْحَافِظ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ أَوَّله مِنْ السُّكُوت. وَحَكَى الْكَرْمَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الرِّوَايَات بِضَمِّ أَوَّله مِنْ الْإِسْكَات. قَالَ الْجَوْهَرِيّ يُقَال تَكَلَّمَ الرَّجُل ثُمَّ سَكَتَ بِغَيْرِ أَلِف فَإِذَا اِنْقَطَعَ كَلَامه فَلَمْ يَتَكَلَّم قُلْت أَسْكَتَ اِنْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة إِفْعَاله مِنْ السُّكُوت وَلَا يُرَاد بِهِ تَرْك الْكَلَام بَلْ تَرْك رَفْع الصَّوْت لِقَوْلِهِ مَا تَقُول فِي إِسْكَاتك قَالَهُ الطِّيبِيُّ. أَوْ الْمُرَاد بِهِ السُّكُوت عَنْ الْقِرَاءَة لَا عَنْ الذِّكْر وَقَالَهُ الْأَبْهَرِيّ وَهُوَ الْأَظْهَر اِنْتَهَى ‏ ‏( بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ) ‏ ‏: قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : الْبَاء مُتَعَلِّقَة بِمَحْذُوفٍ قِيلَ هُوَ اِسْم فَيَكُون مَا بَعْده مَرْفُوعًا تَقْدِيره أَنْتَ مُفَدًّى بِأَبِي وَأُمِّي , وَقِيلَ هُوَ فِعْل أَيْ فَدَيْتُك وَمَا بَعْده مَنْصُوب وَحُذِفَ هَذَا الْقَدْر تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَال وَعِلْم الْمُخَاطَب ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ ‏ ‏( أَرَأَيْت ) ‏ ‏: الظَّاهِر أَنَّهُ يُفْتَح التَّاء بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي ‏ ‏( مَا تَقُول ) ‏ ‏: فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا لِكَوْنِهِ قَالَ مَا تَقُول وَلَمْ يَقُلْ هَلْ تَقُول , نَبَّهَ عَلَيْهِ اِبْن دَقِيق الْعِيد قَالَ وَلَعَلَّهُ اِسْتَدَلَّ عَلَى أَصْل الْقَوْل بِحَرَكَةِ الْفَم كَمَا اِسْتَدَلَّ غَيْره عَلَى الْقِرَاءَة بِاضْطِرَابِ اللِّحْيَة ‏ ‏( اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْن خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ) ‏ ‏: أَخْرَجَهُ مَخْرَج الْمُبَالَغَة لِأَنَّ الْمُفَاعَلَة إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُبَالَغَةِ فَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ. وَقِيلَ تُفِيد الْبُعْد مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْن خَطَايَايَ وَبَاعِدْ بَيْن خَطَايَايَ وَبَيْنِي. وَالْخَطَايَا إِمَّا أَنْ يُرَاد بِهَا اللَّاحِقَة فَمَعْنَاهُ إِذَا قُدِّرَ لِي ذَنْب فَبَعِّدْ بَيْنِي وَبَيْنه وَالْمَقْصُود مَا سَيَأْتِي , أَوْ السَّابِقَة فَمَعْنَاهُ الْمَحْو وَالْغُفْرَان لِمَا حَصَلَ مِنْهَا وَهُوَ مَجَاز لِأَنَّ حَقِيقَة الْمُبَاعَدَة إِنَّمَا هُوَ فِي الزَّمَان وَالْمَكَان وَمَوْقِع التَّشْبِيه أَنَّ اِلْتِقَاء الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب مُسْتَحِيل فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ اِقْتِرَاب بِالْكُلِّيَّةِ. وَكَرَّرَ لَفْظ بَيْن هُنَا وَلَمْ يُكَرِّر بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب لِأَنَّ الْعَطْف عَلَى الضَّمِير الْمَجْرُور يُعَاد فِيهِ الْجَارّ ‏ ‏( اللَّهُمَّ أَنْقِنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَض مِنْ الدَّنَس ) ‏ ‏: وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ "" اللَّهُمَّ نَقِّنِي "" قَالَ الْحَافِظ مَجَاز عَنْ زَوَال الذُّنُوب وَمَحْو أَثَرهَا. وَلَمَّا كَانَ الدَّنَس