المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (59)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (59)]
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ قَالَ أَبُو دَاوُد حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَقَفَهُ عَنْ عَاصِمٍ
( قُلَّتَيْنِ ) : وَالْمُرَاد مِنْ الْقِلَال قِلَال هَجَرَ لِكَثْرَةِ اِسْتِعْمَال الْعَرَب لَهَا فِي أَشْعَارهمْ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْد فِي كِتَاب الطُّهُور , وَكَذَلِكَ وَرَدَ التَّقَيُّد بِهَا فِي الْحَدِيث الصَّحِيح قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَة السُّنَن وَالْآثَار : قِلَال هَجَرَ كَانَتْ مَشْهُورَة عِنْد أَهْل الْحِجَاز وَلِشُهْرَتِهَا عِنْدهمْ شَبَّهَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى لَيْلَة الْمِعْرَاج مِنْ نَبْقِ سِدْرَة الْمُنْتَهَى بِقِلَالِ هَجَرَ , فَقَالَ : مِثْل آذَان الْفِيلَة وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَال هَجَرَ. وَاعْتِذَار الطَّحَاوِيّ فِي تَرْك الْحَدِيث أَصْلًا بِأَنَّهُ لَا يَعْلَم مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَا يَكُون عُذْرًا عِنْد مَنْ عَلِمَهُ. اِنْتَهَى ( فَإِنَّهُ ) : أَيْ الْمَاء ( لَا يُنَجَّس ) : بِفَتْحِ الْجِيم وَضَمّهَا وَهَذَا مُفَسِّر لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِل الْخَبَث. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. وَسُئِلَ يَحْيَى بْن مَعِين عَنْ حَدِيث حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَاصِم بْن الْمُنْذِر فَقَالَ : هَذَا جَيِّد الْإِسْنَاد , فَقِيلَ لَهُ : فَإِنَّ اِبْن عُلَيَّة لَمْ يَرْفَعهُ , قَالَ يَحْيَى : وَإِنْ لَمْ يَحْفَظهُ ابْن عُلَيَّة , فَالْحَدِيث حَدِيث جَيِّد الْإِسْنَاد. وَقَالَ أَبُو بَكْر الْبَيْهَقِيُّ : وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح مَوْصُول. اِنْتَهَى ( حَمَّاد بْن زَيْد وَقَفَهُ عَنْ عَاصِم ) : قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنه : خَالَفَهُ حَمَّاد بْن زَيْد فَرَوَاهُ عَنْ عَاصِم بْن الْمُنْذِر عَنْ أَبِي بَكْر بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفًا غَيْر مَرْفُوع , وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة عَنْ عَاصِم بْن الْمُنْذِر عَنْ رَجُل لَمْ يُسَمِّهِ عَنْ اِبْن عُمَر مَوْقُوفًا أَيْضًا. اِنْتَهَى. وَقَدْ سَلَف آنِفًا مَا يُجَاب عَنْ هَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيث الْقُلَّتَيْنِ صَحِيح ثَابِت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْمُول بِهِ. قَالَ يَحْيَى بْن مَعِين : جَيِّد الْإِسْنَاد وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إِسْنَاد صَحِيح مَوْصُول , وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان وَالْحَاكِم , وَقَالَ اِبْن مَنْدَهْ : هُوَ صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِم , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه : قَالَ أَبُو عِيسَى وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاق قَالُوا : إِذَا كَانَ الْمَاء قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسهُ شَيْء مَا لَمْ يَتَغَيَّر رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ , وَقَالُوا : يَكُون نَحْوًا مِنْ خَمْس قِرَب. وَفِي الْمُحَلَّى شَرْح الْمُوَطَّأ : وَقَالَ الشَّافِعِيّ : مَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ فَهُوَ كَثِير لَا يُنَجَّس بِوُقُوعِ النَّجَاسَة , وَبِهِ قَالَ إِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد وَأَبُو ثَوْر وَجَمَاعَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث , مِنْهُمْ اِبْن خُزَيْمَةَ اِنْتَهَى. وَأَمَّا الْجَرْح فِي حَدِيث الْقُلَّتَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَافِظ بْن عَبْد الْبَرّ وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق وَغَيْرهمَا , فَلَا يُقْبَل جَرْحُهُمْ إِلَّا بِبَيَانٍ وَاضِح وَحُجَّة بَالِغَة. وَقَدْ حَقَّقَ شَيْخنَا الْعَلَّامَةُ الْأَجَلُّ الْأَكْمَل السَّيِّد مُحَمَّد نَذِير حُسَيْن الْمُحَدِّث الدَّهْلَوِيّ هَذَا الْمَبْحَث بِمَا لَا مَزِيد عَلَيْهِ وَقَالَ فِي آخِره : وَبِهَذَا التَّحْقِيق اِنْدَفَعَ مَا قَالَ بَعْض قَاصِرِي الْأَنْظَار الْمَعْذُورِينَ فِي بَعْض الْحَوَاشِي عَلَى بَعْض الْكُتُب , وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَرْح مُقَدَّم عَلَى التَّعْدِيل فَلَا يُدَافِعُهُ تَصْحِيحُ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ لَهُ مِنْ ذِكْره اِبْنَ حَجَرٍ وَغَيْرَهُ. وَوَجْه الِانْدِفَاع لَا يَخْفَى عَلَيْك بَعْد التَّأَمُّل الصَّادِق أَلَا تَرَى أَنَّ تَقْدِيم الْجَرْح عَلَى التَّعْدِيل فَرْع لِوُجُودِ الْجَرْح , وَقَدْ نَفَيْنَاهُ لِعَدَمِ وُجُود وَجْهه وَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَنْثُورًا , فَأَيْنَ الْمُقَدَّم وَأَيْنَ التَّقْدِيم , وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ وَجْه الِاضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد وَالْمَتْن وَالْمَبْنَى فَقَدْ نَفَيْنَا الِاضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد وَسَنَنْفِي الْأَخِيرَيْنِ. وَقَدْ قَالَ الشَّيْخ مُحِبّ اللَّه الْبَهَارِيّ فِي الْمُسْلِم : إِذَا تَعَارَضَ الْجَرْح وَالتَّعْدِيل فَالتَّقْدِيم لِلْجَرْحِ مُطْلَقًا , وَقِيلَ بَلْ لِلتَّعْدِيلِ عِنْد زِيَادَة الْمُعَدِّلِينَ , وَمَحَلّ الْخِلَاف إِذَا أَطْلَقَا أَوْ عَيَّنَ الْجَارِحُ شَيْئًا لَمْ يَنْفِهِ الْمُعَدِّلُ أَوْ نَفَاهُ لَا بِيَقِينٍ , وَأَمَّا إِذَا نَفَاهُ يَقِينًا فَالْمَصِير إِلَى التَّرْجِيح اِتِّفَاقًا. وَقَالَ الْعَلَوِيّ فِي حَاشِيَته عَلَى شَرْح النُّخْبَة : نَعَمْ إِنْ عَيَّنَ سَبَبًا نَفَاهُ الْمُعَدِّل بِطَرِيقٍ مُعْتَبَر فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ. اِنْتَهَى. فَثَبَتَ صُلُوح مُعَارَضَة الْجَرْح لِلتَّعْدِيلِ ثُمَّ التَّرْجِيح لِلتَّعْدِيلِ لِجَوْدَةِ الْأَسَانِيد مِنْ حَيْثُ ثِقَاة الرُّوَاة. اِنْتَهَى كَلَامه.


