المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (655)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (655)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي التَّهَجُّدِ يَقُولُ بَعْدَ مَا يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ
( أَنْتَ نُور السَّمَوَات وَالْأَرْض ) : أَيْ مُنَوِّرهمَا وَخَالِق نُورهمَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد مَعْنَاهُ بِنُورِك يَهْتَدِي أَهْل السَّمَوَات وَالْأَرْض ( أَنْتَ قَيَّام السَّمَوَات وَالْأَرْض ) : وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ : قَيِّم السَّمَوَات وَالْأَرْض. قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء مِنْ صِفَاته الْقَيَّام وَالْقَيِّم , كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث , وَالْقَيُّوم بِنَصِّ الْقُرْآن , وَقَائِم , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِم عَلَى كُلّ نَفْس } قَالَ الْهَرَوِيُّ : وَيُقَال : قَوَّام. قَالَ اِبْن عَبَّاس : الْقَيُّوم الَّذِي لَا يَزُول. وَقَالَ غَيْره : هُوَ الْقَائِم عَلَى كُلّ شَيْء , وَمَعْنَاهُ مُدَبِّر أَمْر خَلْقه , وَهُمَا شَائِعَانِ فِي تَفْسِير الْآيَة وَالْحَدِيث ( أَنْتَ رَبّ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ ) : قَالَ الْعُلَمَاء لِلرَّبِّ ثَلَاث مَعَانٍ فِي اللُّغَة , السَّيِّد الْمُطَاع , وَالْمُصْلِح , وَالْمَالِك. قَالَ بَعْضهمْ : إِذَا كَانَ بِمَعْنَى السَّيِّد الْمُطَاع فَشَرْط الْمَرْبُوب أَنْ يَكُون مِمَّنْ يَعْقِل وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَطَّابِيّ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحّ أَنْ يُقَال سَيِّد الْجِبَال وَالشَّجَر. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هَذَا الشَّرْط فَاسِد بَلْ الْجَمِيع مُطِيع لَهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى. قَالَ اللَّه تَعَالَى { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }. ( أَنْتَ الْحَقّ ) : قَالَ الْعُلَمَاء : الْحَقّ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى مَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّق وُجُوده وَكُلّ شَيْء صَحَّ وُجُوده وَتَحَقَّقَ فَهُوَ حَقّ وَمِنْهُ الْحَاقَّة أَيْ الْكَائِنَة حَقًّا بِغَيْرِ شَكّ ( وَقَوْلك الْحَقّ وَوَعْدك الْحَقّ إِلَخْ ) : أَيْ كُلّه مُتَحَقِّق لَا شَكّ فِيهِ , وَالْمُرَاد بِلِقَائِك الْبَعْث لَا الْمَوْت ( لَك أَسْلَمْت ) : أَيْ لَك اِسْتَسْلَمْت وَانْقَدْت لِأَمْرِك وَنَهْيك ( وَبِك آمَنْت ) : أَيْ صَدَّقْت بِك وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرْت وَأَمَرْت وَنَهَيْت ( وَإِلَيْك أَنَبْت ) : أَيْ أَطَعْت وَرَجَعْت إِلَى عِبَادَتك أَيْ أَقْبَلْت عَلَيْهَا , وَقِيلَ مَعْنَاهُ رَجَعْت إِلَيْك فِي تَدْبِيرِي , أَيْ فَوَّضْت إِلَيْك ( وَبِك خَاصَمْت ) : أَيْ بِمَا أَعْطَيْتنِي مِنْ الْبَرَاهِين وَالْقُوَّة خَاصَمْت مَنْ عَانَدَ فِيك وَكَفَر بِك وَقَمَعْته بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْف ( وَإِلَيْك حَاكَمْت ) : أَيْ كُلّ مَنْ جَحَدَ الْحَقّ حَاكَمْته إِلَيْك وَجَعَلْتُك الْحَاكِم بَيْنِي وَبَيْنه لَا غَيْرك مِمَّا كَانَتْ تَحَاكَم إِلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة وَغَيْرهمْ , مِنْ صَنَم وَكَاهِن وَنَار وَشَيْطَان وَغَيْرهَا فَلَا أَرْضَى إِلَّا بِحُكْمِك وَلَا أَعْتَمِد غَيْره ( فَاغْفِرْ لِي ) : مَعْنَى سُؤَاله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْفِرَة وأَنَّا مَعَ أَنَّهُ مَغْفُور لَهُ أَنَّهُ يَسْأَل ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَخُضُوعًا وَإِشْفَاقًا وَإِجْلَالًا وَلِيُقْتَدَى بِهِ فِي أَصْل الدُّعَاء وَالْخُضُوع وَحُسْن التَّضَرُّع فِي هَذَا الدُّعَاء الْمُعَيَّن. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.