فِي الثَّوْب الْأَبْيَض أَظْهَر مِنْ غَيْره مِنْ الْأَلْوَان وَقَعَ التَّشْبِيه بِهِ. قَالَهُ اِبْن دَقِيق الْعِيد ‏ ‏( اللَّهُمَّ اِغْسِلْنِي بِالثَّلْجِ ) ‏ ‏: بِالسُّكُونِ ‏ ‏( وَالْمَاء وَالْبَرَد ) ‏ ‏: بِفَتْحَتَيْنِ. قَالَ الْخَطَّابِيّ : ذَكَرَ الثَّلْج وَالْبَرَد تَأْكِيدًا أَوْ لِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَمْ تَمَسّهُمَا الْأَيْدِي وَلَمْ يَمْتَهِنهُمَا الِاسْتِعْمَال وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ غَايَة الْمَحْو فَإِنَّ الثَّوْب الَّذِي يَتَكَرَّر عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَشْيَاء مُنْقِيَة يَكُون فِي غَايَة النَّقَاء. قَالَ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاء مَجَاز عَنْ صِفَة يَقَع بِهَا الْمَحْو وَكَأَنَّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا } وَأَشَارَ الطِّيبِيُّ إِلَى هَذَا بَحْثًا فَقَالَ يُمْكِن أَنْ يَكُون الْمَطْلُوب مِنْ ذِكْر الثَّلْج وَالْبَرَد بَعْد الْمَاء شُمُول أَنْوَاع الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة بَعْد الْعَفْو لِإِطْفَاءِ حَرَارَة عَذَاب النَّار الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الْحَرَارَة , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : بَرَّدَ اللَّه مَضْجَعه. أَيْ رَحِمَهُ وَوَقَاهُ عَذَاب النَّار اِنْتَهَى. وَيُؤَيِّدهُ وُرُود وَصْف الْمَاء بِالْبُرُودَةِ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى عِنْد مُسْلِم وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخَطَايَا بِمَنْزِلَةِ جَهَنَّم لِكَوْنِهَا مُسَبَّبَة عَنْهَا فَعَبَّرَ عَنْ إِطْفَاء حَرَارَتهَا بِالْغَسْلِ وَبَالَغَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَرِّدَات تَرَقِّيًا عَنْ الْمَاء إِلَى أَبْرَد مِنْهُ. قَالَهُ الْحَافِظ. ‏ ‏فَإِنْ قُلْت : الْغَسْل الْبَالِغ إِنَّمَا يَكُون بِالْمَاءِ الْحَارّ فَلِمَ ذُكِرَ ذَلِكَ ؟ قُلْت : قَالَ مُحْيِي السُّنَّة : مَعْنَاهُ طَهِّرْنِي مِنْ الذُّنُوب وَذَكَرَهَا مُبَالَغَة فِي التَّطْهِير لَا أَنَّهُ يَحْتَاج إِلَيْهَا. ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاة. وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء بَيْن التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِك , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الدُّعَاء فِي الصَّلَاة بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآن خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. ثُمَّ هَذَا الدُّعَاء صَدَرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَة فِي إِظْهَار الْعُبُودِيَّة , وَقِيلَ قَالَهُ عَلَى سَبِيل التَّعْلِيم لِأُمَّتِهِ , وَاعْتُرِضَ بِكَوْنِهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَجَهَرَ بِهِ , وَأُجِيبَ بِوُرُودِ الْأَمْر بِذَلِكَ فِي حَدِيث سَمُرَة عِنْد الْبَزَّار وَفِيهِ مَا كَانَ الصَّحَابَة عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَافَظَة عَلَى تَتَبُّع أَحْوَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَكَاته وَسَكَنَاته وَإِسْرَاره وَإِعْلَانه حَتَّى حَفِظَ اللَّه بِهِمْ الدِّين. كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!