المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (517)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (517)]
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قُومُوا فَلَأُصَلِّيَ لَكُمْ قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( أَنَّ جَدَّته مُلَيْكَة ) : قَالَ أَبُو عُمَر النَّمَرِيّ قَوْله جَدَّته مُلَيْكَة أُمّ مَالِك لِقَوْلِهِ وَالضَّمِير الَّذِي فِي جَدَّته هُوَ عَائِد عَلَى إِسْحَاق وَهِيَ جَدَّة إِسْحَاق أُمّ أَبِيهِ عَبْد اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة وَهِيَ أُمّ سُلَيْمٍ بِنْت مِلْحَان زَوْج أَبِي طَلْحَة الْأَنْصَارِيّ وَهِيَ أُمّ أَنَس بْن مَالِك. وَقَالَ غَيْره : الضَّمِير يَعُود عَلَى أَنَس بْن مَالِك وَهُوَ الْقَائِل إِنَّ جَدَّته وَهِيَ جَدَّة أَنَس بْن مَالِك أُمّ أُمّه وَاسْمهَا مُلَيْكَة بِنْت مَالِك بْن عَدِيّ , وَيُؤَيِّد مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَان فِي بَعْض طُرُق هَذَا الْحَدِيث "" أَنَّ أُمّ سُلَيْمٍ سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيهَا "" أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه. كَذَا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصه ( فَقُمْت إِلَى حَصِير ) : قَالَ فِي النِّهَايَة : الْحَصِير الَّذِي يُبْسَط فِي الْبُيُوت ( قَدْ اِسْوَدَّ مِنْ طُول مَا لُبِسَ ) : أَيْ اُسْتُعْمِلَ وَفِيهِ أَنَّ الِافْتِرَاش يُسَمَّى لُبْسًا ( فَنَضَحْته بِمَاءٍ ) : أَيْ رَشَشْته , وَالنَّضْح الرَّشّ. قَالَ النَّوَوِيّ : قَالُوا اِسْوِدَاده لِطُولِ زَمَنه وَكَثْرَة اِسْتِعْمَاله وَإِنَّمَا نَضَحَهُ لِيَلِينَ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ جَرِيد النَّخْل كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَيَذْهَب عَنْهُ الْغُبَار وَنَحْوه هَكَذَا فَسَّرَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل الْمَالِكِيّ وَآخَرُونَ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض الْأَظْهَر أَنَّهُ كَانَ لِلشَّكِّ فِي نَجَاسَته وَهَذَا عَلَى مَذْهَبه فَإِنَّ النَّجَاسَة الْمَشْكُوك فِيهَا تَطْهُر بِنَضْحِهَا مِنْ غَيْر غَسْل , وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّ الطَّهَارَة لَا تَحْصُل إِلَّا بِالْغَسْلِ , فَالْمُخْتَار التَّأْوِيل الْأَوَّل. اِنْتَهَى ( وَصَفَفْت أَنَا وَالْيَتِيم وَرَاءَهُ ) : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْيَتِيم هُوَ اِبْن أَبِي ضُمَيْرَة مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِيهِ صُحْبَة , وَعِدَادهمَا فِي أَهْل الْمَدِينَة ( وَالْعَجُوز ) : هِيَ مُلَيْكَة الْمَذْكُورَة أَوَّلًا ( ثُمَّ اِنْصَرَفَ ) : قَالَ الْحَافِظ أَيْ إِلَى بَيْته أَوْ مِنْ الصَّلَاة. قَالَ الْخَطَّابِيّ : قُلْت فِيهِ مِنْ الْفِقْه جَوَاز صَلَاة الْجَمَاعَة فِي التَّطَوُّع وَفِيهِ جَوَاز صَلَاة الْمُنْفَرِد خَلْف الصَّفّ لِأَنَّ الْمَرْأَة قَامَتْ وَحْدهَا مِنْ وَرَائِهِمَا , وَفِيهِ دَلِيل أَنَّ إِمَامَة الْمَرْأَة لِلرِّجَالِ غَيْر جَائِزَة لِأَنَّهَا لَمَّا زَحَمَتْ عَنْ مُسَاوَاتهمْ مِنْ مَقَام الصَّفّ كَانَتْ مِنْ أَنْ تَتَقَدَّمهُمْ أَبْعَد , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب تَرْتِيب مَوَاقِف الْمَأْمُومِينَ وَأَنَّ الْأَفْضَل يُقَدَّم عَلَى مَنْ دُونه فِي الْفَضْل , وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَام وَالنُّهَى "". وَعَلَى هَذَا الْقِيَاس إِذَا صَلَّى عَلَى جَمَاعَة مِنْ الْمَوْتَى فِيهِمْ رِجَال وَنِسَاء وَصِبْيَان وَخَنَاثَى فَإِنَّ الْأَفْضَلِينَ مِنْهُمْ يَلُونَ الْإِمَام فَيَكُون الرِّجَال أَقْرَبهمْ مِنْهُ ثُمَّ الصِّبْيَان ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسْوَانِ , وَإِنْ دُفِنُوا فِي قَبْر وَاحِد كَانَ أَفْضَلهمْ أَقْرَبهمْ إِلَى الْقِبْلَة ثُمَّ الَّذِي يَلِيه هُوَ أَفْضَل وَتَكُون الْمَرْأَة آخِرهمْ إِلَّا أَنَّهُ يَكُون بَيْنهَا وَبَيْن الرِّجَال حَاجِز مِنْ لَبِن أَوْ نَحْوه. اِنْتَهَى.



